البث المباشر
استقال 6 سوريين من حزب الخضر في ألمانيا، بسبب السياسة التي تتبناها القيادة الحزبية في الحكومة الحالية بما يتعلق في ملف الهجرة واللجوء، حيث اعتبروا أن الحزب انزاح عن اختياراته التي استقطبتهم أساساً، ولا سيما تلك المرتبطة باللاجئين.
وكانت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر، قد كشفت عن مشروع قانون خاص بترحيل طالبي اللجوء المرفوضين، مشيرة إلى أنه "جزء ضروري لمعالجة المخاوف بشأن الهجرة".
وتمت الموافقة على مشروع القانون من قبل الائتلاف الثلاثي للحزب الاشتراكي الديمقراطي من يسار الوسط، وحزب الخضر وحزب الديمقراطيين الأحرار (النيوليبراليين)، ومع ذلك، وصف بعض أعضاء حزب الخضر الاقتراح بأنه "انتهاك هائل للحقوق الأساسية"، وبأنه غير متناسب ومتشدّد جداً.
استقالة جماعية من حزب الخضر
وذكر موقع "مهاجر نيوز"، أن 6 من الشباب الذين لجأوا إلى ألمانيا بين عامي 2014 و 2016 بسبب الاضطهاد والحرب في بلدهم سوريا، أعلنوا الأسبوع الماضي اتخاذهم قرار الاستقالة بشكل جماعي من حزب الخضر الألماني، موضحين أن الأمر يتعلق بالسياسة التي تتبناها القيادة الحزبية في الحكومة الحالية في موضوع الهجرة واللجوء.
وقالت الشابة السورية المستقيلة من الحزب، حنين صطيف، إنّ أسباب اتخاذها قرار الاستقالة رفقة باقي الأعضاء، يعود لحجم الاختلاف القائم بين قيادة الحزب والقاعدة والذي أصبح ملموساً، خاصة خلال الأشهر الماضية.
وأضافت صطيف: "أوضحنا عبر مراسلات عديدة، اعتراضنا على مشروع إصلاح قانون اللجوء ومخاطره على الصعيد الإنساني والسياسي داخل ألمانيا، كما أن الاعتراض داخل حزب الخضر كان كبيراً لكن القيادة قررت التصويت لصالحه".
أما قصي عامر، عضو مجلس قيادة حزب الخضر في نويكولن، فقد أشار إلى "أنه استشعر تغييراً كبيراً في المواقف السياسية حول الهجرة واللجوء، ليس فقط داخل حزب الخضر، بل لدى عموم الأحزاب المؤلفة للحكومة الحالية".
وبما يخص حزب الخضر الذي ينتمي إليه، ذكر عامر، أنه شهد تغييراً واضحاً في خطابات قادة الحزب الحاليين، الذين اختاروا اتباع خطاب شعبوي ومعادٍ للاجئين.
في حين أوضح معتصم الرفاعي، عضو مجلس الهجرة والاندماج في نورنبرغ، أن مرد قراره رفقة المجموعة، يعود لعدة أحداث سابقة، جميعها مرتبطة بتغيير قيادة الحزب ووزرائه في الحكومة الاتحادية، للسياسات المرتبطة بقضايا الهجرة واللجوء.
ويؤكد الأعضاء المستقيلون، أن قرار الاستقالة "لم يكن مجرد رد فعل على معاناتهم الشخصية داخل الحزب، بل هو دفاع عن حقوق الإنسان"، قائلين إنّ "الحديث عن الأشخاص اللاجئين وباسمهم في المجال العام دفاعاً عن حقوقهم الأساسية هو واجب، لم تفلح في أدائه قيادة الحزب عبر مواقفها الحالية".
"تحريض على العنف ضد اللاجئين"
ويعتقد الشباب الستة أن التوجه الحالي لحزب الخضر فيما يخص سياسة اللاجئين، لا يمثل بأي شكل من الأشكال مكافحة اليمين، بل يوحي بالتقارب مع فكره، وأن التوجه يحرّض على العنف ضد اللاجئين، ويعزز سياسة حزب البديل من أجل ألمانيا (AfD)، الذي يشكل تهديداً جدياً للديمقراطية في ألمانيا.
وذكر الشاب قصي أن "قيادة الحزب اتبعت خطاباً يمينياً معادياً للاجئين في الأشهر الأخيرة، لتمرير بعض مشاريع القوانين".
وأضاف أن الأمر "لا يمكن أن يكون حلاً تحت أي ظرف من الظروف، لكن للأسف جاءت سياساتهم على حساب أحد الفئات الأضعف في المجتمع (فئة اللاجئين)، وهذا ما لا يمكننا التسامح معه".
بدوره، يرى الشاب معتصم أن هناك فرقاً كبيراً في الخطابات السياسية للأحزاب الألمانية قبل 2021 وبعدها، وأن "نبرة الأحزاب السياسية كانت ما قبل آخر انتخابات تميل نحو الاعتدال، لكن بتولي هذه الحكومة السلطة، بدأ التحول التدريجي نحو خطاب أكثر تشدداً ويمينية".
وتابع: "يمكن تأويل تحول الخطاب السياسي لأحزاب إشارة المرور إلى خطاب شعبوي كرد فعل تجاه الخطاب المعادي للاجئين الذي يروّج له التحالف المسيحي، وكذلك كنتيجة للقلق من ازدياد شعبية اليمين المتطرف وخسارة أصوات جديدة في الانتخابات المقبلة".
وأشار إلى أن هذا الاتجاه الجديد قد يسهم في "تعميق الانقسامات الاجتماعية ويضعف حقوق الإنسان، مما يهدد التنوع والتماسك الاجتماعي في المجتمع الألماني"، بينما تعتقد حنين أن "مهادنة الأحزاب اليسارية بما فيها الخضر للفكر اليميني، سواء لتحقيق مكاسب سياسية أو السير معه إلى حين اقتناص الفرصة المناسبة للخروج عنه في لحظات ضعفة، لن يحل المشكلة، بل ينبئ بمستقبل أكثر سوءا".
مفاضلة بين حزبين
وأفاد عدد من المستقيلين لموقع "مهاجر نيوز" أن انضمامهم إلى حزب الخضر كان تأثراً واقتناعاً بمبادئ الحزب خاصة منها المتعلقة بالدفاع عن حقوق المهاجرين واللاجئين في البلد، حيث قال قصي، إنه وصل إلى ألمانيا في بداية عام 2014 ويضيف: "في ذلك الوقت كان وعيي السياسي بدأ بالتشكل مع بداية الثورة السورية عام 2011، وبعد اللجوء قررت العودة إلى النشاط السياسي لسببين رئيسين: تقديم المساعدة وإيصال صوتنا كمجموعة جديدة في هذا البلد، وثانياً كنت أهدف لتعلم المعنى الحقيقي للعمل الحزبي الديمقراطي، وكيفية المشاركة بالحياة السياسية".
وأشار إلى أن "المفاضلة بالنسبة له كانت بين حزبي اليسار والخضر، بسبب سياستهما الداعمة لمجتمع اللاجئين والمهاجرين. لكن السياسة الخارجية لحزب اليسار وقربه من نظام بوتين، وبالتالي التوجه السياسي باتجاه دعم نظام الأسد كانت معياراً كافياً للابتعاد عن هذا الحزب".
أما معتصم، فقد ذكر أن انضمامه لحزب الخضر كان نتيجة اقتناع عميق بأفكار الحزب ومبادئه، خاصةً تلك المتعلقة بحقوق الإنسان، ويقول: "لقد رأيت في الحزب منبراً للدفاع عن هذه الحقوق وتعزيز التنوع. لكن للأسف، لاحظت تغييراً سلبياً في سياسات الحزب، بعيداً عن مبادئه الأساسية التي انضممت لأجلها، مما دفعني لاتخاذ قرار الاستقالة".
وأرجعت حنين انتسابها للحزب إلى قناعتها بأنه كان مدافعاً قوياً عن اللاجئين والمهاجرين، وأنها شعرت بضرورة تواجد تمثيل حقيقي يمثل المهاجرين واللاجئين داخل الأحزاب الألمانية.
