يعتمد كثير من سكان دمشق وريفها على المساعدات الإنسانية المادية والعينية، ومع تفاقم الوضع الاقتصادي خفّضت بعض الجمعيات والمنظمات العاملة بالشق الإنساني والخيري قيمة مساعداتها وقللت الحصص الغذائية للمستفيدين، وفي أحيان أخرى رفعت المعونة عن بعض الأسر.
ووفقاً لبرنامج الأغذية العالمي، يعاني 13.4 مليون شخص في سوريا من انعدام الأمن الغذائي، وذكر البرنامج في بيان له أن "لديه حالياً 24 % فقط من التمويل الذي يحتاج إليه في سوريا".
تخفيض مكونات السلل
فريزة محمد، وهي أرملة خمسينية تعيش في دمشق وتعتمد بشكل رئيسي في معيشة أسرتها على معونات الجمعيات، تقول لموقع تلفزيون سوريا: "كنت كل شهر استلم معونة غذائية كاملة مكونة من زيت نباتي وسكر وأرز وبرغل وحمص وعدس".
وتوضح فريزة أنَّ الجمعية أزالت "الحمص والبرغل والعدس" من معوناتها الشهرية، ومن ثم حولت المعونة من شهرية إلى كل شهرين.
ويحدث كل فترة، تقدر بثلاثة أو ستة أشهر، أن تزيل بعض الجمعيات الخيرية عائلات من قوائم المستفيدين منها بحجة إعادة تقييم وضعهم وإنَّ كانوا لا يزالون محققين لشروط المعونة، بحسب عدد من السكان التقاهم تلفزيون سوريا.
وفي شهر آذار الفائت قدّر برنامج الأغذية العالمي ارتفاع متوسط سعر السلة الغذائية في سوريا خلال شباط الماضي بنسبة 2 في المئة مقارنة بشهر كانون الثاني الذي سبقه، مشيراً إلى أن سعرها وصل إلى 231,004 ليرات سورية، أي ما يعادل 92.4 دولاراً بسعر الصرف الرسمي.
حرمان أسر من السلل
وبينما خفضت الجمعية معونة فريزة وحولت استحقاقها كل 60 يوماً، أزالت نفس الجمعية حسام وعائلته من مستفيديها بحجة أنهم لا يستحقون المعونة.
ويعيش حسام (50عاماً) مع والديه وزوجته وأبنائه الستة في بيت عربي قديم معرض للانهيار في إحدى حارات دمشق القديمة، وذلك بعد تهجيرهم من مخيم اليرموك عام 2016.
يقول لموقع تلفزيون سوريا: "زارنا فريق من الجمعية وقيَّم مدى احتياجنا للمساعدة من خلال وضع منزلنا وعدد غرفه وتجهيزاته وذلك بعد عام كامل من استحقاقنا المعونة".
ويضيف: "بعد الزيارة تلك والتي حدثت منذ ستة الأشهر بالتمام، خسرنا تلك المعونة كوننا لا نستحق ووضعنا جيد مقارنةً بغيرنا"، بحسب كلام مسؤول الجمعية.
دعم مالي بسعر شراء مرتفع
ومقابل الدعم العيني، دعمت جمعيات خيرية بالتعاون مع برنامج الأغذية العالمي عائلات محتاجة في دمشق وريفها من خلال توزيع بطاقة دعم مالية بقيمة شهرية تبلغ 73 ألف ليرة، لكنها بالمقابل أجبرت أصحاب تلك البطاقات على الشراء من مولات محددة وبسعر أغلى من سعر السوق بـ 2000 ليرة.
هذا ما حدث مع عائلة خليل لدى مقارنته بين أسعار المول الذي أجبر على الشراء منه وبين أسعار السوق، يقول: "كل المواد التي اشتريتها عبر بطاقة الدعم سعرها أغلى من السوق بـ 2000 ليرة، وأحياناً بـ 3000 ليرة".
وضرب مثالاً بحليب الأطفال (900 غ) الذي قال إن سعر الكيس الواحد منه 30 ألف ليرة عبر الجمعية، وفي السوق 27 ألفاً، وكذلك البرغل في السوق بـ 5000 وعبر الجمعية 6500، وغيرها من المواد الغذائية.
خليل ليس حالة فريدة، هذا حال كل المستفيدين من بطاقات الدعم المالي والمجبرين على الشراء من مولات تحددها الجمعية حسب أماكن سكنهم، وكما حدث مع عائلات استبعدت من الدعم العيني، هناك عائلات استبعدت أيضاً من بطاقات الدعم المالي والتي تُفعَّل شهرياً بقيمة 73 ألف ليرة لكل مستفيد.
ورفضت جمعية خيرية مقرها دمشق، توزعُ معونات عينية ومادية بالتعاون مع برنامج الأغذية العالمي، الإجابة عن سؤال فرق الأسعار بين السوق وبين مولاتها المحددة للشراء، ما يشير إلى وجود اتفاق ما بتقاسم هذه الزيادات في الأسعار بين الجمعية وأصحاب المولات، بحسب عدد من مستفيدي الجمعيات التقاهم تلفزيون سوريا.
وبرر مسؤول الموارد البشرية في إحدى الجمعيات للموقع تخفيض مكونات السلل وحذف بعض المواد منها بحجة أنَّ "الجمعية تتعاون مع منظمة عالمية وتخفيض مكونات سلل المعونات يكون بقرار منها وليس من الجمعيات".
ويتوقع تقرير لفريق "منسقو استجابة سوريا" زيادة احتياجات السوريين خلال الأعوام المقبلة، وخاصةً مع انخفاض التمويل اللازم للعمليات الإنسانية من قبل الدول المانحة بنسب كبيرة.
وكانت مجموعة من الدول قد تعهّدت، خلال مؤتمر "دعم مستقبل سوريا والمنطقة"، الذي أقيم الإثنين الماضي في العاصمة البلجيكية بروكسل، بتقديم مبلغ 6.4 مليارات يورو كمساعدات للشعب السوري في الداخل ودول الجوار خلال عامي 2022 و2023.