icon
التغطية الحية

بلومبيرغ: لماذا تراقب عيون العالم جيش كوريا الشمالية بكل هذا الاهتمام؟

2024.10.24 | 17:28 دمشق

آخر تحديث: 24.10.2024 | 17:28 دمشق

عساكر من كوريا الشمالية
عساكر من كوريا الشمالية
Bloomberg- ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

طوال مدة تجاوزت السنة، بقيت روسيا تعتمد على حليفتها المقربة كوريا الشمالية لإمدادها بقذائف المدفعية والصواريخ البالستية لتواصل حربها الطاحنة في أوكرانيا، والآن، أصبح المسؤولون الأوكرانيون يحذرون من مخططات كوريا الشمالية لتوسيع مساعداتها عبر إرسال جنودها لدعم الروس.

وفي 18 تشرين الأول، أعلنت وكالة الاستخبارات المركزية لكوريا الجنوبية بأنها راقبت سفناً روسية وهي تنقل قوات من كوريا الشمالية إلى روسيا ضمن أول تحرك باتجاه إرسالهم إلى خطوط الجبهات في أوكرانيا. بيد أن الكرملين نفى هذه التقارير عن نشر الجنود واصفاً الأمر بالخدعة.

كم عدد هؤلاء الجنود؟

أعلنت وكالة الاستخبارات الوطنية في كوريا الجنوبية بأن سفناً تابعة للبحرية الروسية نقلت قرابة 1500 جندياً من القوات الخاصة في كوريا الشمالية إلى روسيا وذلك من أجل إخضاعهم لتدريبات على التكيف قبل نشرهم في أوكرانيا، وذكرت الوكالة بأنهم ظهروا وهم يرتدون البزات العسكرية الروسية ويحملون أسلحة روسية، كما كانت بحوزتهم بطاقات هوية روسية مزورة وذلك حتى يبدوا وكأنهم أتوا من سيبيريا. ويقال بأن هنالك عملية نقل ثانية من المقرر أن تتم خلال فترة قريبة، إذ تتطلع كوريا الشمالية لنشر نحو 12 ألف جندياً من خلال ذلك. وهذا ما دفع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى القول بأن كوريا الشمالية تعتزم إرسال عشرة آلاف جندي من عساكرها.

كما أعلن زيلينسكي بأن استخبارات بلاده تعتقد بأن هنالك جنوداً وضباطاً من القطعات التكتيكية في كوريا الشمالية موجودون في أوكرانيا. وتحدثت صحيفة كييف بوست عن مقتل ستة ضباط من كوريا الشمالية وإصابة ثلاثة آخرين في غارة صاروخية أوكرانية نفذت يوم 3 تشرين الأول بالقرب من مدينة دونيتسك الواقعة شرقي أوكرانيا.

كم تعداد تلك القوات؟

لدى كوريا الشمالية مليون وثمانية وعشرين ألف عسكري فاعل، بينهم مليون ومئة ألف تابعون للجيش وذلك بحسب تقديرات دولة كوريا الجنوبية، وتعتمد معظم القوات على معدات بالية، تعود لأيام الاتحاد السوفييتي، بحسب ما ذكره المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في مراجعته التي أجراها عام 2023 لجيوش العالم. ثم إن القوات المسلحة في كوريا الشمالية لم تخضع لاختبارات على المعارك إلا نادراً وذلك منذ خوضها للحرب الكورية التي انتهت قبل أكثر من سبعين عاماً.

ولكن قطعات العمليات الخاصة التي يصل تعداد الجنود فيها إلى 200 ألف تعتبر من أفضل القطعات في هذا البلد بحسب ما أعلنه جيش كوريا الجنوبية. وهذه القوات متخصصة في عمليات التسلل و"التكتيكات الإرهابية" وفقاً لما أوردته وكالة استخبارات الدفاع الأميركية.

ما فائدة ذلك بالنسبة لكوريا الشمالية؟

تلقى نظام الزعيم كيم يونغ أون مساعدات دعمت اقتصاد بلده وعملت على تحديث وتطوير برامج أسلحته وذلك مقابل الأسلحة التي أرسلها إلى روسيا، بحسب ما أعلنته كل من الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية. وكمكافأة على إرساله لجنوده، يتوقع كيم حصوله على مزيد من المساعدات (بيد أن كوريا الشمالية وروسيا أنكرتا حدوث ذلك على الرغم من وجود أدلة كثيرة حول وجود شحنات الأسلحة التي نقلت إلى كوريا الشمالية).

وإضافة إلى ذلك، فإن إرسال الجنود إلى أوكرانيا يمكن أن يمنح كوريا الشمالية الفرصة لتجرب استراتيجياتها العسكرية وأسلحتها ضد مقاتلين يستخدمون معدات شبيهة بتلك التي يستخدمها العدو، أي كوريا الجنوبية. إذ منذ أن وضعت الحرب الكورية أوزارها في عام 1953، لم ترسل كوريا الشمالية جنودها خارج حدود بلدها إلا في مناسبات نادرة، وحتى عندما حصل ذلك، كانت كوريا الشمالية عموماً تنشر عدداً بسيطاً من جنودها، تماماً مثلما حدث عندما أرسلت قرابة ثلاثة آلاف جندي إلى أنغولا ليشاركوا في الحرب الأهلية التي قامت في أواخر السبعينيات ومطلع الثمانينيات.

كما نشر نظام كيم نحو ثمانمئة جندي وعسكري لمساندة النظام السوري في عام 2019، وذلك بحسب قناة أخبار كوريا الشمالية المتخصصة بتلك الأمور ومقرها سيئول، وقد بنت القناة تلك الأخبار على وثيقة مسربة من الأمم المتحدة. كما نفذت كوريا الشمالية مهاماً محدودة في مجال الطيران خلال حرب فيتنام وذلك لمساندة تلك الدولة في القتال ضد القوات الأميركية وضد قوات فيتنام الجنوبية.

هذا ولقد أعرب عن قلقه من ذلك الجنرال تشارلز فلين رئيس بعثة المحيط الهادي التابعة للجيش الأميركي، وخاصة فيما يتصل باحتمال حصول جيش كوريا الشمالية على خبرات ودروس من خلال القتال في أوكرانيا، إذ قال في مركز عقدت فيه محاضرة حول الأمن الأميركي الجديد في 15 تشرين الأول: "ثمة بعض الأمور التي يتعلمونها من هناك"، كما ذكر فلين في نيسان الماضي بأن استعانة روسيا بصواريخ كوريا الشمالية تعطي بيونغ يانغ فرصة نادراً ما تتكرر لتجرب أسلحتها في القتال ولتطور أداءها أيضاً.

ما فائدة ذلك بالنسبة لروسيا؟

بعد تكبدها لخسائر فادحة، أضحت روسيا بحاجة لمزيد من العساكر على الأرض ليشاركوا في القتال بأوكرانيا، وذلك لأنه اعتباراً من مطلع الشهر الحالي، تجاوز عدد القتلى والمصابين من القوات الروسية 650 ألفاً، وذلك بحسب توقعات الجيش الأوكراني. لذا، فإن أي عملية تعبئة جديدة في روسيا لن تلقى أي شعبية بين الناس على الإطلاق. وفي الوقت ذاته، لن يعبر اعتماد روسيا على كوريا الشمالية لإمدادها بالجنود عما تحاول روسيا أن تروج له بأن لديها ثاني أقوى جيش في العالم.

ما سبب التقارب بين كوريا الشمالية وروسيا؟

في الوقت الذي تعمل الدول الديمقراطية الرائدة على عزل كيم والرئيس الروسي فلاديمير بوتين وذلك بسبب تحركاتهما العسكرية التي تهدد الأمن العالمي، التفتت كل دولة منهما للأخرى في طلب المعونة، فكوريا الشمالية لديها مستودعات أسلحة كبيرة تعمل بفضل المعدات الروسية، ولدى روسيا الغذاء والطاقة والمواد الخام التي تعتبر كوريا الشمالية بحاجة ماسة لها. وعندما زار بوتين كيم في بيونغ يانغ خلال شهر حزيران من عام 2024، توصل كلاهما إلى اتفاق يقضي بأن يهب كل منهما للدفاع عن الآخر في حال تعرضه لهجوم، وقد تم ذلك من خلال استعراض كله تحد للولايات المتحدة وشركائها والعقوبات التي فرضتها.

كيف يمكن لذلك أن يضر ببيونغ يانغ وموسكو؟

لم يسبق لأي زعيم في كوريا الشمالية أن واجه حالة كهذه الحالة التي تكبد فيها جنوده خسائر هائلة في أثناء قتالهم في حرب خارج حدود كوريا الشمالية، لأنه من السياسات الأساسية لكوريا الشمالية وضع المؤسسة العسكرية في المقام الأول، ولذلك تتغلغل القوات المسلحة في كل مجالات المجتمع ونواحيه، ولكن في حال ارتفاع أعداد من قتلوا أو أصيبوا من أبناء كوريا الشمالية في أوكرانيا، عندئذ قد يتعرض كيم لمساءلة غريبة عليه من كبار الضباط في جيشه بما أن هؤلاء هم الذين يدعمون سلطته في البلد. كما قد يغامر هذا الرجل بإثارة السخط بين أبناء شعبه، بما أن لديهم أقرباء يعملون لدى القوات المسلحة.

هذا وقد يخلف إرسال جنود كوريا الشمالية إلى أوكرانيا أثراً سلبياً على روسيا وذلك في حال دعوة كوريا الجنوبية للقتال، لأن ذلك من شأنه تصعيد الضغط الأميركي إلى جانب الضغط الذي ستمارسه الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي على يون سوك يول رئيس كوريا الجنوبية وذلك حتى يراجع سياسة الحكومة التي تمنع سيئول من إرسال المساعدات الفتاكة لدول في حالة حرب. بيد أن كوريا الجنوبية تمتلك الأسلحة والذخائر التي تسعى دول حلف شمال الأطلسي إلى الحصول عليها وذلك لمساعدة أوكرانيا على صد الهجوم الروسي، إذ مثلاً، تحتاج أوكرانيا لقذائف مدفعية، وكوريا الجنوبية تمتلك الملايين منها.

    

المصدر: Bloomberg