icon
التغطية الحية

تحسن إنتاج محصول القمح شمالي حلب.. هل تغطي التسعيرة تكاليف الزراعة للفلاحين؟

2024.06.19 | 16:15 دمشق

صثقق
حصاد القمح في ريف حلب الشمالي - تلفزيون سوريا
حلب - حسين الخطيب
+A
حجم الخط
-A

بدأ المزارعون حصاد محصول القمح في ريفي حلب الشمالي والشرقي الواقعة تحت إدارة الحكومة السورية المؤقتة، مطلع حزيران الجاري، آملين بإنتاج مميز من المحصول الاستراتيجي مقارنةً مع المواسم الزراعية السابقة؛ نظراً للهطولات المطرية ودرجات الحرارة المعتدلة التي شهدتها المنطقة خلال فصل الشتاء الماضي.

ورغم تحسن إنتاج محصول القمح خلال هذا الموسم؛ غير أن نسبة زراعته تراجعت على حساب المحاصيل الزراعية العطرية والبقولية، نتيجة انخفاض أسعار القمح خلال الموسم الزراعي الماضي 2023، التي أدت إلى خسائر فادحة بحق المزارعين نتيجة عدم تغطيتها التكاليف الزراعية.

ويخشى المزارعون من انخفاض تسعيرة القمح مقارنة مع الأسعار في مختلف مناطق السيطرة السورية، وعدم تغطيتها التكاليف الزراعية، بعدما حددت الحكومة السورية المؤقتة تسعيرة القمح الطري.

تسعيرة القمح شمالي وشرقي حلب

حددت المؤسسة العامة للحبوب التابعة لوزارة المالية والاقتصاد في الحكومة السورية المؤقتة تسعيرة القمح الطري من الدرجة الاولى في الموسم الزراعي 2024، بقيمة 245 دولاراً أميركياً للطن الواحد، ومن المفترض تحديد تسعيرة القمح القاسي خلال الأيام القليلة المقبلة.

وقال مدير شركة الخزن والتسويق في المؤسسة العامة للحبوب المهندس واصف الزاب خلال حديثه لموقع "تلفزيون سوريا": "إن الحكومة سعرت مادة القمح الطري من الدرجة الأولى بـ 220 دولاراً أميركياً، بينما يحصل المزارع على 25 دولاراً أميركياً مكافأة مقابل كلفة نقل القمح إلى مؤسسات الحبوب".

وأضاف: "تدرس وزارة المالية والاقتصاد كلفة إنتاج القمح القاسي لوضع التسعيرة المناسبة بحيث تحقق الكلفة الزراعية وهامش الربح من إنتاج المحصول للمزارعين، فضلاً عن مراعاة تسعيرة القمح عالمياً". وأوضح، أنه لا بد أن تكون الأسعار أكثر من السعر الحالي، لأن المزارعين يعانون من الكلفة المالية العالية أثناء فترة الزراعة، في ظل ضعف الموارد اللازمة مثل المياه والمحروقات والطاقة. 

 

ورغم عدم تحديد تسعيرة القمح القاسي لدى مؤسسات "المؤقتة"، إلا أن أسعار طن القمح القاسي في السوق الحرة (السوداء) التي يتداولها التجار في مناطق شمالي وشرقي حلب، تتراوح بين 270 و290 دولاراً أميركياً، وفقاً للدرجات، بعدما مضى أسبوع على بدء حصاد المحصول.

وكانت تسعيرة طن القمح القاسي من الدرجة الأولى خلال الموسم الزراعي 2023، بـ 330 دولاراً أميركياً، بينما حددت تسعيرة طن القمح الطري بـ 285 دولاراً أميركياً للدرجة الأولى، حيث اشترت المؤسسة العامة للحبوب محصول القمح من المزارعين في مراكز (مارع، اعزاز، بزاعة، الغندورة، عين البيضا، تل أبيض، رأس العين).

وعلى الرغم من التسعيرة الجيدة خلال الموسم السابق، إلا أن المزارعين اضطروا لبيع المحصول في السوق الحرة بأسعار منخفضة جداً تتراوح بين 260 و275 دولاراً أميركياً للقمح القاسي، نتيجة تأخر مؤسسات الحبوب في دفع مستحقات المزارعين.

تراجع زراعة القمح وتحسن الإنتاج

تراجعت زراعة محصول القمح في مناطق ريفي حلب الشمالي والشرقي خلال الموسم الزراعي الحالي، مقارنة مع المساحات المزروعة خلال الموسم الزراعي 2023، عندما تعرض عدد من المزارعين لخسائر فادحة من جراء تسعيرة القمح غير المدروسة التي أصدرتها الحكومة السورية المؤقتة، تزامنًا مع انخفاض أسعار القمح عالمياً.

وتوجه المزارعون إلى زراعة الحبوب العطرية (الكمون، الكزبرة، اليانسون، حبة البركة..)، والبقوليات (الفول، الحمص، العدس) بعدما وجدوا تحسناً في الأسعار، وسط تراجع أسعار محصول القمح، لكنهم اصطدموا بانعدام استقرار الأحوال الجوية خلال مرحلة الإزهار ما تسبب في تضرر شريحة واسعة منهم.

وقال حسن الحسن، مدير زراعة حلب في وزارة الزراعة التابعة للحكومة السورية المؤقتة، لموقع تلفزيون سوريا: "تسبب انخفاض أسعار القمح خلال الموسم السابق بتراجع المساحات المزروعة، التي وصلت إلى قرابة 20 ألف هكتار، بينما وصلت في العام الماضي إلى 24 ألف هكتار من محصول القمح البعلي والمروي في منطقتي العمليات (غصن الزيتون، ودرع الفرات)".

وأضاف: "ساهمت الهطولات المطرية في تحسن إنتاج محصول القمح خلال الموسم الحالي، وتراوح إنتاج هكتار محصول القمح البعلي بين 2.5 و3 أطنان تبعاً لموقع الأرض الزراعية، بينما تراوح إنتاج هكتار القمح المروي بين 4 و6 أطنان، تعباً لموقع الأرض أيضاً، وعدد مرات الري ونوع الخدمات الزراعية".

ويختلف إنتاج هكتار القمح بين مناطق شمالي وشرقي حلب، حيث وصل إنتاج هكتار القمح المروي في منطقة الباب نحو 3 أطنان ونصف، بينما كان إنتاج هكتار القمح المروي في منطقة إعزاز نحو 5 أطنان ونصف، ويمكن أن ينخفض إنتاج القمح البعلي في منطقة الباب إلى 2 من الأطنان في أحسن الأحوال، بينما في اعزاز يتراوح بين 2.5 و3 أطنان.

وأوضح الحسن، أن كلفة الزراعة المرتفعة التي ينفقها المزارعون حتى مرحلة الحصاد، وصعوبة التسويق، من الأسباب الرئيسية التي تعرض الفلاحين للخسارة بينما السعر العالمي للقمح يصل حدود 250 دولاراً أميركياً، ولا سيما أن القمح الأوكراني متوفر في السوق المحلية شمالي سوريا.                        

هل تغطي الأسعار كلفة الزراعة؟

يشكو بعض المزارعين في مناطق شمالي وشرقي حلب من عدم تغطية تسعيرة القمح لكلفة الزراعة التي تتضمن مراحل متعددة بدءاً من مرحلة البذار وصولًا إلى مرحلة الحصاد، إذ يضطر خلالها المزارعون إلى تخديم الأرض بالأسمدة الشتوية والربعية ومبيدات الأعشاب الضارة ومبيدات الحشرات.

وأوضح عبد الغني عزو الغنو، الذي يملك أرضاً زراعيةً في بلدة الكفرة الواقعة بين مدينتي صوران واعزاز، أن مراحل الزراعة البعلية مكلفة وتحتاج منذ بدايتها إلى تمويل مالي، حيث تصل كلفة زراعة الهكتار وصولاً إلى مرحلة الحصاد لقرابة 400 دولار أميركي.

وقال لموقع تلفزيون سوريا: "تصل أجور حراثة الأرض والبذارة إلى 40 دولاراً، بينما تحتاج إلى 250 كيلوغراماً من البذار وتصل كلفته المالية إلى 100 دولار، وتليها مرحلة الأسمدة بعد أسبوعين من الزراعة حيث تحتاج إلى 100 كيلوغرام من السماد الشتوي (اليوريا) بقيمة 40 دولاراً أميركياً".

وأضاف: "مع بدء فصل الربيع يحتاج الهكتار إلى نحو 100 كيلوغرام من السماد الربعي (المركب) حيث يحتاج بقيمة 70 دولاراً، يضاف إليها مبيدات أعشاب ومبيدات حشرية بقيمة 80 دولاراً، وأجور حصاد الهكتار تصل إلى 70 دولاراً أميركياً".

وأنتجت أرض الغنو نحو 3 أطنان من القمح، إضافةً إلى 1.5 من الأطنان "تبناً" حيث اضطر إلى بيع القمح لأحد التجار بقيمة 275 دولاراً أميركياً للطن، ما يعني أن ثمن الإنتاج بلغ نحو 825 دولاراً أميركياً، بينما يصل سعر التبن إلى نحو 40 دولاراً أميركياً، وضمان الأرض للرعاة الماشية يصل إلى 30 دولاراً أميركياً، حيث يصل الإنتاج الإجمالي نحو 895 دولاراً أميركياً، وبعد خصم كلفة الزراعة فإن المرابح تصل إلى 495 دولاراً أميركياً.

لكن سرعان ما تنهار المرابح الموسمية في حال كان المزارع يعمل في أرض مستأجرة، حيث يضطر إلى دفع كلفة مالية إضافية إلى جانب كلفة الزراعة، وتتراوح كلفة إيجار الهكتار لموسم زراعي في مناطق شمالي وشرقي حلب، بين 400 و600 دولار أميركي وفقاً لموقع الأرض ونوع تربتها.

وأوضح المزارع محمد الشحود الذي استأجر أرضاً زراعية تبلغ مساحتها هكتارا (10 دونم) بالقرب من مدينة أخترين بقيمة 400 دولار أميركي، وزرعها بمحصول القمح بكلفة إجمالية وصلت إلى 400 دولار أميركي، أن هامش الربح قليل من الموسم الزراعي.

وقال لموقع تلفزيون سوريا: "أنتج هكتار القمح البعلي نحو 3 أطنان وبعتها بـ 290 دولاراً أميركياً للطن الواحد، و40 دولاراً للتبن، و30 دولاراً أخرى ضمان الأرض للرعاة بقيمة إنتاجية وصلت إلى 940 دولاراً أميركياً".

وأضاف: 140 دولاراً أميركياً هامش ربح ضعيف جداً مقارنة مع انتظار موسم كامل، ولا سيما أن الأسعار في السوق المحلية لا تراعي كلفة الزراعة والإيجار".

وفي القمح المروي يضاف إلى الكلفة الزراعية في الهكتار 500 دولار أميركي (كلفة ثلاث ريّات تتضمن كلفة مضخات محروقات وعمال)، بينما يمكن أن تنخفض الكلفة في حال كان الري عبر ألواح الطاقة الشمسية، إلا أن الإنتاج المروي إلى حدود 5 أطنان، بقيمة إجمالية تشمل المحصول والتبن والضمان 1470 دولاراً أميركياً (سعر طن القمح 280)، وفي حال قطعت كلفة الزراعة والري فإن المزارع يحقق إنتاجاً يصل إلى حدود 570 دولاراً أميركياً.

لا يمكن اعتماد الكلف الزراعية والإنتاجية معياراً على كافة المزارعين، لأن المنطقة الجغرافية ونوع الزراعة (البعلية والمروية)، ووضع الأرض (ملك، إيجار) كلها عوامل تلعب دوراً هاماً في تحديد هامش الأرباح، إلا أنه يمكن القول إن الموسم الزراعي للعام 2024 أفضل من المواسم الزراعية السابقة رغم الآفات والأمراض التي تعرضت لها معظم المحاصيل الزراعية من جراء الهطولات المطرية المتأخرة والتقلبات الجوية بين ارتفاع وانخفاض في درجات الحرارة.