بعد عامٍ ونيّف من اعتقال قوات سوريا الديمقراطية (قسد) لقائد "مجلس دير الزور العسكري" التابع لها، المدعو "أحمد الخبيل"، المعروف باسم "أبو خولة الخبيل"، وتفكيك مجلسه العسكري، أوكلت قسد مهمة قيادة ما تبقى من المجلس -مؤقتًا- لـ"تركي الضاري" المعروف باسم "أبو الليث خشام"، ريثما يتم تعيين قائد جديد له.
الجدير بالذكر أن "أبو الليث خشام" كان في البداية معارضًا لعملية قسد "تعزيز الأمن" لتفكيك المجلس، وقد أصيب خلال معاركه ضدها، لكنه عاد إلى صفوف قسد بعد سيطرتها على كامل مناطق نفوذها مجددًا، وإجبار ما تبقى من مقاتلي العشائر على الانتقال إلى مناطق سيطرة النظام على الضفة الأخرى من نهر الفرات.
أعلنت قسد أمس الاثنين، عبر قائدها العام "مظلوم عبدي" وأعضاء قيادتها (روهلات عفرين، ولقمان خليل)، بعد سلسلة من الاجتماعات كان آخرها أمس في القاعدة الأميركية بحقل العمر النفطي، عن تعيين قائد جديد لـ"مجلس دير الزور العسكري" مع مجموعة من القادة المحليين، للإشراف على مجالس عسكرية في أربع نواحٍ من ريف دير الزور.
وقد أوكلت قيادة المجلس للمدعو "عايد تركي الخبيل"، المعروف باسم "أبو علي فولاذ"، وهو ابن عم القائد السابق "أحمد الخبيل أبو خولة". كما تم تعيين "تركي الضاري أبو الليث خشام" و"فراس الداوود" لقيادة "مجلس الكسرة العسكري"، و"عبد الكريم الفندي" و"ماجد السندي" لقيادة "مجلس الصور العسكري"، و"إبراهيم جاسم العاصي" و"عز الدين أحمد عطا الله" لقيادة "مجلس هجين العسكري"، و"موسى الصلاح" و"وضاح المشرف" لقيادة "مجلس البصيرة العسكري".
من هو القائد الجديد لمجلس دير الزور العسكري؟
"عايد تركي الخبيل" من مواليد قرية "الربيضة" التابعة لمدينة البصيرة شمال شرقي دير الزور، يُلقب بـ"أبو علي فولاذ"، ولا يجيد القراءة أو الكتابة بحسب مقربين. انضم إلى قسد في منتصف عام 2016 بعد أن دعاه ابن عمه "أحمد الخبيل أبو خولة"، الذي كان قد انضم إلى قسد قبل أشهر، ليعمل كقائد لفوج ناحية "الصوَّر"، في حين تولى شقيقه "عبد الله" منصب نائب القائد في الناحية ذاتها.
وفي سجل "عايد" العديد من ملفات الفساد، أبرزها عمليات سرقة النفط والمحاصيل الزراعية وتهريبها إلى مناطق سيطرة النظام على الضفة الأخرى من نهر الفرات منذ مطلع عام 2021 وحتى آب 2023. كما كان شريكًا لابن عمه "أحمد الخبيل" في عدد من عمليات اختطاف المدنيين وتعذيبهم في فيلّا "أحمد الخبيل" بمنطقة "الربيضة"، بزعم أنهم أساؤوا لـ"أحمد الخبيل" ومجلسه العسكري.
وقد اعتقلته قسد مع قادة المجلس في الحادثة الشهيرة باستراحة "الوزير" بالحسكة، في بداية حربها لتفكيك "مجلس دير الزور العسكري" في 27 آب 2023. ظهر بعد أسبوع من اعتقاله في فيديو مع حملة "تعزيز الأمن" خلال معاركهم ضد "مجلس دير الزور العسكري" ومقاتلي العشائر، معلنًا التزامه بقرارات قسد ومشاريعها. رابط الفيديو.
لم يُعتبر تعيين "عايد" قائدًا للمجلس العسكري قرارًا مفاجئًا، خاصة بعد استدعائه في نيسان/أبريل الماضي إلى القاعدة الأميركية في مدينة الشدادي جنوبي الحسكة، ولقائه بقادة قسد وجنرالات أميركيين، حيث تشاور مع بعض أصدقائه بعد الاجتماع بشأن احتمال تعيينه من قِبل قسد أو التحالف الدولي قائدًا للمجلس خلفًا لابن عمه الأسير.
على الرغم من أن القادة في المجالس العسكرية من أبناء محافظة دير الزور، إلا أن قسد باتت أكثر حذرًا من أي وقت مضى، بعد أن وصلت إلى طريق مسدود مع المجلس العسكري الذي خرج عن طاعة قسد في عدة مناسبات، وكان بعض أفراده البالغ عددهم نحو 20 ألف مقاتل يدعمون المظاهرات الرافضة لبعض قرارات قسد والإدارة الذاتية.
وقبل تعيين "عايد"، جهّزت قسد اثنين من قادتها الكرد (بيرتان قامشلو وسليم ديريك) ليكونا القادة الفعليين للمجلس، بينما أصبح "أبو علي فولاذ" قائدًا شكليًا بصلاحيات محدودة. يُفهم من خلط تعيين قادة المجالس الأخرى في غير مناطق نشأتهم أن قسد تسعى إلى إشعال صراعات عشائرية أو مناطقية لإشغال سكان المنطقة بأنفسهم بعيدًا عن مشاريع قسد.
تعتزم قسد فتح أبواب الانتساب لصفوفها وتفعيل مكاتب الدفاع الذاتي (التجنيد الإجباري) لتعبئة صفوفها ضمن الهيكلية الجديدة. كما تنوي تقديم بعض الامتيازات لعناصرها، مثل زيادة الرواتب، لإعادة ضبط المنطقة من نشاط خلايا تنظيم الدولة ومكافحة تسللات مقاتلي العشائر من مناطق النظام.
يبلغ عدد عناصر "مجلس دير الزور العسكري" نحو 7000 عنصر بعد انشقاق أكثر من نصفهم وانضمام البعض إلى ميليشيات عشائرية مدعومة من النظام أو الميليشيات الإيرانية، ثم عودة عدد قليل منهم بعد أن استقرت الأمور لصالح قسد.