أكد مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، إيثان غولدريتش، على أن "نظام الأسد أكبر عقبة أمام تقدم المسار السياسي في سوريا"، مشدداً على أن واشنطن "لم ولن تدعم أي جهد لتطبيع العلاقات مع نظام الأسد أو إعادة تأهيله".
وفي حوار أجرته معه صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية، قال غولدريتش إن موقف بلاده "لم يتغير من التطبيع مع نظام الأسد، ولم تتغير عقوباتنا الحالية عليه، وما زلنا نفرض عقوبات جديدة ومحددة الغرض، كي نوضّح التزامنا بحقوق الإنسان وبقانون قيصر".
وأضاف الدبلوماسي الأميركي "نذكّر جميع الدول، لا سيما تلك التي تنظر في الارتباط بنظام الأسد، بأن تنتبه بعناية إلى الفظائع التي ارتكبها ضد الشعب السوري على مدى العقد الماضي"، مؤكداً على أن واشنطن "تحض على مواصلة التركيز على المساءلة".
القرار 2254 الأكثر قابلية للتطبيق لضمان الاستقرار في سوريا
وحول العملية السياسية في سوريا، قال غولدريتش إنه "عندما يتعلق الأمر بإيجاد حل سياسي للشعب السوري، بعد أكثر من عقد من الحرب، كان نظام الأسد من دون شك أكبر عقبة أمام التقدم على ذلك المسار"، مشيراً إلى أن فشل الجولة السادسة من اجتماعات اللجنة الدستورية السورية "خير دليل على افتقار النظام إلى النية للتوصل إلى حل سياسي".
ووفق مساعد وزير الخارجية الأميركي، فإن "إحراز تقدم على الجبهة السياسية أمر ممكن، ولا تزال الولايات المتحدة ملتزمة التزاماً قوياً بالحل السياسي للصراع"، مشدداً إلى أن "العملية المحددة في قرار مجلس الأمن 2254 تبقى المسار الأكثر قابلية للتطبيق لضمان الاستقرار المستقبلي في سوريا".
وأوضح أن واشنطن "تدعم بقوة جهود المبعوث الخاص للأمم المتحدة، غير بيدرسن، لجمع السوريين معاً، وسوف نواصل العمل مع الأمم المتحدة وحلفائها والمعارضة السورية وشركائنا الدوليين لضمان استقرار سوريا في المستقبل"، مشيراً إلى أنه أجرى زيارات إلى عدة بلدان في المنطقة "لتعزيز نهج تعاوني لحل الصراع السوري، وتشجيع السبل الخلاقة لتنفيذ القرار 2254".
لا سلام مستقراً من دون مساءلة
وعن المحاسبة عن انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا، قال الدبلوماسي الأميركي أن "التزام واشنطن بتعزيز محاسبة المسؤولين عن الفظائع في سوريا، وتحقيق العدالة لضحاياها، ثابت لا يتزعزع"، مؤكداً على أن "الشعب السوري لن ينعم أبداً بسلام مستقر وعادل ودائم من دون مساءلة عن أخطر الجرائم".
وأوضح غولدريتش أن الولايات المتحدة "تدعم العمل الذي تقوم به لجنة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق بشأن سوريا، والآلية الدولية المحايدة والمستقلة، التي تعمل على جمع الأدلة وتوحيدها والحفاظ عليها وتحليلها فيما يتعلق بانتهاكات القانون الإنساني وانتهاكات حقوق الإنسان وتجاوزاتها، وإعداد ملفات لتسهيل الإجراءات الجنائية العادلة والمستقلة وتسريعها".
وأعرب عن ترحيب الولايات المتحدة "بالجهود المستمرة التي تبذلها المحاكم الوطنية للتحقيق في الجرائم التي تقع ضمن ولايتها القضائية والتي ارتكبت في سوريا"، مشيراً إلى الحكم الصادر بحق الضابط المنشق عن مخابرات النظام، أنور رسلان، في ألمانيا، والقبض على مواطن فرنسي سوري بتهمة ارتكاب جرائم حرب ودعم إنتاج الأسلحة الكيميائية.
وقال غولدريتش إنه "لا يزال برنامجنا الخاص بالعقوبات على سوريا أداة مهمة للضغط من أجل محاسبة مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا، لا سيما نظام الأسد"، موضحاً أن "تسمية واشنطن اثنين من كبار ضباط سلاح الجو لدى نظام الأسد المسؤولين على الهجمات بالأسلحة الكيميائية، وثلاثة من كبار الضباط في الأجهزة الأمنية، إشارة واضحة إلى التزامنا بالمساءلة والعدالة للشعب السوري".
وأشار إلى أن تحديد العقوبات لا يقتصر على نظام الأسد، ففي تموز الماضي صنّفت الولايات المتحدة فصيل "أحرار الشرقية"، على خلفية ارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، وفرضت عقوبات على اثنين من قادتها.
صفقة الطاقة في لبنان تتسق مع القانون الأميركي
وفيما يتعلق بالاستثناءات من عقوبات "قانون قيصر" في صفقة الكهرباء مع لبنان، جدد الدبلوماسي الأميركي التأكيد على أن واشنطن "لم ترفع أو تخفف من العقوبات المفروضة"، مشيراً إلى أن "جهودنا تتركز في مساعدة الشعب اللبناني بطريقة تتسق مع القانون الأميركي".
وأكد أن الولايات المتحدة "على اتصال وثيق مع حكومات لبنان ومصر والأردن للوقوف على كيفية هيكلة وتمويل ترتيبات الطاقة بشكل أفضل، وضمان معالجتها للمخاوف المحتملة من العقوبات"، مشدداً على أنه "نواصل العمل بشكل وثيق مع مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية، لضمان الامتثال لبرنامج العقوبات على سوريا".
القتال ضد "داعش" لم ينته بعد
وعن محاربة "تنظيم الدولة" بعد مقتل زعيمه أبو إبراهيم الهاشمي القرشي، قال غولدريتش إن "الهجوم على سجن الصناعة كان تذكيراً صارخاً بأن داعش لا يزال يشكّل تهديداً لأمن الولايات المتحدة والمجتمع الدولي، بما في ذلك السوريون".
وأضاف أن الهجوم على السجن في مدينة الحسكة "أكد على ضرورة ضمان الاحتجاز الآمن لمقاتلي داعش"، مشيراً إلى أنه "من المهم جداً أن تقوم البلدان الأصلية بإعادة مواطنيها المحتجزين شمال شرقي سوريا، وإعادة تأهيلهم ودمجهم في المجتمع ومقاضاتهم بحسب الاقتضاء".
واعتبر الدبلوماسي الأميركي أن مقتل القرشي "نصر مهم في المعركة العالمية لعرقلة داعش وتفكيكه"، موضحاً أن "العملية كانت جزءاً من مهمة أكبر للتحالف الدولي لهزيمة التنظيم، تقوم بها دول كثيرة لحرمانه من أي سيطرة في العراق وسوريا، ومواجهة دعايته وتمويله، وتثبيت المناطق التي تم تحريرها منه لمنع انتشاره".
وشدد على أن "القتال لم ينته بعد، وسوف تواصل الولايات المتحدة وشركاؤها المحليون والتحالف الدولي جهودهم في سوريا حتى ضمان الهزيمة الدائمة للتنظيم"، مشيراً إلى أن واشنطن "تحافظ على وجودها المحدود في شمال شرقي سوريا كجزء من استراتيجيتها للعمل مع، ومن خلال، قوات سوريا الديمقراطية وغيرها من الشركاء المحليين لمنع عودة ظهور داعش".