أعلنت الإدارة المركزية لشؤون الطلاب الوافدين في مصر عبر موقعها الرسمي وصفحتها على موقع فيس بوك تجديدا لقرار دفع رسوم القيد الجامعي للوافدين، ولم يستثن القرار الجديد السوريين الحاملين للشهادة الثانوية المصرية الذين كانوا مستثنين من الدفع سابقا.
وجاء في نص القرار أن على الطلاب الأجانب دفع ما يصل إلى 2000 دولار أميركي مقابل "القيد الجامعي" (أكثر من 60 ألف جنيه مصري)، عند التقدم للتسجيل في الإدارة العامة للطلاب الوافدين التابعة لوزارة التعليم العالي.
على الطلاب الأجانب في مصر استخراج "القيد الجامعي" من إدارة الوافدين، ومن دونه لا يمكن التسجيل الرسمي بالجامعات، ويدفع لمرة واحدة فقط عند التقديم على موقع "ادرس في مصر".
يذكر أن "القيد الجامعي" يختلف عن الرسوم الجامعية السنوية التي تدفع كل سنة.
وجرت العادة أن يصدر إعفاء واستثناء للطلاب السوريين واليمنيين من رسوم "القيد الجامعي".
في حين، لا يزال العمل مستمرا بقرار معاملة الطالب السوري كالطالب المصري في دفع الرسوم الجامعية السنوية خلال جميع مراحل التعليم (الابتدائي، الإعدادي، الثانوي، الجامعي)ن سواء الذي يحمل الثانوية المصرية أو السورية.
يوضح القرار المصروفات الواجب دفعها (القيد الجامعي من إدارة الوافدين)، وهي 170 دولارا مقابل خدمة تقديم على الموقع، و170 دولارا مقابل خدمة التنسيق، و150 مقابل خدمة اشتراك نادي الوافدين، و300 دولار مقابل حداثة المؤهل (عن كل سنة تأخير على الشهادة الثانوية)، و1500 دولار مقابل القيد الجامعي، ليصل المبلغ إلى 2000 دولار لمن يرغب في التسجيل بالجامعات سواء حكومية أو خاصة.
القرار الجديد يثير مخاوف السوريين
أثار القرار الجديد، بعدما تداوله رواد مواقع التواصل الاجتماعي، مخاوف السوريين وباتوا يعلقون الأمل على صدور إعفاء يشملهم.
يذكر أن الطالب السوري الحاصل على الشهادة الثانوية المصرية بات يعامل كغيره من الطلاب الوافدين، بحسب القرار الجديد، على عكس ما كان يجري سابقا، حيث كان يعامل معاملة الطالب المصري ويدفع مبلغا رمزيا بالجنيه المصري.
ويتزامن القرار الجديد مع ترقب العائلات والأهالي لصدور النتائج الثانوية العامة، ويأمل السوريون بمصر صدور إعفاء يشمل أبناءهم الطلبة ويخفّض قيمة تكاليف التسجيل في إدارة الوافدين، والعودة بها إلى سابق عهدها حيث كانت تصل إلى 5000 جنيه مصري فقط.
الطالبة السورية، ساندي عبد الله، عبرت عن صدمتها من القرار الجديد لأنها ستضطر لدفع نحو 10 أضعاف ما كانت تدفعه العام الماضي.
وتقول ساندي، في حديثها لموقع "تلفزيون سوريا"، إن تكاليف تسجيلها في كلية الحقوق جامعة عين شمس وصلت العام الماضي إلى 7000 جنيه مصري فقط، 5000 منهم دفعتها في إدارة الوافدين وباقي المبلغ رسوم تسجيل في الكلية والتي تعادل رسوم الطالب المصري.
في حين يجب على الطالب السوري اليوم دفع أكثر من 60 ألف جنيه مصري.
بدوره أحمد علي، والد طالب سوري ينتظر ظهور نتائج الثانوية لابنه يقول، إن المبلغ كبير جدا، وشعرت بإحباط شديد عندما سمعت بالقرار.
ويضيف أحمد، الذي يعمل سائقا على سيارة، رغم كل شيء سأحاول استدانة المبلغ من أحد معارفي من أجل تسجيل ابني في الجامعة لتأمين مستقبله.
من جهتها، وداد الخليل، امرأة سورية مقيمة في القاهرة، تقول إنها في حال لم يصدر أي إعفاء ستوقف تعليم ابنتها عند المرحلة الثانوية، ولن ترسلها إلى أي جامعة، فالتكاليف باهظة ولا طاقة لوالدها على دفعها، وخاصة في ظل هذا الغلاء الذي يضرب مصر وارتفاع الأسعار بشكل كبير.
وتأتي هذه الرسوم في ظل غلاء المعيشة والأزمة المالية التي تمر بها مصر، لا سيما أن مستوى الدخل للسوريين يتراوح بين 4 آلاف و 10 آلاف، الأمر الذي لا يتناسب مع المصاريف المترتبة عليهم من إيجار شهري للسكن وأقساط المدارس.
يارا محمد، طالبة ثانوية عامة، سورية عاشت مراحلها الدراسية جميعها في مصر، وأنهت امتحانات الثانوية العامة منذ أسبوع، وكانت تنتظر النتيجة على أمل الالتحاق بكلية اللغات والترجمة.
تقول يارا، لا توجد حلول أمامي، إما أن أدفع المبلغ، أو أن أهدم حلما بنيته لسنوات وتعبت كثيرا من أجله، وكانت سنة مرهقة كنت أحاول أن تكلل بالنجاح وتحقيق الأحلام.
معاملة السوري كالمصري
كانت الحكومة المصرية قد أصدرت سابقا قرارا بمعاملة السوري في التعليم والصحة كالمصري يجدد سنويا.
منذ عشر سنوات يدرس في مصر نحو 40 ألف طالب في مراحل دراسية مختلفة منهم نحو 15 ألف طالب جامعي بحسب آخر إحصائية للأمم المتحدة، يدفعون المصروفات بالجنيه المصري أسوة بالمصريين.
ويستمر العمل بالقرار إلى الآن، حيث يتم تجديده سنويا ويوزع على المدارس، والجامعات، والمراكز التعليمية.
يشمل قرار المساواة الطلاب السوريين الحاصلين على الشهادة الثانوية المصرية، بينما يحصل السوري الحاصل على الشهادة الثانوية السورية على تخفيض بقيمة 50% على الرسوم الجامعية التي يدفعها الوافد الأجنبي.
أما بالنسبة للوافد السوري الحاصل على الشهادة الثانوية من أي دولة أخرى باستثناء سوريا أو مصر، فإنه يدفع الرسوم الدراسية كاملة بالدولار أو بالجنيه الإسترليني من دون أي تخفيضات.
خلفية القرار ومحاولة إيجاد حلول
للتأكد من صحة القرار تواصل موقع "تلفزيون سوريا" مع أحد الموظفين، في إدارة الوافدين، حيث أكد الأمر، وقال إنه لا يوجد شيء ملموس على أرض الواقع حول إلغائه أو صدور أي إعفاء.
يعيش في مصر نحو مليون ونصف المليون سوري، بحسب آخر إحصائيات، وتُعامل الحكومة المصرية الطالب السوري في المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية معاملة المصري، وتمنح الطالب ووالديه إقامة سنوية وفقا لذلك.
يعزو أحمد العبد الله (33 عاماً)، شاب سوري يدير مكتب تسجيل جامعي للوافدين، خلفية القرار إلى تسجيل عدد لا بأس به من الطلاب السوريين في العامين الفائتين في الجامعات الخاصة والجامعات الأهلية، والتي تدفع رسومها بالدولار، بالاعتماد على مفاضلة الوافدين، التي سمحت لهم بالتسجيل بمجموع أقل.
ويقول أحمد، في حديثه لموقع "تلفزيون سوريا"، إن فئة من الطلاب السوريين أثرت على البقية ممن لا يستطيعون دفع رسوم كبيرة، ويرغبون في إكمال دراستهم، ولكن القرار الجديد يقف أمام أحلامهم.
هناك آلاف الطلاب السوريين الذين كانوا يستفيدون من المساواة مع الطالب المصري، قضوا مراحلهم الدراسية جميعها في مصر، اليوم سيعاملون معاملة الطالب الأجنبي من دون استثناءات.
بدوره، زياد خلف (29 عاما)، عضو في مجموعة تجمع الطلبة الوافدين السوريين على الفيس بوك يقول، قدمنا اعتراضا لإدارة الوافدين، وننتظر الرد آملين أن يتم استثناء السوريين، مشيرا إلى أن هناك حالة من القلق يعيشها الطلاب وأولياء الأمور من استمرار العمل بالقرار.
يضيف زياد، على الرغم من أن المبلغ كبير لنسبة كبيرة من الطلاب، ولكن على الأقل الرسوم الدراسية ما تزال كالمصري، نحن نحاول الآن من خلال الاعتراضات التي يتم تقديمها أن يقوموا بتخفيض رسوم القيد للسوريين كما كان الأمر في السابق.
في غضون ذلك، طالبت المحامية فاديا الحضراوي، في منشور على صفحة الجالية السورية، السوريين بالتريث إلى أن تظهر نتيجة الثانوية العامة، مشيرة إلى أنه بعد صدور النتائج من كل عام تصدر وزارة التعليم العالي قرارا بإعفاء السوريين من الرسوم.
حلول أخرى قد تكون متاحة
يحاول بعض السوريين الذين ليس بمقدورهم دفع الرسوم، إيجاد حلول بديلة، إما بالعودة إلى سوريا للدراسة في حال أمنوا ملاحقات الأمنية من قبل النظام، أو التسجيل بجامعة الأزهر.
يذكر أن التعليم مجاني في جامعة الأزهر، ولا يرتبط التسجيل فيها بإدارة الطلاب الوافدين، كما أنها تعامل السوريين معاملة المصريين في مجانية التعليم.
ويتطلب التسجيل بالأزهر أوراقا كثيرة، وإجراءات روتينية طويلة، وانتظارا من شهر إلى 4 أشهر للحصول على الموافقة الأمنية، بالإضافة إلى أوراق من السفارة السورية، وعمل امتحانات تجريبية.