icon
التغطية الحية

"جدل العلم والسياسة".. خريجو جامعات دمشق وحلب يواجهون الرفض في إدلب

2023.08.05 | 06:32 دمشق

جامعة إدلب
إدلب ـ حباء شحادة
+A
حجم الخط
-A

سعادة أبٍ بتخرج ابنته في جامعة تقع في مناطق سيطرة النظام السوري وفخره بتكريمها من قبل جامعة تقع في مناطق سيطرة المعارضة، أدت لانطلاق زوبعة احتجاجات طلابية خلال الأيام الأخيرة من شهر تموز الماضي، وكلفت الدكتور الجامعي وظيفته، مع إصدار السلطات في إدلب جملة من القرارات التي تخص "التحقيق" بالواقعة، ومقترحة فصل كل مدرس يثبت أن لديه ابناً أو ابنة في الجامعات التي تقع على الطرف الآخر من خطوط التماس.

رفض خريجي الجامعات في مناطق سيطرة النظام، غير مرتبط بمستواها التعليمي وإنما بسبب موقعها وخضوعها لقرارات حكومة النظام، والذي اعتبر المحتجون أن بقاء الطلاب فيها "يكسب النظام الشرعية" ويساعده على إخفاء انتهاكاته ضد السوريين وراء مظهر العِلم.

لكن على الجانب الآخر أثارت تلك الاحتجاجات خوف وخشية الخريجين الذين انتقلوا إلى إدلب بعد إنهاء دراستهم وحصولهم على شهادات تملك اعترافاً دولياً يؤهلهم لاستكمال دراساتهم العليا والتوظيف في أي مكان، حتى ضمن مناطق المعارضة.

"فصل العلم عن السياسة"

أثارت مفارقة تكريم الدكتور عبد الرازق الحسين عميد كلية الهندسة المعمارية في جامعة إدلب لابنته التي تخرجت  بالاختصاص ذاته من جامعة "إيبلا" الواقعة في حلب، موجة من الانتقادات من الناشطين الذين اتهموه بعدم الإيمان بكفاءة الجامعة التي افتتحت عام 2015 بعد وقوع إدلب تحت سيطرة الفصائل المعارضة وافتتحت كلياتها تباعاً خلال السنوات الماضية.

وتجمع طلاب كلية الهندسة أمام رئاسة جامعة إدلب، في 30 من تموز الماضي، مطالبين بمحاسبة كل من كان له صلة بتكريم أو توظيف خريجي جامعات دمشق وحلب وغيرها بما فيهم رئيس الجامعة الدكتور أحمد أبو حجر.

حاول موقع "تلفزيون سوريا" التواصل مع عدد من الطلاب الذين عادوا بعد إتمام الدراسة في مناطق سيطرة النظام السوري إلى إدلب خلال العامين الماضيين، وكان الموقف المشترك بينهم هو الخوف وخشية التعريف عن النفس بسبب حملات الاحتجاج التي اشتعلت في تشرين الثاني من العام الماضي ومجدداً نهاية شهر تموز، والتي لامها بعضهم لعدم تمكنهم من الحصول على وظائف باختصاصاتهم.

محمد، برر دراسته في مناطق سيطرة النظام بعدم وجود كلية للفرع الذي أراده ضمن جامعة إدلب حينها، "لا يعني إن درس أحدهم هنا أو عند النظام أن موقفه مع الطرف الذي درس في مناطقه"، حسبما قال لموقع "تلفزيون سوريا"، مشيراً إلى استغرابه من تلك الاحتجاجات.

طالبة أخرى، طلبت عدم ذكر اسمها، اعتبرت أنها ضحية لتلك الحملات، مع عدم تمكنها من الحصول على عمل بأي من المنظمات أو المؤسسات الموجودة في المنطقة بسبب رفض شهادتها الصادرة عن جامعات دمشق وحلب واللاذقية وحمص.. ، في حين امتنع طالب آخر، تمكن من الحصول على وظيفة بعد أشهر قليلة من وصوله من مناطق النظام، الإجابة عن الأسئلة الموجهة إليه حول رأيه بالجدل المستمر.

"سهولة" حصول خريجي الجامعات في مناطق سيطرة النظام مقارنة بغيرهم على الوظائف في المنظمات والمؤسسات العاملة في المنطقة، كانت من ضمن حجج الناشطين الذين بدؤوا حملاتهم لدعم خريجي جامعة إدلب ومناطق سيطرة المعارضة مطالبين بمنحهم الأولوية في فرص العمل والاعتراف بأهمية شهاداتهم.

جامعة إدلب.. مؤسسة "ثورية"

وصف مدير العلاقات الإعلامية في "حكومة الإنقاذ"، ملهم الأحمد، جامعة إدلب بـ"الجامعة الثورية بامتياز"، مضيفاً أن التعليم فيها لا ينفصل عن الثورة، في حين لم يلم رئاستها على ما جرى من أحداث أخيرة، وبرر وجود مدرسين لهم أبناء يدرسون في مناطق النظام أو هم أنفسهم من الخريجين الجدد لتلك الجامعات بـ"الهفوات" وقال إن "أي موظف موجود ضمن المؤسسات الثورية يجب أن يكون ولاؤه الثوري قبل أي شيء".

وتناقل ناشطون نبأ فصل مدرس من خريجي عام 2020 من كوادر الجامعة، بعد يومين من استقالة الدكتور عبد الرزاق الحسين الذي أكد في بيان نشرته الصفحات المحلية على أن ما حصل "كان بحسن نية".

"النظام حاربنا بالمدارس والجامعات قبل السلاح وكم الأفواه"، قال الناشط وطالب كلية الهندسة المدنية في جامعة إدلب قصي الشبيب، واصفاً جامعات ومدارس في مناطق سيطرة النظام بأنها "تربي أسس البعث والدكتاتورية والعبودية".

اقرأ أيضا: آلاف الطلاب الموفدين إلى الخارج يرفضون العودة إلى سوريا

برأي قصي فإن "الأولى" بطلاب جامعات النظام ترك مقاعدهم، إذ خلال دراستهم يعتقل النظام السوري الطلبة ويقتلهم وينفيهم ويمنعهم من الدراسة، مشيراً إلى أنه تخلى عن اختصاصه بالهندسة الطبوغرافية الذي كان يدرسه عام 2012 بعد تعرضه للتهديد ضمن الجامعة، واضطر لتغيير الاختصاص بعد انقطاع طويل لعدم توفره في جامعة إدلب.

انضمام قصي للاحتجاجات كان لاعتقاده بعدم أحقية من درس في الجامعات ضمن مناطق النظام، أن يأخذ مكان من خسر جامعته نتيجة موقفه الثوري، وبرأيه فإن مكان الدراسة يشير إلى أن الطالب لا مشكلة لديه مع ما يحدث من إجرام.

هدف جامعة إدلب، حسبما ذكر موقعها الإلكتروني، هو "تأمين الخريج الجامعي المختص والمؤهل بالعلوم اللازمة في سوق العمل"، مع افتتاحها لـ19 كلية وسبعة معاهد، يدرس فيها 18 ألف طالب وطالبة.

وفي حين تعمل الجامعة على الانضمام للاتحاد والجمعيات التعليمية وتوقيع الاتفاقيات مع الجامعات الخارجية إلا أنها لا تحظى بالاعتراف الكامل بعد، ما يثير خشية الطلاب من ضياع جهودهم الدراسية، خاصة وأن المنظمات العالمية والمحلية العاملة في المنطقة تشترط الشهادة الجامعية للتوظيف ضمن مؤسساتها.

واعتبر مدير العلاقات العامة في مجلس الوزارء التابع لـ"الإنقاذ"، جمال الشحود، قرار وقف الإجراءات المتعلقة بشهادات خريجي جامعات النظام الصادرة نهاية عام 2016، من معادلة للشهادات ومنح لتراخيص مزاولة المهن، والذي صدر بعد احتجاجات طلابية على قرار للجامعة بقبول امتحان الطلبة الخريجين من جامعات حلب ودمشق وغيرها.. للحصول على رخص اعتمادهم المهنية، "كان من الحرص على تأمين فرص العمل لخريجي الجامعات والمعاهد في المناطق المحررة".