رفعت اللجنة الاقتصادية التابعة لحكومة النظام السوري أسعار جميع الأسمدة إلى نسب وصلت إلى نحو 200 في المئة، ما سيؤدي إلى إحجام المزيد من المزارعين عن زراعة المحاصيل الاستراتيجية، وبالتالي ارتفاع أسعار المنتجات الغذائية إلى مستويات غير مسبوقة، في وقت يعيش فيه 90 في المئة من المواطنين تحت خط الفقر، مما جعل سوريا من بين البلدان الستة التي تعاني من أعلى معدلات انعدام الأمن الغذائي في العالم.
وبلغ سعر مبيع طن سماد اليوريا إلى 8 ملايين ليرة بدلاً من 3 ملايين ليرة، بزيادة بلغت نحو 166 في المئة عما كان عليه سعر المبيع في العام الماضي، وفقاً لصحيفة الوطن المقربة للنظام السوري.
ورُفعت أسعار السوبر فوسفات وسماد كالينترو (26 في المئة) بنسبة 200 في المئة، لتصبح أسعار السوبر 6 ملايين ليرة بدلاً من مليوني ليرة، وسعر كالينترو بـ5 ملايين ليرة بدلاً من 1.650 مليون ليرة.
ارتفاع تكاليف الإنتاج الزراعي
رئيس "مكتب الشؤون الزراعية في الاتحاد العام للفلاحين"، محمد الخليف، أكد أن قرار حكومة النظام برفع أسعار مبيع الأسمدة له منعكسات خطيرة على الفلاح.
وأضاف أنه ليس هناك رضا من الفلاحين في المحافظات عن السعر، لأن تأمين مادة السماد يشكل عبئاً على الفلاح الذي باتت التكاليف المرتفعة لتأمين المستلزمات الزراعية ترهقه بسبب ارتفاع أسعارها.
النظام يهدد مصدر رزق 30 في المئة من السوريين
— تلفزيون سوريا (@syr_television) November 27, 2023
تقرير: معتز عبيد #تلفزيون_سوريا #لم_الشمل pic.twitter.com/cffspI0yFv
من جهته، مدير في المصرف الزراعي اعتبر أنه رغم الأسعار الجديدة ما تزال أسعار الأسمدة مدعومة مقارنة مع السوق السوداء التي وصلت بها أسعار طن اليوريا لأكثر من 10 ملايين ليرة وفي بعض المحافظات لـ 13 مليوناً، في حين وصل مبيع اليوريا في اللاذقية لحدود 17 مليون ليرة في الحالات التي يشتري بها المزارع كميات بسيطة تقدّر بمئات الكيلوغرامات.
انعكاسات خطيرة على المحاصيل الاستراتيجية
في الوقت الذي لا توجد فيه الرغبة الكافية لدى المزارعين لزراعة محاصيل القمح والشوندر والقطن، لعدم قناعتهم بأن تسعيرة شراء المحصول ستكون مرضية، وبالتالي سيتوجه معظمهم نحو زراعة البقوليات والزراعات العطرية، مثل اليانسون والكمون والحبة السوداء والكزبرة والشمرا، وفقاً لصحيفة تشرين التابعة للنظام السوري.
وفي سياق متصل، قال رئيس اتحاد فلاحي طرطوس، فؤاد علوش، إن شركة المحروقات خصصت لمحافظة طرطوس تسعة ملايين ليتر زراعي لهذا الموسم من أصل حاجتها البالغة 27 مليوناً، وحتى الآن لم يوزع سوى 166 ألف ليتر، وهذا يعني أننا نحتاج إلى خمسين شهراً لتوزيع المخصصات فهل يعقل ذلك، علماً أنه غير متاح للفلاحين أخذ مخصصاتهم إلا خلال هذا الموسم.
واقع الزراعة في سوريا
لا تقف المشكلة عند إحجام المزارعين عن الزراعة الاستراتيجية، وإنما سترتد مباشرة على كامل السوريين بقلة الإنتاج الزراعي وكميات المزروعات، وبالتالي ارتفاع أسعار الخضراوات والفواكه إلى أرقام قياسية، في وقت تعيش فيه البلاد أسوأ أزمة اقتصادية.
وكان الخبير التنموي والزراعي، أكرم عفيف، أكد أن سوريا تعاني أسوأ إدارة موارد في تاريخ البشرية، إذ لا يوجد بلد مكتفٍ من كل شيء مثل سوريا لكن من دون جدوى.
ويعاني الفلاحون في مناطق سيطرة النظام السوري من تحكم حكومة النظام، التي تشتري المحصول بأقل من سعر الكلفة، ما يضع المنتجين في مشكلات مالية، تدفعهم أحياناً إلى إتلاف المحاصيل مقابل عدم بيعها بخسارة، بالإضافة إلى رفع الدعم عن المحروقات والأسمدة، ومشكلات في توفير الأدوية الزراعية، في ظل تجاهل حكومة النظام السوري البحث عن حلول وبدائل.