أعلنت منظمة "غول GOAL" العالمية العاملة في محافظة إدلب شمال غربي سوريا انتهاء الدعم الذي تقدّمه لعدد من محطات مياه الشرب التي تغذّي مدينة إدلب وبلدات وقرى في محيطها، نهاية العام الحالي.
والدعم الذي بدأ، منذ تسع سنوات، كان يشمل توريد المياه الصالحة للشرب بشكل مجاني تماماً إلى السكّان، بالإضافة إلى تنفيذ العديد من مشاريع إعادة تأهيل البنية التحتية لتحسين واقع شبكة المياه في المناطق التي تغذيها المحطات.
وعلّلت "غول" إيقاف الدعم في بيان نشرته "وحدة مياه إدلب" التي تديرها المنظمة على صفحتها في "فيس بوك"، بأنّ المنظمة وخلال سنوات الدعم الماضية لم تدخر جهداً لضمان استمرار الدعم وتأهيل المحطات وشبكات المياه المرتبطة بها، حيث كان من المفترض أن ينتهي الدعم بنهاية أيار 2023. إلا أنه وكاستجابة لجائحة الكوليرا والزلزال الذي ضرب المنطقة في 6 من شباط 2023، تمكّنت بالتعاون مع بعض الداعمين من تأمين استمرار الدعم حتى نهاية العام الجاري.
ويشمل إيقاف الدعم بعض كبرى محطات ضخ مياه الشرب في إدلب، وهي محطات "سيجر، سيجر القديمة، العرشاني" وتغذّي هذه المحطات الثلاث مدينة إدلب إلى جانب كل من بلدات وقرى "مرتين، عين مرتين، منطقة الغابات، سيجر-بقسمتا، القبي، بشمارون، العرشاني وخربة الناطور".
تأثّر جزئي في مدينة إدلب
بحسب ما ذكرت "مؤسسة مياه إدلب" لـ موقع تلفزيون سوريا، فإنّ المحطات الثلاث كانت تضخ أكثر من 11 ألف متر مكعب من مياه الشرب "المُكَلوَرة" يومياً، وهو ما يغذّي أقل من نصف مليون شخص، وفق المؤسسة، التي أوضحت أن ثلثي احتياج مدينة إدلب من مياه الشرب يعتمد على هذه المحطات، فيما تغذّي محطات أُخرى داخلية في المدينة وتشغّلها بعض المنظمات -أبرزها هيئة الإغاثة الإنسانية (IYD)- ثلث الاحتياج المتبقي.
- مخاوف من إيقاف دعم محطات مياه الشرب
إيقاف الدعم عن محطات مياه الشرب في إدلب يثير مخاوف السكّان من أزمة احتكار جديدة قد تنتهجها "حكومة الإنقاذ" على غرار احتكار الكهرباء والمحروقات والنظافة وغير ذلك من الملفات المهمة، وتحكمها بالأسعار عن طريق مؤسساتها أو شركات تصدرها على أنها شركات خاصة.
"الإنقاذ" تستعد لطرح عدّادات مسبقة الدفع للمياه في إدلب
في حديثه لـ موقع تلفزيون سوريا، قلّل المهندس محمد جمال ديبان مدير مؤسسة مياه إدلب من مخاوف إيقاف الدعم من قبل منظمة "غول"، وعلّل ذلك قائلاً: إنّهم اعتادوا على مسألة إعلان المنظمة إيقاف الدعم ومن ثم مواصلتها الدعم، كما حصل مطلع العام الماضي.
وأضاف "ديبان" بأنّ "مؤسسة مياه إدلب" عملت وتعمل على مسارين متوازيين:
- المسار الأوّل: أعدّت المؤسسة دراسة متكاملة عن المحطات والتكاليف التشغيلية اللازمة لها، وقدمتها إلى عدة منظمات، متأملة أن تحل إحدى هذه المنظمات التي تواصلوا معها محل "غول" في دعم محطات مياه الشرب، في حال أوقفت الأخيرة دعمها فعلاً.
- المسار الثاني: يشمل عمل المؤسسة على تجربة تطبيق فكرة عدّادات مياه شرب مسبقة الدفع، سيتم تركيبها في المنازل وضخ المياه من قبل المؤسسة، في حال توقّف دعم "غول"، وعدم وجود منظمة بديلة تدعم تشغيل المحطات.
بعض المصادر المحلية تحدّثت عن ضغط مسبق من "حكومة الإنقاذ" من أجل إيقاف الدعم عن المحطات، وتحويل توريد المياه للسكّان في إدلب إلى عمل ربحي لصالح "الحكومة"، وهو ما لم يتسنَّ لموقع تلفزيون سوريا التأكّد منه.
السكّان يتخوّفون من احتكار المياه
تحدّث موقع تلفزيون سوريا إلى عدّد من سكان مدينة إدلب واستطلع آراءهم حول عزم مؤسسة مياه إدلب التابعة لـ"الإنقاذ" تركيب عدّادات لجباية المياه في حال توقّف الدعم عن محطات الضخ.
وعلى الرغم من أن معظم من استطلعت آراؤهم أيّدوا فكرة العدّادات لكونها ترشد استخدام مياه الشرب، وتقضي على ظاهرة الهدر المنتشرة بكثرة في المدينة لكون المياه مجانية، لكنّهم أعربوا في الوقتِ نفسه، عن مخاوفهم من رفع "الإنقاذ" سعر المتر المكعب من المياه وتحويل عملية ضخّها من عملية خدمية إلى عملية ربحية، فضلاً عن مرابح "الإنقاذ" في العدّادات مسبقة الدفع التي ستطرحها في الأسواق بأسعار مرتفعة، كما طرحت عدّادات الكهرباء بسعر 50 دولاراً أميركياً للعدّاد الواحد.
- منظمة "غول" تعلّق
مصادر خاصة مقرّبة من منظمة "غول" تحدثت لـ موقع تلفزيون سوريا، عن أنّ مشروع تشغيل محطات ضخ مياه الشرب قرب مدينة إدلب هو المشروع الأعلى كلفة بين المشاريع التي تعمل عليها المنظمة في الداخل السوري.
وأضافت أنّ المنظمة إلى جانب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) يعملان على حملة مناصرة من أجل استمرار دعم وتشغيل محطات ضخ مياه الشرب، مردفةً: "لكنّه احتمال ضعيف".
يشار إلى أنّ منظمة "غول" سبق أن أوقفت دعم وتشغيل محطة مياه مدينة معرتمصرين شمالي إدلب، مطلع العام 2021، ما تسبّب بأزمة مياه مع ارتفاع أسعار الصهاريج وعجزها عن تلبية حاجة المدينة، قبل تدخّل "حكومة الإنقاذ" وإعادة تشغيل المحطة، بعد تركيب عدّادات لجباية المياه في المنازل.