افتتحت جامعة حلب وجامعة الشام أيضاً، في مناطق سيطرة الحكومة المؤقتة، أمام الطلبة المتخرجون برنامج الدراسات العليا، "الماجستير" بمختلف الأقسام، للعام الدراسي 2020 ـ 2021، حيث يستهدف الطلاب الذين تخرجوا من الجامعات التابعة لـ "المؤقتة" والطلبة المنقطعين أيضاً، الذين لم يستطيعوا استئناف دراساتهم العليا، في الجامعات السورية داخل مناطق سيطرة النظام.
وبات بإمكان الطلبة خريجي جامعات المناطق الخارجة عن سيطرة النظام من مختلف الكليات والأقسام إكمال تعليمهم في برامج الدراسات العليا، التي افتتحتها الجامعات وفقاً لمعايير دراسية محددة وضعتها الجامعات لاختيار طلبتها الملتحقين ببرامج الدراسات العليا.
وحققت الجامعات السورية المعترف بها من الحكومة السورية المؤقتة، نجاحات عديدة على المستوى التعليمي بعد انقطاع دام لفترة طويلة وسط غياب التعليم العالي، لا سيما أثناء حملات النزوح والتهجير وما يرافقها من قصف ومعارك التي كانت تنعكس أثارها سلباً على العملية التعليمية بمختلف مستوياتها.
الدراسات العليا في جامعة حلب الحرة
افتتحت جامعة حلب في المناطق المحررة برنامج الدراسات العليا بالتزامن مع انطلاق العام الدراسي 2020/2021، في عدة كليات، حيث توزع برنامج الدراسات العليا وفقاً لما يلي: ماجستير المحاسبة وماجستير إدارة الأعمال في كلية الاقتصاد، وماجستير الإرشاد النفسي في كلية التربية، وماجستير العلاقات الدولية والقانون الدولي في كلية الحقوق.
وأيضاً ماجستير الحديث النبوي في كلية الشريعة، وماجستير الدراسات اللغوية وماجستير الدراسات الأدبية في قسم اللغة العربية، وماجستير الجغرافيا، وماجستير التاريخ، وماجستير اللغويات قسم اللغة الإنكليزية، في كلية الآداب والعلوم الإنسانية.
التقى موقع "تلفزيون سوريا"، رئيس جامعة حلب في المناطق المحررة الدكتور عبد العزيز الدغيم، حيث قال خلال حديثه: "اعتمدت الجامعة على المؤهلات والمعدلات الجامعية للطلبة الذين التحقوا ببرنامج الدراسات العليا، حيث وضعت الجامعة معايير معينة تخول الطلبة من الدخول في برنامج الدراسات العليا".
وأضاف: "الماجستير هي عبارة عن سنتين دراسيتين، حيث تكون السنة الأولى منها تمهيدية يدرس فيها الطالب مقررات تتراوح ما بين 6 أو 7 وفقاً للتخصص ويحضر ساعات دراسية، لمدة سنة كاملة، ونهاية العام يجري امتحانات لجميع المواد التي درسها، وبحسب نتيجة الامتحانات التي تخول الطالب في الانتقال إلى السنة الثانية وهي الرسالة، وهنا يبدأ الطالب بتحضير رسالة الماجستير خلال سنتين كحد أقصى، وتعين الجامعة مشرفا علميا يتابع عمله في الرسالة".
وافتتحت الجامعة هذا العام أيضاً، المعهد العالي للإدارة والرقابة المالية، الذي يتيح لمختلف خريجي الجامعة الالتحاق به، وبحسب ما أوضح الدكتور عبد العزيز: "التحق بالمعهد العالي 52 طالبا وطالبة، ويخول المعهد الملتحقين به العمل في إدارة الأعمال والرقابة المالية والمشاريع الإنتاجية في السوق المحلية، كما يساهم في رفد منظمات المجتمع المدني بكفاءات علمية تعمل على إدارة الموارد البشرية والمشروعات والأزمات وغيرها".
كما أشار رئيس جامعة في المناطق المحررة خلال حديثه لـ موقع تلفزيون سوريا: إلى أن عدد الطلبة في برامج الماجستير التمهيدي يصل إلى 400 طالب وطالبة من مختلف الاختصاصات، كما بدأ 88 طالباً العمل على مشروع رسالة الماجستير، فيما ناقش 15 طالب ماجستير و4 دكتوراه حتى الآن، وعدد الطلبة المسجلين على رسائل الدكتوراه في الوقت الحالي وصل أيضاً إلى 25 طالبا.
وعن هدف الجامعة من برامج الدراسات العليا، أضاف الدكتور عبد العزيز دغيم، أن هدف الجامعة إنتاج كفاءات علمية أكاديمية جديدة لرفدهم في سوق العمل والمؤسسات الخدمية والتعليمية في المناطق المحررة. في حين تواجه تحديات أيضاً في ضعف التغطية الأكاديمية لافتتاح برنامج الدراسات العليا بالكليات الأخرى، التي لم يستطيعوا افتتاح الدراسات العليا أمام الطلبة نظراً لندرة الكفاءات العلمية والأكاديمية في ريفي حلب وإدلب.
برنامج الدراسات العليا في جامعة الشام
افتتحت جامعة الشام برنامج الدراسات العليا التي توسعت تدريجياً خلال ثلاث سنوات متتالية حتى وصلت إلى الـ 10 برامج، ومن أبرزها ماجستير دراسات الحرب وماجستير العلاقات الدولية في كلية العلوم السياسية، وماجستير إدارة الأعمال وماجستير الإدارة العامة في كلية الاقتصاد والإدارة، وماجستير الفقه وأصوله، وماجستير السياسة الشرعية وماجستير الاقتصاد الإسلامي في كلية الشريعة والقانون.
وماجستير الهندسة المعلوماتية في قسم المعلوماتية، وماجستير في هندسة العمليات وحماية البيئة قسم الكيميائية وماجستير التحكم والأتمتة قسم الميكاترونيكس، في كلية الهندسة. كما افتتحت الجامعة برنامج اللغويات التطبيقية قسم اللغة الإنكليزية في كلية الآداب والعلوم الإنسانية.
وقال رئيس جامعة الشام الدكتور عز الدين قدور، خلال حديثه لموقع تلفزيون سوريا: إن عدد البرامج في جامعة الشام وصل إلى 10 وهذا عدد ضخم جداً مقارنةً بالسنوات الماضية، كما تعد جامعة الشام الأكثر تقيداً في أعداد الطلبة لكل برنامج حيث لا يستقبل البرنامج أكثر من 20 طالباً" إلا في حالات خاصة جدا.
وأضاف: "أن عدد طلبة برامج الدراسات العليا من مختلف الكليات والأقسام تجاوز 310 طلاب خلال الأعوام الثلاثة الماضية، من بينهم طلاب مازالوا في السنوات التحضيرية، وآخرون بدؤوا العمل على مشروع رسائل الماجستير الخاص بهم".
كما أشار رئيس جامعة الشام خلال حديثه لموقع تلفزيون سوريا، أن هدف الجامعة إعداد الكوادر العلمية والأكاديمية للداخل السوري في ظل نقص الكوادر مما سيدعم سوية الجامعة علمياً وأكاديمياً، كما تركز الجامعة على أهمية البحث العلمي من خلال دعمها لبرامج الدراسات العليا، بالتزامن مع إطلاق مركز البحث العلمي الخاص بجامعة الشام، كما تعمل الجامعة على إصدار مجلة في البحث العلمي ستصدر مع بداية تموز ـ يوليو المقبل.
آمال وتحديات أمام طلبة الدراسات العليا
تعتبر برامج الدراسات العليا من أهم النجاحات المتميزة التي قامت بها جامعات الشمال السوري، لسد ثغرات ساهمت الحرب في توسع رقعتها، لا سيما مع حملات النزوح والتهجير القسري، الذي دفع الكفاءات الأكاديمية للهجرة خارج البلاد.
التقى موقع تلفزيون سوريا، الطالب علي الخطيب، الذي يدرس السنة الثانية ماجستير في الفقه وأصوله، حيث قال خلال حديثه: "إن الدراسات العليا فرصة مهمة جداً بعد انقطاع دام لعدة سنوات عن الدراسة، لا سيما أن شمال سوريا بحاجة إلى شهادات أكاديمية متخصصة لرفد المجتمع بكوادر علمية متميزة تحمل على عاتقها النهوض بالمجتمع السوري".
كما يواجه الطلبة تحديات ومعوقات متنوعة تنعكس سلباً على إتمام مسيرتهم التعليمية، وحول هذا الموضوع يقول الخطيب: إن أهم التحديات التي تواجهنا، هي رسوم الدراسات العليا، التي تبلغ 400 دولار أميركي للسنة الواحدة، حيث لا تتناسب مع الظروف المعيشية وسبل الدخل المتاحة لدى الطلبة، لا سيما أن الطلبة الملتحقين بالبرامج انقطعوا لسنوات عن الدراسة حيث أصبح لديهم أسر وأوليات أخرى تمنعهم من استئناف دراساتهم، مع غياب تام للجهات التعليمية التي تقدم منحا دراسية للطلبة".
ويشتكي طلبة الدراسات العليا من ندرة المكتبات التي تحتوي على كتب علمية لإعداد أبحاث في رسائل الماجستير، وبحسب ما أوضح علي الخطيب: "أنه وجد صعوبة في تأمين المراجع العلمية لإتمام عملية بحثه، لكن تتوفر بعض المكتبات الإلكترونية، ولكنها لا تفي بالغرض، لأن بعض الكتب لا يمكن الحصول عليها دون دفع ثمنها".
ويأمل طلبة الدراسات العليا في تحقيق شهاداتهم اعترافا على المستوى المحلي من خلال انخراطهم في سوق العمل فور تخرجهم واعترافا دوليا علَّ جهودهم لا تضيع سدى، وتكون شهاداتهم ذات أهمية دراسية عالية.
من جهتها الطالبة مؤمنة إبراهيم، من مدينة حمص وتقيم في ريف حلب الشمالي، وتدرس السنة التحضيرية من ماجستير الدراسات الأدبية قسم اللغة العربية في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة حلب في المناطق المحررة، وجدت أن برامج الدراسات العليا فرصة ذهبية لا يمكن التخلي عنها، لاستكمال التعليم العالي.
وقالت خلال حديثها لموقع تلفزيون سوريا: "إنها تسعى إلى تقديم أبحاث جديدة وغير مطروحة للارتقاء باللغة والحفاظ عليها من الضياع والتغيير والتشويه الذي تتعرض له، كما أنها تأمل أن تساهم في بناء المجتمع من خلال أبحاثها التي ستعمل عليها لاحقاً بعد التخرج، وتسعى أيضاً لاكتساب علم واسع في اللغة العربية، للتأثير بالمجتمع وأن تحظى بمكانة أفضل في العمل وتحسين الواقع المعيشي".
وأضافت: "يبدو أن كثيرا من المعوقات أو التحديات التي لا تتناسب مع دراستنا نحن كطلبة، حيث نواجه صعوبة في تأمين رسوم الدراسات العليا، والمراجع والكتب والأبحاث وغيرها، بسبب عدم توفرها في المكاتب المحلية، والمواصلات وصعوبة التنقل، بالإضافة إلى الالتزامات الأخرى من مسؤولية وعمل".
صلاح الخطيب طالب في السنة الثانية في ماجستير جغرافية طبيعية، في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة حلب الحرة، يقول خلال حديثه لموقع تلفزيون سوريا: "إن فرصة افتتاح برامج الدراسات العليا خطوة متميزة، لا سيما بعد الانقطاع الذي حدث خلال السنوات الأولى للثورة السورية، لكنها لا تشمل جميع الاختصاصات لأسباب متعلقة بندرة الكوادر العلمية من دكاترة وأكاديميين متخصصين".
وأضاف الخطيب خلال حديثه لموقع تلفزيون سوريا: "أن ضيق المساحة جغرافياً وتغير أعداد السكان وانعدام الاستقرار في المنطقة يساهم في عرقلة إعداد الأبحاث الجغرافية لرسالة الماجستير، وعدم تقبل المجتمع لفكرة الدراسات، في حال تم البدء بإعدادها.
ويعاني الطلبة من ضعف المراجع العلمية والمصادر للمواد الدراسية، وارتفاع رسوم الدراسات العليا، حيث يصل رسم العام الدراسي الواحد 400 دولار أميركي، بينما يدفع الطالب في نهاية مناقشته الرسالة 500 دولار أميركي، وهذه المبالغ يصعب على الطلبة تأمينها في ظل الظروف المعيشية المتردية وندرة فرص العمل في المنطقة.
إن الشهادات الجامعية الصادرة عن جامعة حلب في المناطق المحررة وجامعة الشام، معترف بها من الحكومة السورية المؤقتة، أما من ناحية الاعتراف الخارجي تحاول رئاسة جامعة حلب وجامعة الشام الاتصال مع الجامعات خارج الحدود، لعقد اتفاقات علمية ترفع من سوية الجامعات السورية.