باتت سوريا أكبر دولة مخدرات في العالم، حيث تبين بأن مادة الأمفيتامين التي تُعرف باسم الكبتاغون، شريان الحياة الاقتصادي وأكبر منتَج تصديري، يكسب أكثر من 90 في المئة من العملة الأجنبية للنظام السوري.
وبحسب تقرير لموقع ((the print الإخباري، فإن قاموس كولينز يعرّف "دولة المخدرات" بأنها بلد يشكل فيه الاتجار غير المشروع بالمخدرات جزءًا كبيرًا من الاقتصاد. أما الكبتاغون، فهو منشط اصطناعي يتكون من الأمفيتامين والكافيين، وهو عقار غير قانوني معترف به دوليًا (وفق تعريف مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، عام 2021).
الكبتاغون كعقار
ويوضّح التقرير أن شركة أدوية ألمانية قدمت الكبتاغون لأول مرة في عام 1961، لعلاج الحالات الصحية مثل اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة، والخدر، والاكتئاب. ومع ذلك، بعد بضع سنوات، أدرك العلماء خصائص الدواء التي تسبب الإدمان وآثاره الضارة على الصحة العقلية والبدنية، ولذلك تم حظره.
ويعدّ الكبتاغون من أشهر العقاقير الترويحية (حبوب الحفلات) بين الشباب في دول الخليج. كما أنه يستخدم من قبل الرجال المسلحين للشعور بالمناعة التي يخلقها ولهذا السبب يطلق عليه أحيانًا "كابتن الشجاعة" أو "جرعة سحرية جهادية".
علاوة على ذلك، يتم استخدامه من قبل أخصائيي الحميات والطلاب الذين يكدحون في الامتحانات والأشخاص الذين يتعين عليهم العمل في نوبتين أو في الليل أو القيام بوظيفتين لتغطية نفقاتهم.
أسعار الكبتاغون
ويفيد التقرير بأن سعر الحبوب يمكن أن يكون في وقت التصنيع دولارًا واحدًا فقط، ولكن نظرًا لأنه يتعين عليها عبور طرق ونقاط تفتيش مختلفة للوصول إلى المشترين، يجب دفع الكثير من الرشاوى من قبل المهربين والجنود والشرطة السرية وأمراء الحرب المختلفين، ومسؤولي الجمارك الفاسدين وبالتالي يرتفع سعره إلى 14-20 دولارًا أمريكيًا.
وبحسب الخبراء، فإن سوريا هي الدولة التي تنتج حاليًا أكبر كميات من الكبتاغون والتي يتم تصديرها بشكل أساسي إلى منطقة الخليج. نظرًا لأن العديد من الدول قد فرضت عقوبات أو أوقفت التجارة مع سوريا في أعقاب القمع الوحشي للمتظاهرين من قبل نظام الأسد في عام 2011، فقد كثف النظام، بالتعاون مع "حزب الله" اللبناني، إنتاج وتصدير المخدرات بشكل أساسي إلى دول الخليج.
قانون "كبتاغون الأسد"
اتخذ النمو في إنتاج واستخدام المخدرات غير المشروعة أبعادًا تنذر بالخطر لدرجة أن الولايات المتحدة قدمت العام الماضي قانون الكبتاغون، الذي ربط تجارتها بنظام الأسد في سوريا ووصفته بأنه "تهديد أمني عابر للحدود الوطنية".
عمليات تهريب الكبتاغون
تم العثور على حبوب الكبتاغون مخبأة في عبوات الحليب ولفائف الكرتون وعلب البيض وصناديق الفاكهة الطازجة والآلات. كما تم العثور عليهم مدفونين في شحنات الشاي والحليب، بينما يفاجئ المهربون السلطات باستمرار وهم يخفون الحبوب في أماكن بعيدة الاحتمال.
أفاد مركز التحليل والأبحاث العملياتية في عام 2021 أن نظام الأسد حوّل سوريا إلى "مركز عالمي لإنتاج الكبتاغون، وهو الآن أكثر تصنيعًا وتكيفًا وتطورًا تقنيًا من أي وقت مضى".
وهناك عدة تقارير في كل عام حول مصادرة الملايين من حبوب الكبتاغون. أكبر ضبطية حدثت في ميناء باليرمو بإيطاليا في تموز 2020، عندما صادرت الشرطة الإيطالية سفينة قادمة من ميناء اللاذقية السوري، أكثر من 84 مليون حبة كبتاغون، تزن نحو 15 طناً وتقدر قيمتها السوقية بمليار دولار.
في آب 2022، صادر ضباط الجمارك في ميناء أمبارلي بإسطنبول 12.3 مليون حبة كبتاغون، يبلغ وزنها الإجمالي 2.09 طن. تم اكتشاف الحبوب في حاوية شحن.
في الشهر التالي، صادرت السلطات السعودية نحو 47 مليون حبة من المخدرات غير المشروعة كانت مخبأة في شحنة دقيق وتم ضبطها في مستودع بالعاصمة الرياض.
وفي كانون الأول الماضي، ضبط مسؤولو الجمارك الأردنية طنًا من حبوب الأمفيتامين كان يتم تهريبها في معجون التمر على الحدود مع العراق. تم العثور على ما مجموعه 6 ملايين حبة كبتاغون داخل شاحنتي تبريد.
وضبطت قوات الأمن اللبنانية قبل أيام قليلة نحو 10 ملايين حبة كبتاغون كان من المقرر تهريبها إلى السنغال ثم إلى السعودية.
النظام السوري يجني 3 أضعاف ما تجنيه العصابات المكسيكية
ويذكر التقرير أنه بين الحين والآخر يحاول النظام في سوريا أن يُظهر للعالم أنه يحاول مكافحة إنتاج وتصدير الكبتاغون من أراضيه. في 29 حزيران 2022، استولت وحدات مكافحة المخدرات السورية على كمية قياسية قدرها 2.3 طن من الكبتاغون، بينما اكتشفت في وقت سابق، في عملية دهم، 249 كيلوغرامًا من الكبتاغون مخبأة في آلات فولاذية داخل حاويات جاهزة لمغادرة ميناء اللاذقية على البحر المتوسط.
وفرضت حكومة المملكة المتحدة مؤخرًا عقوبات جديدة على نظام بشار الأسد، مؤكدة أن المخدرات هي شريان الحياة للدولة السورية، حيث تقدر أنها تجني نحو 57 مليار دولار من صادرات الكبتاغون غير القانونية، وهو مبلغ يساوي نحو ثلاثة أضعاف التجارة المجمّعة من عصابات المخدرات المكسيكية.
من الحقائق المعروفة الآن أن شخصيات قوية مرتبطة بشكل وثيق ببشار الأسد متورطة في جميع مراحل إنتاج وتهريب وتوزيع الكبتاغون. وفقًا لتقرير نيويورك تايمز، يشرف ماهر الأسد شقيق رئيس النظام السوري، والذي يقود الفرقة الرابعة المدرعة، على الكثير من إنتاج وتوزيع الكبتاغون.
الكبتاغون والتطبيع
ويرى التقرير أن بشار الأسد يمكنه استخدام السيطرة على إنتاج وتصدير حبوب الكبتاغون كورقة مساومة في علاقاته مع دول الخليج التي تفكر فيما إذا كانت ستقبل عودة سوريا إلى الصف العربي. يمكنه أن يعد بخفض إنتاج وتصدير الكبتاغون، إذا أعادت هذه الدول وخاصة المملكة العربية السعودية، العلاقات الدبلوماسية الكاملة مع دمشق. خلاف ذلك، يمكنه إغراقهم بكميات إضافية ضخمة من المخدرات المسببة للإدمان.
مع ذلك، وبصرف النظر عن الوعود التي قد يعطيها للقادة العرب، فمن غير المرجح أن يتوقف بشار الأسد تمامًا عن إنتاج الكبتاغون في سوريا، حيث يعد هذا العقار شريان الحياة لنظامه وأكبر منتج تصديري له.