فوجئ عبيدة البني بالإنذار الذي وصله منتصف الشهر الجاري لإخلاء سكنه، هو وعائلته، خلال مدة أقصاها أسبوع لتسليم سكنه الواقع في منطقة Reinickendorf، شمالي العاصمة برلين.
السكن في المنطقة المذكورة عبارة عن بيوت مسبقة الصنع مخصصة للاجئين ويمنح اللاجئ منزلاً بشرط أن يقيم فيه بشكل مؤقت ريثما يجد سكنا دائما، إلا أن أزمة السكن التي تعيشها ألمانيا عموما دفعت اللاجئين للبقاء في المساكن لسنوات، إلا أن وصول موجات اللاجئين الأوكرانيين غيرت المعطيات وجعلت الحكومة الألمانية تخلي بعض المساكن من اللاجئين القدامى لصالح الوافدين الجدد.
وتضمّن البريد الوارد لعبيدة إضافة إلى رسالة إخلاء السكن، إخطاراً يدل على سكنه الجديد والذي سيكون في مساكن مخصصة أيضا لللاجئين في منطقة " Pankow" في برلين أيضا، لكنه بعيد عن سكنه القديم.
يقول أحمد لـ"تلفزيون سوريا" بات يتعين علينا يوميا توصيل ابنتي أمينة إلى حضانة الأطفال بالقرب من سكني القديم أي مسافة لا تقل عن 20 كم ومن ثم أعود إلى منطقة "Turmstraße" حيث أعمل في محل حلويات هناك، إنها معاناة حقيقية، كان بإمكان الحكومة الألمانية أن تسكن اللاجئين الجدد في الأماكن التي تم نقلنا إليها لأنهم وبكل الأحوال لا يوجد سبب يجعلهم يفضلون منطقة بعينها على خلاف وضعنا حيث بتنا نشعر بشيء من الاستقرار بمناطق سكننا الجديد من حيث مدارس الأطفال وكذلك أماكن عملنا.
المتحدث الصحفي باسم الوزارة الخاصة بالاندماج والعمل والشؤون الاجتماعية شتفان شتراوس تحدث لبرنامج "WDR" مشيراً إلى أنّ "التدفق الكبير للاجئين وضعنا أمام خيارات صعبة جدا ومنها إخلاء مأوى اللاجئين في بعض المناطق، لأن معظم اللاجئين الأوكرانيين هم من النساء والأطفال فكان من الضروري إيجاد سقف يؤويهم".
وأضاف المسؤول الحكومي أن الناس الذين تم إخلاؤهم من هذه المساكن تم تأمينهم في أماكن سكن تابعة للدولة وقسم تم إيداعهم بمكان بعيد نسبيا لكن ظروفها أفضل لأنها تأخذ شكل سكن دائم، و"بالتأكيد نحن ننظر لكل المشكلات المتأتية من هذا النقل".
بدوره عاد عبيدة ليؤكد أنه يتفهم بشكل كامل كل الإجراءات التي يتم إتخاذها لتأمين اللاجئين الجدد، لأن ظروفا مشابهة حصلت عام 2015 مع وصول نحو 700 ألف لاجئ من الشرق الأوسط وأكثرهم من السوريين نحو ألمانيا وكانت الإجراءات وقتذاك سريعة لاستيعاب هذا العدد وتأمين المأوى المناسب للجميع.
لكن يرى عبيدة أن الحكومة من شأنها أن تتخذ قرارات مع النظر بشكل جيد مع إمكانية وجود بديل لأن القرارات الحالية تتسبب بصعوبات للساكنين القدامى وخصوصا أن العام الدراسي الحالي لم ينته بعد.
ضغط مضاعف على مكتب شرطة الأجانب
ولا تتوقف المشكلات الجديدة عند اللاجئين القدامى بل طالت أيضا الواصلين الجدد، وصل ياسر منذ بضعة أيام من تركيا إلى النمسا ويفكر أن يقدم لجوءا في ألمانيا حيث يقيم شقيقه، لكن الضغط الحاصل على مكاتب شرطة الأجانب Ausländerbehörd والمخولة بالبت في قرارات اللجوء جعله يتريث ليفكر في تغيير الوجهة فربما تحتاج الدوائر الرسمية الألمانية شهورا عديدة لدراسة طلبات الوافدين الجدد من أوكرانيا وعددهم بات نحو 3.4 ملايين شخص نزحوا إلى الخارج حيث عبروا الحدود إلى الدول المجاورة لأوكرانيا، وذلك وفقا لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، التي أكدت أن الحرب في أوكرانيا تسببت بتشريد 10 ملايين شخص، وذلك وفقا لما صرح به رئيس المفوضية، فيليبو غراندي، على موقع تويتر الأحد (20 آذار 2022). ويذكر أن هذا العدد يعادل فعليا ربع عدد سكان أوكرانيا.
لكن وسائل الإعلام الألمانية أوضحت أن اللاجئين الأوكرانيين يعاملون ضمن تفعيل "آلية الحماية الجماعية" في الاتحاد الأوروبي، وهي شيء مختلف عن ملف اللجوء السوري وبالتالي لا داعي للمخاوف للواصلين الجدد من السوريين.
و"آلية الحماية المؤقتة" في الاتحاد الأوروبي تعني: "تعليمات التدفق الجماعي". وتم إدخال هذه الآلية إلى قانون الاتحاد الأوروبي في عام 2001 تحت تأثير حرب البلقان الثانية. وكان ظهورها بسبب الحرب في كوسوفو وأنشئت كي تكون قادرة على حماية الناس بسرعة وبشكل غير بيروقراطي في المستقبل.
وتفعيل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي آلية الحماية المؤقت يعني حصول أمرين، الأول أن عدد اللاجئين كبير جدا لدرجة أن نظام اللجوء التقليدي أصبح مثقلًا؛ والأمر الثاني هو أن اللاجئين يحصلون على حماية قانونية فورا، دون المرور بالمراحل والإجراءات العادية.
وتفعيل هذه الآلية يجلب معه مزايا مختلفة. إذ يتمتع اللاجئون المشمولون باللوائح بإمكانية الوصول إلى النظام الاجتماعي، ويتعين على الدول الأعضاء توفير السكن للاجئين والتعليم لأطفالهم. كما يحصل كل شخص مدرج في اللائحة على حق العمل في جميع دول الاتحاد الأوروبي. وستخفف هذه الآلية عبء دوائر اللجوء المعنية في الدول الأعضاء، إذ لن تحتاج لفحص كل حالة على حدة.
ويختم ياسر كلامه لـ"تلفزيون سوريا" بأن القلق ما يزال يساوره رغم كل التطمينات التي يتم الحديث عنها في الأوساط الرسمية الألمانية والتأكيدات بأن ملفات اللجوء الإنساني سيتم البت بها كما كان من قبل مرحلة وصول الأوكرانيين، ويضيف بأن "كثرة الصدمات والخذلان الذي تعرض له الشعب السوري جعلت القلق جزءا من الثقافة الجمعية لنا كسوريين، لذلك يسيطر القلق علينا أمام كل تحد نواجهه سواء كان يتطلب ذلك أم لا".