حالة من الترقب تسود لبنان والمنطقة، عقب اغتيال الاحتلال الإسرائيلي نائب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" صالح العاروري، واثنين من قادة "كتائب القسام" الجناح العسكري للحركة، و4 آخرين من كوادرها، بغارة جوية استهدفت جنوبي العاصمة بيروت.
وقال اسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لـ"حماس"، في كلمة بثتها قناة "الأقصى" الفضائية، مساء الثلاثاء: "ننعى قائد الحركة في الضفة صالح العاروري، والقادة في القسام سمير فندي وعزام الأقرع، وعددا آخر من كوادر الحركة هم محمود شاهين، ومحمد بشاشة، ومحمد الريس، وأحمد حمود"، وحمّل إسرائيل مسؤولية تداعيات عملية الاغتيال.
بدورها، أفادت وكالة الإعلام اللبنانية الرسمية، بأن طائرة مسيرة إسرائيلية استهدفت بثلاثة صواريخ مقراً لحركة "حماس" في ضاحية بيروت الجنوبية، ما أسفر عن مقتل 7 أشخاص وإصابة 11 آخرين.
وأضافت الوكالة أن ثلاثة صواريخ استهدفت الشقة، حيث كان يعقد فيها اجتماع لحركة "حماس"، بوجود القيادي بالحركة صالح العاروري مع مرافقيه، كما جرى استهداف سيارة في المكان.
وهذه هي المرة الأولى منذ عام 2006، التي تستهدف فيها إسرائيل منطقة الضاحية الجنوبية لبيروت ذات النفوذ القوي لـ"حزب الله"، في ظل استمرار المواجهات الحدودية بين مقاتلي الحزب والجيش الإسرائيلي منذ 8 تشرين الأول الماضي.
هل يأخذ اغتيال العاروري المنطقة لمواجهة كبرى؟
ورأى محللون أن اغتيال قادة من "حماس" في العمق اللبناني بالتزامن مع استمرار الحرب على غزة والمواجهات في جنوب لبنان، يشكل تصعيداً غير مسبوق، وينذر بمواجهة أكبر قد تمتد لتشمل المنطقة بأكملها، بين ما يسمى "محور المقاومة" وإسرائيل.
قال المحلل السياسي اللبناني قاسم قصير، لوكالة الأناضول، إن "اغتيال العاروري عملية كبيرة وخطيرة جداً، تهدف لأخذ المنطقة نحو مواجهة كبرى".
وأضاف قصير أنه "لا توجد معلومات حول طبيعة الردّ على عملية الاغتيال حتى الآن"، لكنه رجّح أن "يكون هناك تصعيد في المواجهة على كافة الجبهات".
وعقب عملية الاغتيال، أصدر "حزب الله" بياناً نعى فيه العاروري ورفاقه، متوعداً بأن "هذه الجريمة لن تمرّ أبدًا من دون رد وعقاب"، واعتبر الحزب أن "جريمة الاغتيال اعتداء خطير على لبنان وشعبه، وتطور خطير في مسار الحرب بين العدو ومحور المقاومة"، على حد قوله.
بدوره، قال المحلل السياسي طوني بولس، إنه من الواضح أن اسرائيل اتخذت قراراً بتصعيد وتيرة الهجمات ضد فصائل "محور الممانعة"، فهذا الاستهداف هو الثاني من نوعه بعد اغتيال المسؤول بالحرس الثوري الإيراني في دمشق الأسبوع الماضي.
وفي 25 كانون الأول الماضي، أعلنت وكالة تسنيم للأنباء الإيرانية (شبه رسمية)، مقتل القائد في الحرس الثوري الإيراني رضي موسوي، إثر هجوم نفذته إسرائيل في سوريا، بينما لم تعلن تل أبيب رسمياً مسؤوليتها عن الحادث.
لم يعد هناك خطوط حمراء أمام إسرائيل
وأشار بولس الى أن "اغتيال العاروري يعتبر أعنف استهداف في العمق اللبناني منذ حرب 2006، ما يعني ان إسرائيل أسقطت ما كان يعرف بقواعد الاشتباك، ولم يعد لديها خطوط حمراء تجاه مواجهة إيران في المنطقة، وهذا ما ينذر باستهدافات أكبر".
وأكد أن "اغتيال العاروري في الضاحية الجنوبية لبيروت، وضع حزب الله أمام مفترق خطير جداً، فهو مضطر للردّ لحفط ماء وجهه، لكن بالوقت نفسه هناك إشكالية تكمن بأنه لا يملك ضوءاً أخضر إيرانياً، باعتبار أن إيران لم ترد بعد على مقتل القيادي بالحرس الثوري".
وتابع بولس: "اليوم حزب الله مرتبك، ويبحث عن ردّ كبير يوازي حجم الاستهداف، لكن بنفس الوقت لا يجر لبنان والمنطقة إلى مواجهة عسكرية كبيرة".
وفي 28 آب الماضي، حذر الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله، من أنّ "أيّ اغتيال على الأرض اللبنانية يطول لبنانياً او فلسطينياً أو سورياً أو إيرانياً أو غيرهم، سيكون له رد الفعل القوي، ولن نسمح أن تُفتح ساحة لبنان للاغتيالات".
وتأتي عملية الاغتيال في بيروت، بوقت تشهد فيه حدود لبنان الجنوبية مواجهات وقصفاً يومياً بين "حزب الله" من جهة والجيش الإسرائيلي من جهة أخرى منذ 8 تشرين الأول الماضي، ما أسفر عن وقوع عشرات القتلى والجرحى على طرفي الحدود.
من هو صالح العاروري؟
وخلال الفترة الممتدة بين عامي (1990 ـ 1992)، اعتقل الجيش الإسرائيلي العاروري إداريا (دون محاكمة) لفترات محدودة، على خلفية نشاطه بحركة "حماس".
ويعتبر العاروري من مؤسسي كتائب "عز الدين القسام"، الجناح المسلح لحركة "حماس"، حيث بدأ في الفترة الممتدة بين عامي (1991 ـ 1992) بتأسيس النواة الأولى للجهاز العسكري للحركة في الضفة الغربية.