يَمثل مهرب سوري يبلغ من العمر 25 عاماً، منذ الثلاثاء الفائت، أمام محكمة مدينة تراونشتاين الإقليمية في ولاية بافاريا جنوبي ألمانيا، بتهمة قتل سبعة لاجئين، خلال عملية تهريبهم من النمسا إلى ألمانيا.
ويواجه المتهم المولود في العاصمة السورية دمشق، تهمة القتل لسبعة أشخاص، بالإضافة إلى تهمة محاولة قتل 15 آخرين وجرائم أخرى، إذ نقل 22 لاجئاً في حافلة صغيرة مصممة لتسعة أشخاص فقط، وحاول إدخالهم إلى ألمانيا، وفق ما أوردت وكالة الأنباء الألمانية.
وأفاد المتهم عبر محاميه عند بدء المحاكمة أنّه "لم يكن يريد أن يتعرض أحد للأذى أو القتل"، واعترف بمسؤوليته عن عمليات التهريب، بما في ذلك ثلاث رحلات أخرى غير تلك التي انتهت بحادثة القتل.
"بسبب مشاكل اللغة قرر العمل كمهرب"
وبحسب الادعاء العام، فإنّ "المتهم الذي يعيش في النمسا، كان ينقل في صباح 13 تشرين الأول من العام الفائت، طالبي لجوء سوريين وأتراك، من النمسا إلى ألمانيا، وكان ثلاثة (كشافين) في سيارة أخرى لتأمين عملية التهريب".
وأشار المدعي العام ماركوس أندريه إلى أن "المتهم كان يدرك أن المهاجرين غير المحميين يمكن أن يتعرضوا لإصابات خطيرة أو مميتة في حالة وقوع حادث، لكنه كان يسعى لكسب المال من خلال هذا العمل".
وقال إن "المشتبه به حصل على حوالي 14 ألف يورو من ثلاث عمليات تهريب سابقة، وخلال هذه الرحلات، نقل 46 شخصاً إلى ولاية بافاريا في ظروف اعتبرت خطيرة للغاية، وما يزال من غير الواضح كم كان سيحصل على المال في الرحلة الأخيرة".
وأضاف أن "المتهم كان قد عمل سابقاً كسائق توصيل طرود براتب 1900 يورو شهرياً، لكنه استقال من هذا العمل ليحاول تعلم مهنة أخرى، وكان يريد أن يصبح نجاراً، لكن مشاكله مع اللغة حالت دون ذلك".
مشاهد مأساوية
في تلك الليلة من تشرين الأول، لاحظت دورية مدنية الحافلة الصغيرة وطلبت من السائق التوقف، لكن وفقاً للادعاء، زاد السائق من السرعة وانطلق بسرعة 180 كيلومتراً في الساعة على الطريق السريع باتجاه ميونيخ، وعلى أحد المخارج اصطدم بحاجز التصادم، وانقلبت السيارة، وتوفي على إثرها سبعة مهاجرين، من بينهم طفل في السادسة من عمره، وأصيب الـ15 بجروح، بعضها خطيرة.
وأفاد ضابط الشرطة في السيارة المدنية للمحكمة، بأنه بعد عدة مناورات خطيرة، قرر مع زميلته الانتظار للحصول على دعم، وقال إنه "لم يرغب في محاولة التجاوز مرة أخرى لتجنب حدوث موقف خطير آخر".
وبعد وقوع الحادث، رأى رجال الشرطة وعناصر الإنقاذ الذين وصلوا فيما بعد مشهداً فوضوياً، إذ كان هناك أشخاص يصرخون، وبعضهم مصاب بجروح خطيرة، بالإضافة إلى وجود قتلى. ووصفت ضابطة الشرطة التي كانت تتولى عملية المطاردة مع زميلها، وكانت من بين أوائل الواصلين إلى مكان الحادث، الوضع بأنه كان "مأساوياً".
وأُصيب أحد الأشخاص بتلف دائم في الدماغ، مما جعله غير قادر على التواصل أو الحركة، وهو يتلقى الآن رعاية طبية مكثفة، في حين المتهم، الذي كان يرتدي حزام الأمان، أصيب بكسر في الذراع وبعض الكدمات فقط.
ازدياد حوادث التهريب
حضرت جلسة المحاكمة، ابنة عم أحد القتلى الأتراك، كممثلة عن والديه بصفتهما مدعيين مشاركين، وقالت إنّ "ابن عمها كان لديه حلم ببناء حياة هنا".
وأشارت إلى أنه "كان بإمكانه تحقيق ذلك من خلال تأشيرة عمل باعتباره حاصل على تعليم جيد"، ولم تفهم لماذا اختار طريق التهريب بدل ذلك، خاصةً أن عائلته وبالذات والدته كانوا معارضين لذلك.
وكان المدعي العام الذي يقود التحقيقات قد تحدث خلال جلسة توجيه الاتهام، في تموز الفائت، عن تزايد عدد الحالات التي يتم فيها تهريب ما بين 15 إلى 25 شخصاً بشكل غير آمن في حافلات صغيرة، وقال إن "الجناة يصبحون أكثر قسوة ولا مبالاة بحياة البشر".
وأضاف أن "حالات الهروب من نقاط التفتيش الشرطية بأساليب قيادة خطرة للغاية ازدات أيضاً، وفي بعض الأحيان تُصدم سيارات الشرطة أو تُقاد سيارت التهريب نحو رجال الشرطة".
وحدّدت المحكمة ما مجموعه ست جلسات مرافعة لمحاكمة الشاب السوري، ومن المقرّر أن تستمر حتى الخامس من تشرين الثاني المقبل، أمّا المتهمون الثلاثة الذين كانوا "كشافين"، فيُتهمون بشكل منفصل بالتهريب مع التسبب في الوفاة، وستبدأ محاكمتهم اعتباراً من 23 تشرين الأول الجاري.