قطعت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في مصر المساعدات المادية عن عدد من السوريين، وذلك عن طريق إخطارهم بالأمر عبر رسالة نصية على هواتفهم المحمولة مضمونها استبعاد أسمائهم من المساعدات الغذائية بسبب نقص التمويل.
وأعلنت المفوضية، في 14 أيلول/سبتمبر الماضي عبر صفحة "المساعدات الغذائية للاجئين المسجلين في مصر"، أن برنامج الأغذية العالمي لتقديم المساعدات يعاني من نقص حاد في التمويل في أكثر من 38 دولة.
وأضافت، نتيجة لذلك سيضطر البرنامج إلى تقليص عدد المستفيدين من المساعدات حيث سيتم استبعاد بعض الأشخاص بناء على معايير تصنيف الأكثر احتياجا بداية من شهر سبتمبر، وذلك لضمان وصول المساعدات إلى الأشد احتياجا.
ولكن أتاحت المفوضية، عبر منشور لاحق، نظام طعن للأشخاص الذين يرغبون في تقديم طلب لاستئناف قرار الاستبعاد.
يقدم برنامج الأغذية العالمي مساعدة مادية للاجئين السوريين في مصر، تقدر بـ 400 جنيه للفرد شهريا (13 دولارا) عن طريق إضافتها إلى كرت غذائي يتم منحه للاجئ، وتتم إعادة شحنه شهريا.
ويبلغ عدد اللاجئين السوريين المسجلين في مصر 149 ألف لاجئ بحسب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين يتوزعون في أرجاء البلاد، في حين أن الإحصائيات الرسمية تشير إلى وجود مليون ونصف المليون سوري في مصر.
معاناة المستبعدين من المساعدات
أثار قرار استبعاد بعض اللاجئين من المساعدات ضجة بين أوساط السوريين على مواقع التواصل الاجتماعي، وخاصة أنه تزامن مع ظروف اقتصادية متردية يعيشها اللاجئ.
ويواجه السوري في مصر يوميا صعوبات كثيرة بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة، وتدني الأجور مقارنة بساعات العمل الطويلة، بالإضافة إلى رسوم المدارس التي أصبحت تثقل كاهله بعد قرار رفع مصاريف التدريس للطلاب الوافدين.
عبد الله كحلا، لاجئ سوري في مصر وأب لأربعة أطفال بدأ البحث عن عمل ثان بعد أن وصلته رسالة الاستبعاد من المفوضية.
ويقول عبد الله، في حديثه لموقع "تلفزيون سوريا"، تفاجأنا بالقرار قبل عودة المدارس، أنا أعمل في مطعم سوري، وأبنائي الأربعة جميعهم في المدارس، وأحتاج أن أدفع لهم المصاريف قبل بداية السنة.
ويضيف اللاجئ السوري، كان من المفترض أن يخبرونا قبل فترة لنحاول تأمين أوضاعنا مع دخول المدارس.
ويشير عبد الله، أنه على الرغم من أن المساعدات المادية ليست كبيرة، فإنها كانت تسند جزءا من المصروف.
ويتساءل عن سبب حرمانه بالقول، لا لا أعلم كيف أعادوا تقييمي من دون أن يروا ظروفي.
بدورها، أمل نجيب، لاجئة سورية، أرملة وأم لولدين، كان اسمها من بين المستبعدين من المساعدات التي كانت تسد جزءا مهما في إعانة أسرتها وإعالتهم.
تقول أمل، توفي زوجي في الحرب، وجئت مع أطفالي إلى مصر، أعمل في معمل خياطة سوري، أسعى لتأمين حياة كريمة لأولادي، كانت المفوضية تمنحنا مساعدة غذائية وراتبا شهريا بقيمة 500 جنيه للفرد، فيساعدني في دفع الإيجار وأصرف أنا على المنزل من راتبي قدر استطاعتي.
تضيف اللاجئة السورية، وصلتني رسالة استبعادي من المساعدات الغذائية بعد إعادة تقييمي، متسائلة لا أعلم من يمكن أن يكون أشد احتياجا مني وأنا أم وحيدة تربي أطفالها من دون معيل.
وتشتكي أمل بقولها، رغم أن مبلغ المساعدات ليس كبيرا، فإنه كان يحول بيني وبين استدانة المال إلى حين نهاية الشهر.
وتتابع قولها، الآن أحاول إيجاد عمل بمرتب أكبر، حتى لو عدد ساعاته أطول، لأن أولادي ما زالوا صغارا، وأكبرهم في الصف الثامن، ولا أريد أن يتركوا دراستهم للبحث عن عمل.
أما سعيد حوراني، لاجئ سبعيني سوري، فيقول أعيش مع زوجتي وحدنا في مصر، ابني عاد إلى سوريا منذ فترة طويلة، ولا يستطيع إلا إرسال قليل من المال بسبب صعوبة الأوضاع في سوريا، وكنا نحصل على مساعدات غذائية وراتب شهري يساعدنا في شراء الأدوية وبعض مستلزمات المنزل من أكل وشرب.
يضيف سعيد، لم نحصل على مساعدات طبية من المفوضية لشراء الأدوية، وكنا نعتمد على المساعدات الغذائية في ذلك، أما الآن ففقدناها ولا نعلم كيف سندبر أمورنا خاصة أني كبير في السن ولا أستطيع العمل في أي مكان، حتى لو أردت أن أعمل لن أجد وظيفة بسبب سني.
عشوائية التقييم وتوزيع المساعدات
يأخذ قرار منح المساعدات الغذائية في الاعتبار عدة عوامل مجتمعة بحسب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، منها الوضع المالي، وعدد أفراد الأسرة، وسهولة الحصول على مساعدات أخرى والاحتياجات الخاصة، ومخاطر الحماية، والحالات الطبية من بين العديد من العوامل الأخرى.
بعد ذلك، تتم مقارنة جميع الحالات لتحديد الأسر الأكثر احتياجا، والتي تقع تحت خط الفقر والأكثر تعرضا للمخاطر المتعلقة بالحماية، وبعد ذلك يتم تحديد هذه الأسر ودعمها من برنامج الأغذية العالمي.
يعترض العديد من اللاجئين السوريين على هذا الكلام، ويعتبرون أن المفوضية عشوائية في توزيع المساعدات، ويرى بعضهم أن هناك من يأخذ المساعدات وهو لا يستحقها، بينما يعاني اللاجئ المحتاج بالفعل الأمرين من أجل الحصول على المساعدات، وأن هناك العديد من المرضى، والأرامل، وكبار السن، لا يحصلون على مساعدات على الرغم من تقييمهم أكثر من مرة.
ريما مصطفى، لاجئة سورية تقول، سجلت في المفوضية منذ وصولي إلى مصر أنا وابني، وكان لا يزال صغيرا، ولم أحصل على المساعدات، قدمت عدة طلبات وقيموني أكثر من مرة، ولم أستطع الحصول على مساعدات غذائية ولا راتب شهري حتى الآن.
تضيف ريما، أعمل في محل تزيين عرائس لأنفق على بيتي، ولا يوجد لدي معيل في مصر، وأعرف عدة أسر يوجد لديها عدة موارد للدخل ومع ذلك تتلقى المساعدات بينما أنا لم أحصل عليها على الرغم من احتياجي.
بينما يقول خالد عز الدين، لاجئ سوري، لدي طفل مصاب بالتوحد، وأحتاج إلى كثير من المال لكي أصرف على علاجه وعلى المنزل وبقية أولادي، بالإضافة إلى مصاريف الدراسة، وتقدمت بطلب للمفوضية لمنحي مساعدات غذائية ولم أحصل عليها حتى لحظة كتابة هذه السطور.
يعتقد خالد أنه ليس هناك عدل في التوزيع، فهناك العديد ممن لا يستحقون المساعدات يحصلون عليها، بينما "نحن الذين نحتاج إليها لا نستطيع الحصول عليها على الرغم من كل هذه الظروف المتردية"، على حد تعبيره.