رأت منظمة "الأرشيف السوري" أن الغارات الروسية التي استهدفت محطات للمياه ومداجن في ريف إدلب مطلع كانون الثاني الماضي، كانت تهدف إلى "طرد النازحين"، مشيرة إلى أنها "قد ترقى لجريمة حرب".
ولفتت المنظمة في تقرير لها، إلى أن الروس وقوات النظام باتوا يستخدمون أساليب جديدة لاستهداف المدنيين في المناطق الخارجة عن سيطرتهم في محافظة إدلب.
وتناول تقرير المنظمة التي تعمل على رصد وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا ومقرها برلين، تفاصيل القصف الذي استهدف محطة مياه "العرشاني" غربي إدلب، ويشتبه أن طائرات روسية قد نفذته في الثاني من كانون الثاني الماضي، في منتصف النهار.
وتغذي محطة العرشاني مناطق في محافظة إدلب بالمياه، إذ تزود نحو 225 ألفاً في المنطقة التي يعيش فيها نحو 2,8 مليون شخص، نصفهم نزح من مناطق المعارك والقصف في سوريا رافضين البقاء تحت سيطرة النظام.
ومنذ قصف المحطة، استخدمت منظمة الأرشيف السوري تقنيات عدّة للتحقق من معلومات مفتوحة المصدر وما يقرب من مئة دليل مرئي، بما فيها صور وتسجيلات مصورة، لتشكيل صورة كاملة لما حدث في ذلك اليوم.
ووفقا للأمم المتحدة فإن عدد النازحين داخليا في شمال غرب سوريا يقدر بـ 2,8 مليون شخص من بينهم 1,7 مليون يعيشون في مخيمات مزدحمة حول إدلب. وفي سياق متصل، قالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن ثلاثة أرباع السكان يعتمدون على المساعدة الإنسانية جراء الصعوبات الاقتصادية وتردي البنى التحتية.
A water station in northwest #Syria was badly damaged today in a bombing raid.
— Mark Cutts (@MarkCutts) January 2, 2022
The country is already facing a water crisis & continued destruction of civilian infrastructure will only cause more suffering of civilians. Attacks on civilians & civilian infrastructure must stop! pic.twitter.com/mqhQYPnHnE
وذكر التقرير أن محطة المياه التي تعرضت للقصف "كانت بعيدة عن أي موقع يمكن اعتباره هدفاً عسكرياً". ونقل عن (حمود- اسم مستعار) الباحث في المنظمة والذي فضل عدم الكشف عن هويته لأسباب قال إنها أمنية، إن "المكان يقع في منطقة بعيدة جداً".
ونقلت وكالة رويترز في كانون الثاني عن "شهود عيان" قولهم إن طائرات حربية روسية قصفت المحطة فيما راجعت منظمة "الأرشيف السوري" هذه التقارير وقارنتها بالبيانات الخاصة بتتبع الطلعات والرحلات الجوية من مصادر مختلفة.
ووفق التقرير، فإن طائرة روسية يُرجّح أنها من طراز "سوخوي 22" كانت تحلق في المنطقة ساعة الهجوم. ولم ترد وزارة الدفاع الروسية والسفارة الروسية في دمشق على استفسارات شبكة DW الألمانية التي تابعت تفاصيل التقرير، والتي أفادت بسقوط قنبلتين أدّى إلى إصابة عامل في المحطة التي تم إصلاحها لاحقاً لتعود إلى العمل مجدداً.
ونقلت DW عن المسؤولة عن التقرير ومديرة مشروع الأرشيف السوري (حنين- اسم مستعار) قولها إن "الهجوم على البنى التحتية مثل استهداف محطة مياه العرشاني من المرجح أن يكون تكتيكاً للضغط على المدنيين أو إجبارهم على مغادرة المنطقة".
وأضافت حنين أن القصف الذي طال محطة المياه "ليس مجرد هجوم، إذ إنه يؤثر سلباً على إمكانية العيش وسبل الحياة في هذه المنطقة"، مضيفة أن مثل هذه الغارات تفاقم من الوضع الإنساني الصعب للنازحين في إدلب.
استهداف مزرعة دواجن
ذكرت المنظمة أنه ما بين الـ11 من تشرين الثاني والـ4 من كانون الثاني الماضيين، استهدفت غارات جوية سبع مزارع حول إدلب معظمها خاص بتربية الدواجن، وواحدة منها لتربية الأبقار.
ونقلت عن "الخوذ البيضاء" أن الغارات أسفرت عن مقتل ثمانية مدنيين وإصابة 11 آخرين مع نفوق عشرات الآلاف من الطيور، مضيفة أن قصف هذه المزارع يهدد "مصادر عيش مئات العائلات".
وشددت المنظمة على أن تدمير المزارع وغيرها من المنشآت الزراعية يؤدي إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية بشكل عام، وهو ما يثقل كاهل الملايين من النازحين السوريين في المنطقة خاصة في ظل ندرة الحصول على عمل.
جرائم حرب
وتندرج أعمال القصف التي تستهدف محطات المياه أو مزارع الدواجن تحت خانة "جرائم حرب"، ما يمهد الطريق أمام رفع دعاوى خاصة. والقانون الدولي الإنساني يحظر الهجمات على البنية التحتية المدنية في مناطق النزاع المسلح بما يشمل ذلك محطات المياه.
وقالت الباحثة القانونية في المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان، آن شروتر، إن مبدأ حظر استهداف البنية التحتية المدنية يمكن تطبيقه على مزارع الدواجن في إدلب بشكل ضمني.
وأضافت أن هذه الهجمات "يمكن أن ترقى لأن تكون جرائم حرب في حالة اعتبار هذه المزارع مناطق مدنية أو بنية تحتية مدنية، على أساس أنه لم يتم استخدامها لأغراض عسكرية" وفق ما نقل التقرير.