icon
التغطية الحية

اليوم الأول للدارسة بكندا.. طالبة ثانوية سورية تتحدث عن تجربتها الجديدة

2024.09.12 | 16:23 دمشق

مزنة وشقيقاتها
مزنة وشقيقاتها
CBC - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

طغت الحماسة ومسحة من التوتر على تفكير مزنة مهرات وهي تستعد لأهم شيء في حياتها أي يومها الأول في المدرسة الثانوية بكندا، إذ قالت في آخر يوم ثلاثاء قبل بدء العام الدراسي: "أعتقد أن النوم سيجافيني إن فكرت في أول يوم لي بالمدرسة الثانوية، لأني أحس بحماسة كبيرة تجاه التعرف إلى أشخاص جدد، وتبدو لي هذه المرحلة بمنزلة حياة جديدة لي".

هاجرت مهرات التي تعود أصولها إلى حمص بسوريا من مصر في تشرين الأول عام 2023، وتبدأ اليوم مرحلتها الثانوية بمدرسة ويستدال بهاملتون.

وتخبرنا بأن أشد ما يثير حماستها هو التعرف إلى أصدقاء جدد، لأن إقامة صداقات جديدة هو الشيء الذي تسعى لتحقيقه أينما حلت، وعن ذلك تقول: "أحب التعرف إلى أشخاص جدد"، ولهذا فهي تخطط لذلك اليوم، وتقول: "قد أتوجه إلى الصديق الجديد وأسأله: ما اسمك؟ هل تريد أن نكون أصدقاء؟ أو هل ترغب في تناول طعام الغداء بصحبتي؟"

انتقال سريع من مصر إلى كندا

حدث الانتقال من مصر إلى كندا بسرعة، إذ لم يمض سوى 15 يوماً على اكتشاف أمر السفر ومن ثم الوصول إلى الأراضي الكندية.

تسترجع مهرات ذكرياتها عن ذلك فتقول: "كانت الأمور صعبة للغاية، إذ بقيت أعيش في بلد لمدة عشر سنوات، وأقمت صداقات كثيرة فيه، ثم إنني أحب أصدقائي هناك، ولكني اضطررت لتركهم".

على الرغم من صعوبة ترك وضع تعودت عليه مهرات، فإنها تحس بحماسة كبيرة تجاه بدء حياة جديدة في كندا، بما أنها كانت تحلم بالعيش فيها منذ أمد بعيد.

رحلت أسرة مهرات عن سوريا عندما كان عمرها ثلاث سنوات فحسب، وعاشت الأسرة في مصر منذ ذلك الحين.

وبعد الوصول إلى كندا في العاشر من تشرين الأول عام 2023، وبمساعدة منظمة ويزلي غير الربحية التي تدعم القادمين حديثاً وغيرها من الجهات التي تقدم خدمات تطوعية، أقامت الأسرة في فندق طوال الأيام العشرين الأولى من وصولهم إلى البلد وذلك قبل بدء الدوام في مدرسة لتعلم اللغة الإنكليزية طوال بضعة أشهر.

وعن ذلك تقول سيليست ويستون مديرة قسم التطوير والتواصل في ويزلي: "تتعامل ويزلي عن قرب مع اللاجئين لتساعدهم في العثور على سكن وفي البحث عن مدرسة ودراسة اللغة الإنكليزية وفي تأمين فرص عمل وفي الخوض ضمن نظام الهجرة، كما أننا نتعاون من كثب مع ملاك البيوت في المنطقة لضمان تأمين سكن دائم للاجئين خلال 28 يوماً من وصولهم إلى البلد".

تتابع ويستون الشرح بقولها: "إن هذه الأسرة أسرة لطيفة للغاية، فالفتيات فيها يلعبن لعبة أونو ويشاهدن مسلسل سبونج بوب، ويستمتعن بتناول البيتزا، ويذهبن إلى المنتزه، كما أن إحداهن بدأت التعلم على التزلج، أما الأب محمد فهو جزار حاصل على تدريب جيد".

من أكبر التحديات والعوائق التي تقف بطريق الأطفال بعمر مهرات لدى وصولهم إلى كندا مشكلة التأقلم مع النظام التعليمي الجديد وتعلم لغة جديدة، وذلك بحسب ما ذكرته تحريم ظافر كبيرة مديري برامج الوافدين الجدد في جمعية الشابات المسيحيات غير الربحية بهاملتون.

وتخبرنا تحريم أن الأهل ينغمسون في دراسة أولادهم بمجرد أن يشعروا بأنهم منبوذون من النظام التعليمي، وذلك ما إن يصلوا إلى كندا ويتعرضوا للحواجز اللغوية ويواجهوا منظومة غريبة عليهم.

وتتابع تحريم بالقول: "يحس الأهل بانعدام أي وسيلة للتواصل، بعد ذلك يشعرون بأنهم خسروا أولادهم نظراً لانعدام التواصل بينهم، ثم يحاول الأطفال أن يكتشفوا هذا العالم بأنفسهم".

لدى جمعية الشابات المسيحيات برامج مخصصة للأطفال والأهالي تقدم لهم من خلالها المشورة والترفيه إلى جانب إقامة ورشات عمل وغير ذلك من الأمور التي تساعدهم في التركيز على حياتهم الجديدة.

وبناء على تجربتها في الهجرة من باكستان، تخبرنا تحريم بأنه بوسع أي شخص تغيير وضع الأهل مثلما فعلت مهرات، وتتذكر هنا بداية انتقالها إلى هاملتون بعد وصولها إلى كندا ببضع سنوات، عندما استوقفتها جارة لها وسلمت عليها، فتحول السلام من شيء إلى آخر، وبفضل هذا الحديث القصير مع جارتها الفضولية، اكتشفت تحريم برنامج الخطط التعليمية الفردية المخصصة للأطفال الذين لديهم احتياجات خاصة.

وتعلق على ذلك بقولها: "كانت هي من استوقفني، فأمضينا خمس دقائق وهي تسلم علي، ثم قدمت لي شيئاً لم يخطر لي على بال بما أننا أتينا من منظومتين تعليميتين مختلفتين".

مدرسة جديدة لا وجود للصديقة القديمة فيها

لا بد أن تكون بداية العام الدراسي الجديد بمنزلة تغيير كبير في حياة شقيقة مهرات الصغيرة لين، إذ خلال العام الماضي، كانت الشقيقتان تدرسان في المدرسة نفسها، وتمضيان وقت الفسحة والغداء معاً، فكانت كل منهما الصديقة الوحيدة للأخرى في كندا، ولكن في هذا العام ستداوم كل منهما في مدرسة مختلفة للمرة الأولى في حياتهما.

تعلق لين على ذلك بقولها: "إنني خائفة للغاية"، وتخبرنا بأنها تستمتع بالحديث ومشاهدة الفيديوهات وتناول البيتزا ولعب الأونو مع مهرات، وعلى الرغم من أنهما ما تزالان تعيشان تحت سقف واحد، فإن الأمور لن تكون على حالها، وتتابع مهرات الشرح قائلة: "كنا معاً طوال حياتنا" لذا فإن رؤية بعضهما بعضاً فقط في البيت سيكون بمنزلة تحول كبير في حياتيهما.

يفصل بين الشقيقتين سنتان فقط، ولهذا تعرب مهرات عن قلقها من أن شقيقتها عندما ستصل إلى المدرسة الثانوية، ستكون هي قد أصبحت في الجامعة، وتحدثنا لين عن مدى حبها لشقيقتها ورغبتها في البقاء معها فتقول: "أشعر بالحزن الآن لأنها ستداوم في المدرسة الثانوية".

كما تحدثنا مهرات عن مخاوفها وقلقها على شقيقتها وهي تقطع الطريق وحدها إلى مدرستها سيراً على الأقدام، إذ بما أنها كبرى الشقيقات الأربع، حيث إن لين تبلغ من العمر 12 عاماً، وزينة 9 أعوام، وأيلا أربعة أشهر، لهذا فهي تحس بالمسؤولية تجاه أمان شقيقاتها الأصغر منها سناً.

التكيف مع لغة جديدة

تخبرنا مهرات بأن لغتها الإنكليزية كانت سيئة للغاية لدى وصولها إلى كندا، ولكن ومن خلال المدرسة وحياتها في هاملتون، وبضع ساعات من الاجتهاد تمكنت من التغلب على هذه المشكلة، وعن ذلك تقول: "كنت أقرأ طوال الوقت، فأنا أحب القراءة كثيراً"، ولذلك أصبحت اليوم مترجمة لأسرتها المؤلفة من ستة أفراد.

ثم إن عشق مهرات للتعلم واضح، وخاصة عندما يتعلق الأمر بالمواد التي تحبها ألا وهي الرياضيات والعلوم، ولقد اكتشفت بأن دراسة الرياضيات في كندا أسهل بكثير مما هي عليه الحال في مصر، حيث كانت تمضي قرابة ست ساعات يومياً وهي تدرس وتكتب وظائفها وواجباتها المنزلية.

وعن ذلك تقول: "عندما تشرح المعلمة موضوعاً جديداً يهتف الطلاب في الصف: إنه صعب، أما أنا فأراه سهلاً، وكأن لسان حالي يقول لهم: لقد تعرضت لما هو أصعب مما تواجهونه جميعاً".

وبالنظر إلى المستقبل، أعربت مهرات عن رغبتها في الدراسة بالجامعة على أمل أن يبث ذلك الفخر تجاهها لدى أفراد أسرتها، وتعلق على ذلك بقولها: "أود أن أصبح طبيبة، وأن أعيش حياة جميلة وسعيدة".

 

 المصدر: CBC