في الوقت الذي أخذت فيه تركيا تئن تحت وطأة الأعباء الإنسانية العاجلة والاقتصادية طويلة الأمد، عقب الزلزال المدمر الذي وقع في 6 من شباط، تزداد الضغوط على اللاجئين السوريين ما يدفع بهم للتفكير بمغادرة تركيا إلى أوروبا.
استقبلت تركيا على مدار 12 عاماً تقريباً أكبر نسبة من اللاجئين في العالم والتي وصلت إلى ما يربو على أربعة ملايين نسمة، غالبيتهم من سوريا، وبعضهم أتى من دول أخرى مزقتها الحرب مثل أفغانستان.
قتل في الزلزال أكثر من 47 ألف شخص في تركيا وسوريا، بينهم ما لا يقل عن 1500 لاجئ سوري، مع تشرد الملايين داخل البلدين.
وحول ذلك تقول شابيا مانتو الناطقة الرسمية باسم مفوضية اللاجئين: "إننا لا نعرف العدد الدقيق للاجئين المتضررين، وقد لا نعرف ذلك لبضعة أيام، إلا أننا نخشى من احتمال أن يكون العدد مرتفعاً بما أن مركز الزلزال كان قريباً من مناطق تجمعات اللاجئين".
أقارب وأصدقاء اللاجئة السورية نزيهة الأحمد وهم يدفنونها في مقبرة بجنوب تركيا إثر وفاتها في الزلزال
أطلقت الأمم المتحدة مناشدة لجمع أكثر من 1.4 مليار دولار ضمن جهود الاستجابة الإنسانية العاجلة.
وقد سبقتها 102 من الدول في عرض مساعدتها بحسب ما أعلنته الحكومة التركية، وعلى رأس تلك الدول تأتي الولايات المتحدة التي تبرعت بـ185 مليون دولار لتمويل الاستجابة، أعقبها 100 مليون دولار تبرعت بها دولة الإمارات.
وسط انتشار الحاجة للمأوى والمأكل والخدمات الأساسية في المناطق التي ضربها الزلزال في تركيا، تزايدت المشاعر المعادية للاجئين فظهرت دعوات تطالب برحيلهم.
وحول ذلك يعلق رافاييل ماركوس نائب مدير برامج جمعية إعانة المهاجرين، فيقول: "بلغت المشاعر المعادية للاجئين في تركيا ذروتها، ولهذا أصبح السوريون هدفاً لحملة تضليل إعلامي اتهمتهم بنهب البيوت المدمرة وسرقة المساعدات، إلى جانب إلقاء اللائمة عليهم لكونهم السبب في المصيبة التي حلت بتركيا".
بعد اكتشافهم بأن الحياة في تركيا باتت أصعب، عاد نحو 20 ألف سوري إلى سوريا عقب الزلزال، بحسب ما أكدته الحكومة التركية.
هجرة جماعية إلى أوروبا
خلال الأسبوع الماضي، دعا برنامج الغذاء العالمي الدول الأوروبية إلى تقديم المزيد من المساعدات لجهود الإغاثة بعد الزلزال قبل أن يبدأ اللاجئون القانطون بقرع أبوابهم.
إذ ذكر ديفيد بيزلي مدير برنامج الغذاء العالمي لرويترز: "الوقت ينفد ونحن نُستنزف من المال، إذ تكلف عملياتنا 50 مليون دولار بالشهر بالنسبة لاستجابة الزلزال وحدها، إذن إن لم تكن لدى أوروبا رغبة باستقبال موجة جديدة من اللاجئين، فسنحتاج إلى الحصول على الدعم المطلوب".
لاجئون سوريون يستدفئون بالنار أمام خيام نصبت في سوق في منطقة إصلاحية بغازي عنتاب- التاريخ 11 من شباط 2023
في عام 2015، دخل أكثر من مليون لاجئ ومهاجر، معظمهم سوريون وأفغان إلى الدول الأوروبية، ما دفع الاتحاد الأوروبي إلى عقد اتفاق مع أنقرة لمنع الناس من السفر بطريقة غير نظامية من تركيا إلى الدول الأوروبية مقابل الحصول على مساعدات وعلى عدم فرض تأشيرة لدخول أوروبا على المواطنين الأتراك.
وحول الوضع، يعلق كمال كيريشجي وهو خبير لدى مؤسسة بروكينغز، فيقول: "لا أعتقد بأن هجرة جماعية إلى أوروبا كتلك التي قامت في عام 2015 ستقوم بين صفوف اللاجئين، ولكن سيزداد عدد من يحاولون دخول أوروبا من تركيا".
عقب وقوع الزلزال، رفعت الحكومة التركية القيود المفروضة على حركة اللاجئين داخل تركيا لتسهيل انتقالهم إلى المخيمات أو إلى التجمعات السكانية خارج منطقة الزلزال.
وهنا يخبرنا كيريشجي بأن أغلب اللاجئين السوريين هم أسر لديها نساء وأطفال وبأن أغلبهم قد اندمج مع المجتمع التركي، بيد أن المهاجرين من دول أخرى هم رجال عزاب في الأغلب، ولهذا قد يخاطرون بأرواحهم في رحلات تأخذهم إلى أوروبا.
يقول حسين علي وهو مهاجر أفغاني يقيم في إسطنبول: "لم يعد لدينا أي أمل هنا، فكل من أعرفه يحاول أن يجمع بضعة آلاف من الدولارات حتى يسافر إلى أوروبا".
يطلب المهربون مبلغاً يتراوح ما بين أربعة إلى خمسة آلاف دولار على كل شخص مقابل سفره من تركيا إلى اليونان في رحلة بحرية خطيرة، ولهذا توفي نحو 3500 مهاجر وهم يحاولون قطع تلك الرحلة في عام 2014.
ولكن على الرغم من ارتفاع التكاليف ونسبة الخطر، تضاعف عدد المهاجرين الواصلين إلى أوروبا على مدار العامين الماضيين، من 620 ألفاً في 2021 إلى نحو المليون في عام 2022. ثم إن 260 ألفاً من طالبي اللجوء المسجلين خلال العام الماضي كانوا من الأفغان والسوريين بحسب ما أعلنته وكالة اللجوء لدى الاتحاد الأوروبي.
المصدر:Voice of America