تحولت مدن وبلدات الساحل السوري منذ أكثر من شهرين إلى خلية نحل بالنسبة لمسؤولي نظام الأسد، وباتت إطلالة محافظ اللاذقية ومديري المؤسسات على الأفران والمرافق العامة شبه يومية، في حين تفرغت أجهزة النظام الأمنية هذه الفترة لملاحقة الفساد، واعتقلت عددا من رؤساء البلديات والقرى في ريف جبلة بتهمة الرشاوى وإهدار المال العام.
مصادر محلية في مدينة جبلة ذكرت لـ موقع تلفزيون سوريا أنّ "حكومة النظام" أطلقت قبل أيام حملة واسعة ضد الفساد في اللاذقية وطرطوس، تزامناً مع اقتراب انتخابات الرئاسة في سوريا، وشملت تلك الحملة اعتقال عدد من مديري بعض المؤسسات الحكومية وإقالة آخرين، كما شملت مسؤولي رؤساء بلديات.
وأوضحت المصادر أن محافظ اللاذقية أمر بعزل رؤساء بلديات "بنجارو، وديروتان، وبيت عانا" في ريف جبلة واعتقالهم بتهم تورطهم في سرقات كميات كبيرة من المازوت والغاز والبنزين المخصصة للتوزيع على الأهالي في نطاق عمل بلدياتهمم، وذلك مع عدد من "المتواطئين" معهم من العاملين في التموين والبلدية.
وفي حالة ثانية ليست ببعيدة في معمل غزل جبلة تم تحويل أربعة موظفين داخل المعمل إلى التحقيق وإيقافهم عن العمل بتهمة تورطهم بسرقات كميات كبيرة من مادة الخيوط وبيعها لعدد من تجار الداخل، كما شهد المعمل الذي يعدّ من أهم معامل "حكومة النظام" في الساحل السوري ويعمل به عدد كبير من أهالي المنطقة، تغييرات كبيرة في رؤساء ومحاسبي الأقسام.
وتزامنت هذه الحملة مع قدر كبير من التهليل وبث الشائعات عن بدء حملة لاجثتاث الفساد في الساحل السوري يقودها رئيس النظام بشار الأسد، بهدف تحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية لمواليه، إلا أن هذه الحملة شملت صغار الفاسدين فقط، وفق ما تؤكد المصادر في حين أن قادة الميليشيات وعمليات التهريب وأصحاب الصفقات الكبيرة ظلوا خارج هذه الحملة.
إجراءات شكلية
أشارت المصادر إلى أن "النظام" عاد منذ بداية شهر نيسان الفائت إلى دفع رواتب عدد كبير من أهالي قتلى ميليشياته في الساحل السوري بعد انقطاعها لمدة خمسة أشهر.
في حين بدأت عدة بلديات - على غير ما اعتاده الأهالي طوال الأشهر السابقة - بمعالجة مشكلات النفايات وإزالتها يومياً وتزيين الساحات الرئيسية وزراعتها بالورود.
وعلى صعيد متصل بدأت الفروع الأمنية والحزبية بتشكيل فرق ومراكز فعاليات لتنظيم الحفلات والمسيرات بحضور عدد من المطربين المعروفين منهم علي الديك، وبدأت من كورنيش مدينة جبلة.
ولفت مسؤول "لجان التنسيق المحلية" في جبلة أبو يوسف جبلاوي في حديثه لموقع تلفزيون سوريا إلى أنّ توجيهات يبدو أنها صارمة جاءت من دمشق لمسؤولي الساحل من أجل تحسين الوضع الخدمي بالتزامن مع الانتخابات لتخفيف نقمة الأهالي.
وأشار "جبلاوي" إلى أن سكّان القرى التي تضررت بالحرائق منذ قرابة تسعة شهور، والذين سمعوا كثيرا من الوعود الكاذبة من رئيسهم بشار الأسد وعقيلته بعد آخر زيارة قام بها إلى مناطقهم منذ عدة شهور برفقة عدة وزراء، لم يحصلوا سوى على عرض لمنحهم قروضا بمعدل فائدة بأكثر من ٣٠ في المئة، وبعض خراطيم المياه والغراس، في حين أن التعويضات المالية لم توزع حتى اليوم على المتضررين الحقيقيين، وهو ما أثار ردود فعل غاضبة ظهر بعضها بشكل اتهامات بالفساد للمسؤولين عن سرقتها.
ويرى "جبلاوي" أن الخطوات التي اتخذها النظام مؤخراً من ضغط على الأسواق لتحقيق استقرار في سعر صرف العملات الأجنبية ووقف تدهور الليرة ومحاولة تحسين الوضع الخدمي وإزالة مظاهر الطوابير على الأفران ومحطات الوقود وظهور المسؤولين بين الأهالي ما هي إلا إجراءات شكلية لا تعالج صلب المشكلة وإنما تهدف إلى تحقيق الاستقرار فقط خلال فترة الانتخابات.
مشكلات عمرها سنوات
من جانبه استعرض الناشط الإعلامي أحمد اللاذقاني المقيم في المحافظة وضع الساحل السوري وأكّد أن معظم القرى لا تصلها المياه إلا في أوقات نادرة رغم أن المياه متوفرة بكثرة، في حين أن شبكة الكهرباء قديمة لا تتحمل أي ضغط ومعظمها بحاجة إلى أسلاك جديدة وهي منذ الثمانينيات.
وأضاف "المدارس سيئة جدا والمشافي خارج الحسابات.. مشفى جبلة الذي يخدم ربع مليون شخص بدأ النظام ببنائه منذ عام 2015 وحتى اليوم لم ينتهِ، الأهالي مضطرون لقطع مسافة تزيد في بعض الأحيان على 50 كم للوصول إلى أقرب مشفى، في حين أن شبكة الهاتف والنت حدث ولاحرج مشاكل يعجز اللسان عن وصفها وشكاوي لاتلقى آذانا مصغية أبداً".
ويؤكد "اللاذقاني" في حديثه لموقع تلفزيون سوريا أن "النظام غير جاد مطلقاً بتحسين الأوضاع. ووصف ما يقوم به بالتزامن مع الانتخابات وعبر صفحات التواصل الاجتماعي بأنها "مجرد عملية تخدير لإلهاء الناس عن واقعهم المأساوي الذي يشتمونه ليل نهار بشكل علني".