قالت وكالة رويترز إن سوريا ودولا أخرى في الشرق الأوسط تواجه أزمة يمكن أن تؤجج مزيدا من الاضطرابات في المنطقة، حيث تتنافس المجتمعات على موارد المياه المتضائلة.
وتعرض جزء كبير من ما يعرف باسم "الهلال الخصيب"، وهو قوس يمتد من البحر المتوسط إلى الخليج حيث تطورت الزراعة منذ أكثر من عشرة آلاف عام، للدمار بفعل انخفاض هطول الأمطار وعقود من الصراع وتراجع تدفق المياه عبر نهري دجلة والفرات.
ووفقا للجنة الإنقاذ الدولية، فقد شهدت سوريا أسوأ موجة جفاف لها في أكثر من 70 عاما في عام 2021، مع تضرر المحاصيل في أرجاء البلاد بشدة.
وقدّر المزارع السوري ومختار قرية البالعة في ريف إدلب مزلف المزلف أن حقوله استقبلت نصف كمية الأمطار التي هطلت في السنوات الماضية.
وقال: "بالأصل المناخ أصبح جافا، يعني جافا بشكل لا يتصوره العقل، يعني كانت قديما المياه عندما نحفر 20 مترا أو 50 مترا تظهر المياه الجوفية والسطحية، أما اليوم فلا يوجد هذا الشيء نهائيا، اعتمدنا على زراعة الحبوب حتى الحبوب لم تعد تنجح لأنها تحتاج إلى مياه أمطار، وسبحان الله حتى الأمطار خفت والثلوج خفت".
نهر الفرات
وانخفضت مستويات مياه السدود على نهر الفرات بما يصل إلى خمسة أمتار في البلاد، مما أدى إلى تراجع الاحتياطيات وزاد من صعوبة حصول المزارعين على إمدادات من مخزون المياه المتبقية.
وقالت رويترز إن اتهامات وجهت لتركيا بقطع تدفق مياه النهر خلال العامين الماضيين إلى نصف المستوى الذي التزمت به في اتفاق عام 1987، وهو ما تنفيه أنقرة.
وقال المهندس أحمد أوسو من إدارة السدود في شمال شرقي سوريا "خلال العامين الماضيين تعمد الجانب التركي خفض كمية المياه التي كانت تتدفق عبر نهر الفرات إلى الجانب السوري بحدود 250 مترا مكعبا بالثانية. هذه نسبة قليلة بالرغم من أن سوريا كانت حاصلة على موافقة دولية 500 متر مكعب بالثانية مما أدى إلى نقص حاد في مناسيب بحيرة الفرات وتشرين والحرية. اليوم نتحدث عن انخفاض بحيرة تشرين بحدود أربعة أمتار عامودي وبحيرة الفرات خمسة أمتار وهذا أثر بشكل كبير على الحياة البشرية في المنطقة سواء كان طاقة كهربائية أو الري أو مياه الشرب، فانخفضت عدد ساعات التشغيل للمواطنين إلى خمس ساعات تشغيل باليوم بدلا من 24 ساعة".
انحسار المياه
وعلى ضفاف نهر الفرات التي جفت في الآونة الأخيرة في شمالي سوريا، أخذ المزارع أحمد حمود (33 عاما) يتحسر على الحال الآن قائلا "هذه التلة كانت مياه النهر هنا وعندما كنا نريد أن نذهب إلى التلة كنا بحاجة إلى قارب صغير أو شختور للعبور والوصول إلى تلك التلة، أما الآن فقد نذهب إلى التلة بالمشي لأن مساحة النهر أصبحت قليلة ما يقارب 300 أو 350 مترا إلى أن نصل إلى التلة".
وأضاف حمود "لدينا الآن نحو 70 دونما، خسرنا كثيرا، لم نعد نستطيع سقايتها، ليس لدينا إمكانيات مالية لكي نشتري الخراطيم بعد ابتعاد المياه من أرضنا وأثرت علينا بشكل كبير".
وبالطبع أثر تراجع مستوى المياه أيضا على الماشية كما يروي راعي الأغنام موسى الشيخو "أدى إلى نقص عدد المواشي. كنت أملك قرابة 70 خروفا أما اليوم فأملك عشرة خراف".
يذكر أن الثورة السورية عام 2011 اندلعت في أعقاب فترة جفاف طويلة أثرت على المحاصيل الزراعية والماشية ودفعت الناس إلى النزوح إلى المدن.
وقال المهندس عبد الخالق الشيخ رئيس دائرة قياس المناسيب المائية بوزارة الزراعة بحكومة الإنقاذ "التغير المناخي الذي لاحظناه هو تقريبا انخفاض معدل الهطول المطري، في الحقيقة قبل عشر سنوات أو 15 سنة كان معدل الهطول المطري في محافظة إدلب تقريبا 500 مليمتر أما في الموسمين الأخيرين التي كان فيها قياس معدلات الهطول بشكل دقيق فقد لاحظنا انخفاضا واضحا وخطيرا تقريبا في معدل الهطول، حيث بلغ في الموسم قبل الماضي نحو 70 في المئة من نسبة الهطول".
وقالت لجنة علوم المناخ التابعة للأمم المتحدة في نيسان إن الاضطرابات السكانية مرتبطة بشكل مباشر بالجفاف رغم أنها رأت أن الانتفاضة كانت على الأرجح ستندلع على أي حال.