وثق تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان، اليوم الأحد، مقتل 91 مدنياً واعتقال 186 شخصاً في سوريا خلال شهر آب الماضي، إضافةً إلى مقتل 11 مدنياً بينهم خمسة أطفال من جراء الألغام الأرضية.
وذكر التقرير الذي وثق أبرز انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا خلال شهر آب أن الأدلة التي جمعها تشير إلى أن الهجمات وجهت ضد المدنيين وأعيان مدنية، وقد ارتكبت قوات النظام وروسيا جرائم متنوعة من القتل خارج نطاق القانون، إلى الاعتقال والتعذيب والإخفاء القسري، كما تسببت هجماتها وعمليات القصف العشوائي في تدمير المنشآت والأبنية، مشيراً إلى وجود أسباب معقولة تحمل على الاعتقاد بأنَّه تم ارتكاب جريمة الحرب المتمثلة في الهجوم على المدنيين في كثير من الحالات.
وقال التقرير إنه اعتمد في توثيقه على عمليات المراقبة المستمرة للحوادث والأخبار وعلى شبكة علاقات واسعة مع عشرات المصادر المتنوِّعة، إضافةً إلى تحليل عدد كبير من الصور والمقاطع المصورة.
القتلى المدنيون من جراء القصف
وأشار التقرير إلى أنه وثق خلال شهر آب مقتل 91 مدنياً، بينهم 28 طفلاً وسيدتان (أنثى بالغة)، من بين الضحايا شخص من الكوادر الإعلامية، وارتكاب مجزرة واحدة، وذلك على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا.
وأكد ازدياد وتيرة القصف المدفعي الذي نفذته قوات النظام السوري على منطقة إدلب في شمال غربي سوريا، حيث تركز هذا القصف على القرى والبلدات القريبة من خط التماس مع فصائل في المعارضة المسلحة.
كما أشار إلى تعرض بلدات وقرى ريف إدلب الشمالي والجنوبي والغربي البعيدة عن خطوط التماس لهجمات أرضية من قبل قوات النظام السوري، بالإضافة إلى استمرار القوات الروسية في تنفيذ طلعات وهجمات جوية على منطقة شمال غربي سوريا.
ووفقاً للتقرير فإن شهر آب شهد ما لا يقل عن 3 حوادث اعتداء على مراكز حيويَّة مدنيَّة، جميعها في محافظة حلب، كانت اثنتان من هذه الهجمات على منشأة تعليمية وواحدة على سوق.
إضافةً إلى ذلك شهد شهر آب ازدياداً في التصعيد الذي تشهده مناطق في محافظة درعا من قبل قوات النظام، حيث قامت مدفعية هذه القوات بقصف مدينة طفس بريف محافظة درعا الغربي بقذائف الهاون في العاشر من آب، متسبباً في إصابة عدد من المدنيين.
كما رصد، ازدياد الهجمات الأرضية التي تشنها "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) على مناطق ريف حلب الشمالي الغربي والشرقي وتصاعد في وتيرة القصف الصاروخي من المناطق الخاضعة لسيطرة مشتركة بين قوات النظام و"قسد" شمالي حلب، حيث تعرضت مدينة الباب في ريف محافظة حلب الشرقي يوم 19 آب لهجوم أسفر عن مجزرة راح ضحيتها 16 مدنياً.
كذلك سجل التقرير ازدياداً في وتيرة الاشتباكات بين العشائر في مناطق سيطرة "قسد" في آب مقارنةً بأشهر سابقة، والتي أدت إلى مقتل ما لا يقل عن 13 شخصاً وحرق عشرات المنازل.
الاعتقال التعسفي في سوريا
ووفقاً للتقرير فإنَّ ما لا يقل عن 186 حالة اعتقال تعسفي بينها 17 طفلاً، و11 سيدة (أنثى بالغة) قد تم تسجيلها على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا في آب، كانت النسبة الأكبر منها على يد قوات النظام السوري في محافظات دمشق تليها ريف دمشق ثم
درعا، إضافةً إلى تسجيل مقتل 7 أشخاص بسبب التعذيب.
,حول عمليات الاغتيال خلال شهر آب قال التقرير إنه وثق تنفيذ عدة عمليات اغتيال لعدد من المدنيين على يد مسلحين لم يتمكن التقرير من تحديد هويتهم، معظمهم في محافظة درعا، إضافةً إلى استمرار عمليات الاغتيال في مخيم الهول، حيث رصد التقرير مقتل 3 مدنيين.
ووثق التقرير أيضاً سقوط ضحايا مدنيين بسبب الألغام ومخلفات الذخائر في محافظات ومناطق متفرقة في سوريا، حيث بلغت حصيلة ضحايا الألغام في آب 11 مدنياً بينهم خمسة أطفال، لتصبح حصيلة ضحايا الألغام منذ بداية عام 2022، 101 مدنياً بينهم 50 طفلاً و9 سيدات.
تراجع الوضع الاقتصادي والخدمي في سوريا
ووفقاً للتقرير فقد استمر تدهور الوضع الاقتصادي والمعيشي والخدمي في عموم مناطق سوريا، حيث لا تزال المناطق الخاضعة لسيطرة قوات النظام السوري تعاني من الارتفاع المطرد في أسعار المواد المعيشية، مع استمرار أزمة الكهرباء في تلك المناطق من جراء استمرار سياسة التقنين في ساعات وصل الكهرباء وقد قامت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في حكومة النظام السوري، في آب، بتخفيض مخصصات الخبز الأسبوعية الموزعة عبر البطاقة الإلكترونية لفئة الشخص الواحد والشخصين.
كما رصد التقرير رفع حكومة النظام السوري سعر ليتر البنزين (أوكتان 90) المدعوم والمتسلّم على البطاقة الإلكترونية، بنسبة بلغت 230 في المئة عن سعرها السابق، كما رفعت سعر ليتر البنزين (أوكتان 95)، وتسبب ارتفاع أسعار المحروقات وغيابها في الأسواق بأزمة مواصلات زادت من معاناة المواطنين، كما تعاني المشافي والمراكز الطبية الحكومية التابعة للنظام السوري من أزمة فقدان الأدوية والمستلزمات الطبية.
وفي شمال غربي سوريا، قال التقرير إن معاناة المدنيين من غلاء أسعار المواد الغذائية والتموينية والمحروقات ما زالت مستمرة، في ظل شبه نقص كبير في القوة الشرائية بسبب انتشار البطالة وارتفاع نسبة الفقر وخصوصاً في المناطق التي تضم مخيمات النازحين إضافة إلى انخفاض أجرة اليد العاملة.
كما أكد التقرير، استمرار معاناة النازحين شمال غربي سوريا على الصعيدين المعيشي والإنساني، وخصوصاً في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية وازدياد حجم الاحتياجات ووصولها إلى مستويات قياسية مع تراجع الدعم المطلوب لتغطية تلك الاحتياجات، وانعدام شبه كامل في فرص العمل.
وأشار إلى أن مدينة منبج شرقي مدينة حلب، شهدت على مدار شهر آب، حركات احتجاجية ضد ممارسات "قسد" لا سيما اختطاف الأطفال، وفي شمال شرقي سوريا، استمر الوضع في المنطقة بالتدهور في ظل توتر الأوضاع الأمنية وانعدام الأمن وانتشار الفساد الإداري.
الأوضاع في المخيمات السورية
ووثق التقرير اندلاع حريقين في مخيمات شمال شرقي سوريا أسفرت عن مقتل 3 أطفال، ومغادرة الدفعة الثالثة والعشرين والمؤلفة من 77 عائلة نازحة من أبناء دير الزور من مخيم الهول باتجاه محافظة دير الزور منذ قرار "الإدارة الذاتية" التابعة لـ "قسد" بإفراغ المخيم.
وفي مخيم الركبان رصد التقرير تفاقم معاناة الأهالي هناك في شهري تموز وآب، حيث تسبب ارتفاع درجات الحرارة بتفاقم تداعيات تخفيض كمية المياه الصالحة للشرب إلى النصف تقريباً، والتي كانت تدخل عبر الحدود الأردنية بدعم من منظمة اليونيسف، منذ أيار الماضي، وبشكلٍ أصبح يُهدّد حياة سكان المخيم.
وأضاف أنه في 16 آب الماضي توقف الفرن الذي يزود قاطني المخيم بالخبز عن العمل بسبب انقطاع دخول إمدادات الطحين بشكل كامل عن المخيم من جراء تشديد قوات النظام السوري حصارها له الذي ما زال مستمراً حتى لحظة إعداد التقرير.
مطالبات بمحاسبة منتهكي حقوق الإنسان في سوريا
وطالب التَّقرير مجلس الأمن باتخاذ إجراءات إضافية بعد صدور القرار رقم 2254 وشدَّد على ضرورة إحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحاسبة جميع المتورطين، بمن فيهم النظام الروسي بعد أن ثبت تورطه في ارتكاب جرائم حرب.
كما أوصى التقرير مجلس الأمن بإصدار قرار خاص بحظر استخدام الذخائر العنقودية والألغام في سوريا على غرار حظر استخدام الأسلحة الكيميائية وأن يتضمَّن نقاطاً لكيفية نزع مخلفات تلك الأسلحة الخطيرة.
وأكد التقرير على ضرورة توقُّف النظام السوري عن عمليات القصف العشوائي واستهداف المناطق السكنية والمستشفيات والمدارس والأسواق واستخدام الذخائر المحرمة والبراميل المتفجرة، والامتثال لقرارات مجلس الأمن الدولي والقانون العرفي الإنساني.
كما طالب الدُّول الداعمة لـ "قسد" بالضغط عليها لوقف تجاوزاتها كلها في جميع المناطق والبلدات التي تُسيطر عليها، وأضاف أن على "قسد" التوقف الفوري عن تجنيد الأطفال ومحاسبة الضباط المتورطين في ذلك، والتعهد بإعادة جميع الأطفال، الذين تم اعتقالهم بهدف عمليات التجنيد فوراً.
وأوصى التقرير المعارضة المسلحة والجيش الوطني بضمان حماية المدنيين في جميع المناطق، وضرورة التمييز بين الأهداف العسكرية والأهداف المدنية والامتناع عن أية هجمات عشوائية.
وشدَّد التقرير أخيراً على ضرورة قيام المنظمات الإنسانية بوضع خطط تنفيذية عاجلة بهدف تأمين مراكز إيواء كريمة للمشردين داخلياً. وتزويد المنشآت والآليات المشمولة بالرعاية كالمنشآت الطبية والمدارس وسيارات الإسعاف بعلامات فارقة يمكن تمييزها من مسافات بعيدة.