يرى خبراء حقوقيون أجانب بأن ضحايا القصف الروسي الممنهج في كل من سوريا وأوكرانيا يجب أن يحصلوا على تعويضات من خلال الأصول والأموال الروسية التي تم تجميدها.
هذا ما تراه غيسو نيا، وهي محامية مختصة بحقوق الإنسان الدولية تعمل لدى المجلس الأطلسي، شاركت في كتابة تقرير خلال شهر حزيران لحث المجتمع الدولي على تقديم المزيد بالنسبة لمحاسبة روسيا على خرقها للأعراف القانونية عبر قصفها للمشافي في كل من سوريا وأوكرانيا.
إذ خلال أول مئة يوم من الحرب في أوكرانيا، هاجمت القوات الروسية ما يقارب من 200 مشفى، بحسب ما أوردته منظمة الصحة العالمية. وفي مقارنة تعيسة مماثلة، هاجمت روسيا 600 نقطة طبية خلال الحرب السورية، بحسب ما ذكرته منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان.
كما استهدفت روسيا أيضاً الممرات الإنسانية، ونفذت غارات مزدوجة، حيث كانت تقصف المقر الطبي، ثم تستهدف من يأتون للإنقاذ بعد فترة قصيرة، وذلك في كل من سوريا وأوكرانيا.
بيد أن روسيا أنكرت استهدافها للمشافي والممرات الإنسانية في كلا البلدين.
وفي التقرير آنف الذكر الصادر عن المجلس الأطلسي، وهو مركز أبحاث يعنى بالشؤون الدولية، ورد بأن أسلوب استهداف المشافي خلال الحرب "يقوض البنود الراسخة التي وضعت بشق الأنفس والتي ينص عليها القانون الإنساني الدولي، وذلك فيما يخص حماية المدنيين في وقت النزاع".
التعويض ليس للأوكران فقط.. هنالك سوريا
هذا وقد تحدثت المحامية نيا عن حلول جريئة لذلك، تتمثل بتقديم تعويضات من خلال الأصول الروسية المحتجزة، إذ يمكن المضي قدماً في هذا الطريق، ولكن بوجود بعض العوائق، حيث قالت: "ثمة نقاشات كبيرة حول وضع اليد على أصول الدولة الروسية وأصول الأوليغارشية الروسية وإمكانية تجميد تلك الأصول، مع الاستعانة بتلك الأموال لإعادة إعمار أوكرانيا... وإننا نعتقد بأن جزءاً من تلك الأموال يجب أن يدفع كتعويضات للضحايا، إذ لا يوجد ضحايا من أوكرانيا فحسب، بل هنالك أيضاً ضحايا سوريون عانوا من الخروقات التي ارتكبتها الجماعات نفسها. ولهذا فإننا نرى بأن أي آلية توضع من أجل هذا الغرض يجب أن يكون لها دور في عملية الإنعاش، والمقصود بذلك ما سيخصص لضحايا الهجمات الروسية على المشافي".
أما سيليست كميوتيك، وهي محامية مهتمة بتلك الحلول القانونية المعقدة، تعمل لدى المجلس الأطلسي، فترى بأن هذه المقاربة لابد وأن تعتمد على إطار العمل الذي سيوضع من أجل الحجز على الأصول الروسية في كل دولة.
عوائق قانونية أمام الحصول على التعويض
وتضيف: "بالرغم من المقترحات التي قدمت في الولايات المتحدة حول إنشاء آلية قانونية للحجز على الأصول المجمدة بموجب عقوبات فرضت من أجل انتهاكات حقوق الإنسان، لم يتقدم مشروع القانون هذا قيد أنملة، ولهذا ما يزال دور وزارة العدل الأميركية محصوراً بالطرق التقليدية لمصادرة الأصول... وعملياً، يمكن للضحايا التقدم بطلب للحصول على حصتهم من الأصول المحتجزة، ولكن بالمختصر يجب أن يكون هؤلاء ضحايا للجرائم ذاتها التي احتجزت الأصول بسببها (والتي يبدو أنها تتصل بقضايا فساد)، كما يجب عليهم أن يثبتوا تضررهم بشكل مباشر بالأدلة والوثائق، إلا أن هذا لا ينطبق على معظم ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان للأسف".
وأضافت كميوتيك بأن وزارة العدل الأميركية ليس لديها حتى اليوم آلية رسمية للمطالبة باسم ضحايا الهجمات الروسية على المشافي في كل من سوريا وأوكرانيا حتى يتم من خلالها إعادة تخصيص الأموال الروسية المحتجزة حتى تدفع كتعويضات للضحايا. كما أن وزيرة الخزانة الأميركية، جانيت يالين، صرحت في شهر أيار الماضي بأنه لا يحق للولايات المتحدة قانونياً أن تتخذ هذا المسار، إلا أن الولايات المتحدة تتطلع نحو تحقيق ذلك.
يذكر أن الولايات المتحدة وحلفاءها جمدوا ما لا يقل عن 300 مليار دولار من الأصول الموجودة في المصرف المركزي الروسي منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في شهر شباط الفائت.
وعطفاً على ذلك تقول المحامية كميوتيك: "إن الوضع المثالي يتمثل بوضع تلك الأموال تحت تصرف عملية مطالبة قانونية تختص بها الولايات المتحدة، أو تكون عالمية، بحيث يمكن للضحايا بموجبها أن يتقدموا بطلباتهم بشكل مباشر"، وشددت بأن إقامة مثل هذا الإطار القانوني يحتاج إلى وقت طويل.
وبالمقابل، ثمة حل بوسعه أن يحيل الأصول الروسية المحتجزة إلى الحكومات الوطنية أو إلى منظمات موثوقة، إلا أن الوضع بالنسبة لسوريا وأوكرانيا قد يصل إلى طريق مسدود برأي كميوتيك، إذ ترى بأن: "ترحيل تلك الأموال إلى سوريا يعتبر أمراً غير واقعي، وذلك لأننا لا يمكن أن نعهد بأي أموال للحكومة الحالية، أما بالنسبة لأوكرانيا، فما يزال هنالك خطر قائم ألا وهو احتمال سقوط حكومة الرئيس زيلينسكي بيد روسيا، أي أن اللاجئين من كلا البلدين، لن يستفيدوا من تلك الآلية بما أنهم يقيمون خارج بلدهم... ولهذا أرى أن المنظمات تتمتع بمرونة أكبر، كما أنها موثوقة أكثر من النظام في الحالة السورية، إلا أنها تبقى محدودة بالنسبة للأشخاص الذين يمكنها الوصول إليهم، خاصة مع استمرار الحرب".
المصدر: بزنس إنسايدر