تشهد قرى بريف اللاذقية وطرطوس رواجا ملحوظا في زراعة الحشيش (القنب الهندي) بحماية من ميليشيات موالية لحزب الله في المنطقة لا سيما في القرى الجبلية البعيدة عن مراكز المدن، حيث يخفي العديد من المزارعين هذه الزراعة من خلال زراعة التبغ إلى جانبها.
وأفادت مصادر خاصة في الساحل السوري لموقع "تلفزيون سوريا"، أن قريتي القطيلبية وعين الشرقية في ريف جبلة وقرى القطلبة وبحمرة وبكراما بريف القرداحة، تزرع فيها نبتة القنب الهندي التي يتم الحصول على غراسها من لبنان وعبر المليشيات الإيرانية الموجودة في المنطقة.
وبحسب المصادر التي اشترطت عدم ذكر اسمها لأسباب أمنية، باتت هذه الزراعة تتوسع بشكل ملحوظ منذ نحو عامين بدعم من تجار المخدرات في المنطقة، وغالبيتهم من عناصر ميليشيا "مغاوير البحر" المنحلة، والتي تتعاون مع أفراد من ميليشيا "حزب الله" اللبناني الذين يؤمنون البذور والحماية الأمنية، وتتجاوز المساحة المزروعة في هذه القرى أكثر من 100 دونم وهي مساحة كبيرة في مجال زراعة الحشيش.
ويصل سعر كيلوغرام الحشيش المنتج في هذه المناطق إلى نحو مليوني ليرة، ويتم تصريفه لشبان المنطقة على أبواب المدارس والجامعات وعلى مفارق الطرقات في بعض الأحياء دون أي تدخل يذكر من قبل أجهزة الشرطة والأمن.
وتؤكد المصادر أن زراعة الحشيش باتت مهنة مربحة، كما أنها باتت تنتشر في حدائق بعض المنازل في القرى، لاسيما في تلك الأراضي التي تزرع بالتبغ، وبعضهم يزرعه دون أي تغطية أمنية.
"هناك بائعون معروفون للجميع"
من جانب آخر قال الناشط الإعلامي في مدينة جبلة أبو يوسف جبلاوي لموقع "تلفزيون سوريا"، إنه من غير المستبعد أن تتوسع زراعة الحشيش في الساحل السوري نظرا لانتشاره الواسع وسهولة الحصول عليه بشكل علني.
وأضاف جبلاوي، "الحصول على الحشيش بات سهلا، هناك بائعون معروفون للجميع، وكورنيش جبلة آخر الليل بات شاهدا على حلقات الشبان الذين يدخنونه بلا أي رقيب.. أصواتهم وقهقاتهم تملأ المكان، العابر من هناك يلاحظ ما وصل إليه الأمر".
ويرى جبلاوي أنّ توفير التغطية لزراعة الحشيش في المنطقة الساحلية، "أمر خطير جداً لأنه سيدخل المنطقة التي تعاني من أزمات تنعكس على وضع الشبان في دوامة لا تنتهي".
ولفت الناشط إلى أن زراعة القنب الهندي بدأت قبل أعوام بشكل بسيط في قرى ريف طرطوس القريبة من الحدود اللبنانية، كما سبق أن انتشرت صور لزراعة زهرة الخشخاش. في حين اعترفت حكومة النظام باكتشاف عدد منها ما يؤكد حقيقة انتشار زراعتها في المنطقة.
وفي شهر أيلول الفائت كشف حادث سير وقع على طريق حمص طرطوس عن كميات كبيرة من المواد المخدرة كانت مخبأة داخل سيارة.
وقالت إذاعة "شام إف إم" المقربة من النظام السوري، إن "سيارة من نوع "بيك آب"محملة بكمية كبيرة من مادة الحشيش المخدر تدهورت بالقرب من جسر الزارة على طريق (حمص - طرطوس)، ما أدى إلى وفاة شخص وإلقاء القبض على آخر كانا في السيارة".
وأضافت الإذاعة عبر صفحتها في فيس بوك، أن "كمية المخدرات التي ضبطت داخل السيارة هي ثلاثة ملايين حبة (كبتاغون) مخدر، ونحو طنّين من مادة الحشيش المخدر".
مصنع للكبتاغون في ريف جبلة
وإلى جانب زراعة الحشيش أكدت مصادر مطلعة في مدينة جبلة وجود معمل لصناعة الكبتاغون في ريف المدينة قرب قرية البودي، تحت غطاء الصناعات الدوائية بحماية من الفرقة الرابعة التي تمنع أي مدني من الوصول للمصنع.
ولفتت المصادر التي اشترطت عدم ذكر اسمها لأسباب أمنية بسبب وجودها في المنطقة، أنّ المصنع تعرض قبل نحو عام لقصف إسرائيلي إلا أن العمل به ما يزال مستمراً لأنه شُيد في منطقة جبلية محصنة، حيث يعتبر هذا المصنع رديفا للكميات المهربة من لبنان التي تجمع في المنطقة قبل نقلها عبر مرفأ اللاذقية إلى دول أخرى.
وسبق أن نشرت صحيفة نيويورك تايمز، في كانون الأول 2021، تحقيقاً خلص إلى أن "الفرقة الرابعة" التابعة لقوات النظام السوري بقيادة ماهر الأسد، الأخ الأصغر لبشار الأسد، هي المسؤولة عن تصنيع مادة الكبتاغون وتصديرها، فضلاً عن تزعّم التجارة بها من قبل رجال أعمال تربطهم علاقات وثيقة بالنظام، و"حزب الله"، وأعضاء آخرين من عائلة الأسد.
وكانت صحيفة "الوطن" المقربة من النظام، قد اعترفت في تحقيق نشر مؤخرا بانتشار كبير للمواد المخدرة في مناطق سيطرة النظام السوري، لا سيما مادتي "الحشيش المخدر" وحبوب "الترامادول" الدوائية.
وأكد التقرير أن تلك المواد أصبح تداولها رائجا في أوساط اليافعين والفئات العمرية الصغيرة، وبأسعار زهيدة تقارب سعر البسكويت، إذ أن سعر حبة الترامادول الواحدة لا يتجاوز 3500 ليرة (0.7 دولار).
ونقلت الصحيفة عن مدير مشفى ابن رشد لعلاج الأمراض النفسية، غاندي فرح، قوله إن ظاهرة الإدمان في ازدياد، وإنها باتت تشمل الفئات العمرية الصغيرة، مشيراً إلى أن نسبة المدمنين زادت خلال عامي 2021 و2022 وفي أوساط الذكور خاصة بحسب قوله.