إيران هي واحدة من الأطراف الرئيسية التي شاركت في الصراع السوري الدائر منذ عام 2011، ومع مرور الزمن تجاوز دورها الدعم السياسي والعسكري، ليشمل تداعيات استراتيجية وإقليمية تجعلها أحد الفواعل الأساسية في المنطقة.
وتتلخص حيثيات الوجود الإيراني في سوريا في أربعة جوانب رئيسة:
الجانب الأول هو تأثير إيران في دعم النظام السوري حيث لعبت إيران دوراً حاسماً في دعم النظام السوري ورئيسه بشار الأسد، وقدمت تمويلاً ودعماً عسكرياً، بما في ذلك تدريب الميليشيات وإرسال مقاتلين إيرانيين وجماعات حليفة من لبنان والعراق وأفغانستان، ما عزّز الدور الإيراني في بقاء النظام السوري بالسلطة.
أما الجانب الثاني فيتركز في الأبعاد الإقليمية للوجود الإيراني حيث تعتبر سوريا مسرحاً لمنافسة إقليمية بين إيران والدول الأخرى، حيث إن الوجود الإيراني في سوريا يعدّ جزءاً من استراتيجية أوسع لتعزيز نفوذها في المنطقة، بما في ذلك دعم جماعات حليقة وتأثيرها على مستقبل سوريا والمنطقة.
وفي الجانب الثالث لا بد من ذكر تداعيات الوجود الإيراني على الأمن الإقليمي، حيث يثير وجود إيران في سوريا مخاوف الدول الإقليمية والدول الغربية بشأن الأمن والاستقرار، وتتضمن هذه المخاوف التأثير على الأمن الإقليمي والتوترات مع إسرائيل ودول الخليج، والتداعيات المحتملة لهذا الوجود على المشهد الإقليمي.
ولا يمكن إغفال الدور الدبلوماسي الذي تلعبه إيران في الصراع السوري بالإضافة إلى التدخل العسكري، حيث تسعى إيران إلى التأثير في تشكيل المستقبل السياسي لسوريا والمشاركة في محادثات السلام.
الدور الإيراني في الصراع السوري
خلال الثورة السورية، لعبت إيران دوراً عميقاً وحاسماً في دعم النظام السوري والمساعدة في الحفاظ على استقراره، هذا الدور العميق يمكن تفسيره من خلال عدة جوانب وأبعاد:
- الدعم العسكري والتسليح:
إيران قدّمت دعماً عسكرياً مباشراً للنظام السوري من خلال تزويده بالأسلحة والذخائر، وتقديم المشورة العسكرية، كما أرسلت إيران مقاتلين وميليشيات من حزب الله اللبناني وميليشيات شيعية أخرى تعمل بالتنسيق مع قوات النظام وميليشياته، هذا الدعم كان حاسماً في مساعدة النظام على محاربة المعارضة المسلّحة.
- الدعم المالي والاقتصادي:
قدمت إيران مساعدة مالية كبيرة للنظام السوري للتغلب على الأزمة الاقتصادية وتمويل الجهد الحربي، وهذا الدعم شمل مساعدة مالية مباشرة وخطوط ائتمان وصفقات تجارية تعزز اقتصاد النظام.
- التدخل العسكري المباشر:
إلى جانب دعمها المالي والعسكري، نشرت ونظّمت إيران قواتها ومقاتليها في سوريا، وقد شهدنا وجوداً عسكرياً إيرانياً مكثّفاً في المناطق الاستراتيجية بسوريا، وما تزال تبسط سيطرتها على مناطق عدة على الرقعة السورية.
- تدريب الميليشيات المحلية:
درّبت وجنّدت إيران ميليشيات محلية في سوريا، وكان لها دور كبير في تشكيل وتنظيم هذه الميليشيات، بما في ذلك ميليشيا "الدفاع الوطني" و"الحرس الثوري"، والتي تعمل كقوات موالية للنظام.
- الدور في الشؤون السياسية:
إلى جانب الدور العسكري والاقتصادي، تدخلت إيران أيضاً في الشؤون السياسية السورية، وقدمت الدعم السياسي والدبلوماسي للنظام وعملت على تشجيع التحالفات المؤيدة للنظام على المستوى الإقليمي والدولي.
- دعم الجماعات المسلحة الشيعية:
إلى جانب دعم النظام السوري، قدمت إيران الدعم للجماعات المسلحة الشيعية في سوريا، مثل حزب الله اللبناني، وذلك لمساعدتها في مواجهة التنظيمات المسلحة والمعارضة المسلحة.
- الدور الإقليمي والدولي:
تعتبر إيران جزءاً من الكتل الإقليمية المعنية بالشأن السوري، مثل محور المقاومة، وتمتلك تأثيراً كبيراً في المنطقة. لذا، كان لها دور كبير في توجيه الأحداث والسياسات في سوريا على الصعيدين الإقليمي والدولي.
فهم دور إيران وتأثيره على الصراع في سوريا، يمكن أن يسهم في تسهيل الجهود الدبلوماسية لإيجاد حل سياسي للصراع السوري، بالرغم من تعقيدات المشهد الإقليمي والدولي في المنطقة، يجب أن نتذكّر أن السوريين هم أول من يعانون من هذا الصراع المستمر، وأن الحلول يجب أن تأخذ في الاعتبار حقوق واحتياجات الشعب السوري وتحقيق الاستقرار في المنطقة.
بشكل عام، إن فهم الأوضاع والأطراف المتداخلة في الصراع السوري يعد أمراً بالغ الأهمية، ويجب على المجتمع الدولي العمل بجدية لإيجاد حلّ سياسي يحقق الاستقرار والسلام في سوريا.