icon
التغطية الحية

بعد فضيحة مدوية طالت ستارمر.. من هو عضو مجلس الأعيان البريطاني الذي زار الأسد؟

2024.10.03 | 13:27 دمشق

ستارمر
رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر ـ رويترز
The Daily Mail- ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

الشيء الوحيد الذي نعرفه عن اللورد وحيد علي هو أنه رجل كريم، يرتدي نظارات وبزات وألبسة فاخرة، ويقيم حفلات أعياد الميلاد، ولديه شقق كثيرة. ويبدو بأنه لا حدود تقف أمام كرمه وسخائه الذي أبدى استعداده ليمطر به السير كير ستارمر ووزراءه وكل من في حزب العمال من أعضاء، ولكن مع ظهور فضيحة ملابس كير ستارمر وزوجته التي تسببت بانحراف إدارة السير كير الجديدة عن مسارها، بقي سؤالان أساسيان بلا جواب، وهما: من يكون هذا الرجل؟ وما الذي يريده بالضبط؟

إن الجواب الرسمي لحزب العمال هو: "لا شيء"، وذلك لأن علي الذي كان في السابق متنفذاً في مجال الإعلام لم يقدم أي شيء إضافي أكثر من كونه شخصية سياسية طيبة تحب الخير، فهو ليس إلا شخصية من تلك الشخصيات الموسرة والغريبة الأطوار بعض الشيء، والتي تلعب على هامش السياسة، ويسعدها قربها من السلطة.

إذ يقول عنه أحد الأعضاء القدامى في حزب العمال الجديد خلال لقاء صحفي أجري معه الأسبوع الماضي: "كان رجلاً متواضعاً وبسيطاً يبقى خلف الكواليس ليقدم المساعدة، لكنه لم يكن محسناً كبيراً".

"لا فضيحة حقيقية"

ولكن إن بقي هذا الرجل خلف الكواليس ليقدم المساعدة، فما نوع المساعدة التي يقدمها؟ والأهم من ذلك، إذ اعتبرنا بأنه يمد رئيس وزراء المملكة المتحدة بالمال بصورة شخصية، فما الذي يفعله الآن؟

لا يبدو بأن هنالك أحداً يعرف هذا الجواب، فقد قال أحد الوزراء مكرراً عبارة انتشرت كثيراً منذ تفشي الفضيحة: "إنه مجرد شخص موجود معنا منذ أمد بعيد، فقد كان يحوم حول كير على الدوام، وهذا ليس بسر، وليست ثمة فضيحة حقيقية هنا".

لعل كلام هذا الوزير صحيح، ولكن لم يقدم أي أحد تفسيراً منطقياً للسبب الذي جعل علي يحصل على تصريح مؤقت لدخول الشارع الذي يوجد فيه بيت رئيس الوزراء بعد أسبوع على تولي ستارمر لمهامه، على الرغم من أن هذا الرجل لا يحمل أي صفة رسمية في الحكومة ولا يشغل أي منصب في الدولة.

شرح أحد كبار المعاونين في الدولة الأمر بقوله: "إنه مجرد مقدم خدمات" مستخدماً إحدى العبارات المجردة التي لازمت هذه الشخصية الغامضة. عندئذ بادره الصحفي بالسؤال: "ما الخدمات التي يقدمها؟" فجاء رده مبهماً عبر القول: "أمور خاصة بكير وبمنصبه، لأن كل ما يريده هذا الرجل بكل بساطة هو حكومة يرأسها حزب العمال، وهذا كل ما يهمه".

تصريحات مستهجنة

لكن الأمر ليس كذلك، وذلك لأن موقع Guido Fawkes الإلكتروني بحث في أرشيف المداولات البرلمانية البريطانية خلال الأسبوع الماضي واكتشف أمراً غريباً إلى حد ما، وهو أن علي نادراً ما يتحدث في مجلس اللوردات، وإن تحدث فإنه يركز على قضية زواج مثليي الجنس بما أنه مثلي، أو على الإعلام.

ولكن في عام 2013، في الوقت الذي كانت بريطانيا تفكر بتنفيذ عمل عسكري في سوريا، قدم هذا الرجل المداخلة التالية: "زرت سوريا عدة مرات وتحدثت إلى الرئيس الأسد في مناسبات عديدة.. كما أمضيت بعض الوقت في العراق خلال حرب العراق الثانية، ولقد أرسلت إلى هناك عدة مرات خلال النزاع، وأمضيت ثلاثة أشهر في منطقة الحرب تلك".

استعان اللورد علي بأمواله ليؤسس شركة إنتاج إعلامي اسمها Planet 24 بمساعدة بوب غيلدوف، وكانت أهم النجاحات التي حققها في هذا المضمار برنامج The Word الذي تقدمه أماندا دي كادينيت وتيري كريستيان، وبرنامج The Big Breakfast الذي يقدمه كريس إيفانز وبولا يتيس.

بيد أن هذا الرجل جمع ثروة بشكل تدريجي من خلال مصادر أخرى، وهي الاستثمارات المالية والعقارية، ولكن لا يوجد أي سجل له يثبت بأنه لعب أي دور يكسبه خبرة كبيرة في مجال السياسة الخارجية، أو يحتم عليه إجراء محادثات مع رئيس سوريا، أو يدفع الجهات المختصة لإرساله إلى العراق خلال حرب الخليج الثانية.

ثم إن الارتباك انتاب مصادر من حزب العمال كونها تعرف اللورد علي منذ ظهوره للمرة الأولى في المشهد خلال منتصف تسعينيات القرن الماضي، إذ قال أحدهم عنه: "لا أعرف عنه بأنه يركز على أي قضايا تتصل بالسياسة الخارجية، كونه إعلامياً من بين الإعلاميين الذين يفخرون بالثقافة البريطانية"، في حين قال آخر: "كان أحد أصدقاء بيتر ماندلسون (عضو في مجلس الملكة من حزب العمال)، وقد كان مقرباً منه، وعملا معاً على تسمية حزب العمال الجديد، لكني لم أره بحياتي يتدخل في أمور من هذا القبيل".

مغازلة الديكتاتور

بيد أن فكرة تودد شخصيات تصف نفسها بأنها تقدمية مثل اللورد علي من ديكتاتور مثل بشار الأسد ليست فكرة مستغربة كما قد تبدو، إذ في مطلع الألفينات، كان حشد غفير من الدبلوماسيين الغربيين ينظرون إلى حاكم سوريا الجديد على أنه شخصية مؤثرة تتسم بالاعتدال مع التحديث.

بل حتى النائب بيتر ماندلسون نفسه التقى بالأسد في أواخر عام 2001، ويومها أبدى رئيس سوريا الشاب اهتمامه بمشروع حزب العمال الجديد، كما قام اللورد ليفي بزيارة دمشق عدة مرات بما أنه كان أهم شخصية لدى طوني بلير تعمل على جمع التبرعات وقتئذ.

ولكن ليس هنالك أي سجل رسمي لعلي مع تلك الزيارات، ولا أثر يشير إلى متى قام بها وما الصفة التي كان يحملها عندما فعل ذلك، ولذلك استغرب أحد الوزراء الذين رأسوا وزارة الخارجية في السابق والذين كان لهم يد ضالعة في الدبلوماسية السورية لقاء علي بالأسد.

اللورد علي
             اللورد علي

بالطبع، حدث كل ذلك قبل الحرب السورية التي اندلعت عام 2011 والتي بدأت بسبب قمع وحشي مارسه الأسد أمام سخط الشعب ومعارضته له، إلى جانب استخدامه للأسلحة الكيماوية والتعذيب والإعدامات الميدانية والقصف العشوائي، ما تسبب بمقتل الآلاف من الناس وهذا ما أدى إلى صدور مذكرات اعتقال دولية بحقه بسبب جرائم الحرب التي ارتكبها.

الترويج للديمقراطية في العراق

ثمة سر آخر يحيط بما زعمه علي حول إرساله إلى العراق خلال فترة النزاع، إذ ذكر مسؤول كبير في حزب العمال بأنهم يعتقدون بأن علي زار العراق في عام 2004/2005 مباشرة عقب الحرب، وكانت مارغريت ماكدونا تشغل منصب الأمين العام للحزب وقتئذ، وأضاف هذا الرجل: "ظنوا بأنهم بمقدروهم السفر إلى هناك ونشر ما يغري الناس بالمشاركة في الانتخابات"، أي ما يضمن التحول إلى الديمقراطية بكل سلاسة.

كما أكد مصدر من وزارة الخارجية كان قد فرز إلى بغداد وأقام فيها خلال تلك الفترة بأن علي زار العراق فعلاً، لكنه عجز عن شرح السبب الدقيق لطبيعة تلك الزيارة، وهذا ما أثار الشكوك بكير ستارمر وحكومته، إذ من الواضح بأن اللورد علي ليس مجرد جامع تبرعات ومحسن خير، بل لديه شهوة للعمل بشكل حر في المجال الدبلوماسي وتأسيس الدول، إذن، ما الدور الذي يلعبه هذا الرجل حتى الآن ضمن الدائرة المقربة من ستارمر؟ وما الدور المتوقع له أن يلعبه في ظل إدارة ستارمر الجديدة؟

ولدى سؤال الناطق الرسمي باسم الحكومة عن ذلك أجاب بكل بساطة: "لا علاقة للورد علي بمنصتنا السياسية، ولا صلة تربط أفكاره بهذه المنصة"، وعند سؤاله إن كان كير ستارمر على علم بلقاء اللورد علي بالأسد، أو بما الذي فعله في العراق، رد الناطق الرسمي بالقول: "لن أتحدث بالنيابة عن اللورد علي".

قبل أسبوعين على ذلك، وتحديداً مع انتشار فضيحة الملابس التي لحقت برئيس الوزراء، أعلن ستارمر بشكل رسمي بأنه: "من الضروري جداً أن تكون لدينا شفافية"، إذن، فلتكن لدينا شفافية، ولنسأل: ما الذي فعله أهم جامعي التبرعات والمحسنين لدى السير كير مع الأسد في سوريا؟ وماذا كان لديه في العراق؟ وهل رئيس الوزراء على علم بذلك؟ وإن كان يعرف هذا، فلم لم يعلن ذلك أمام البلد بأسرها؟ وإن لم يكن لديه علم بذلك، فلماذا خفي عليه الأمر؟ والأهم من كل ذلك لماذا حصل اللورد علي على تصريح لدخول الشارع الذي يقيم فيه رئيس الوزراء؟ وما الذي من المفترض أن يفعله خلف الباب الأسود الشهير هناك في شارع داونينغ ستريت؟

بطبيعة الحال، دعونا نرجع للسؤالين الذين طرحناهما منذ البداية وهما: من هو هذا الرجل بحق الجحيم؟ وما الذي يريده؟

المصدر: The Daily Mail