كشف مصدر خاص لموقع تلفزيون سوريا عن تعليمات أصدرتها "القيادة القطرية لحزب البعث" في سوريا تقضي بانتداب مجموعة من أعضاء ميليشيا "كتائب البعث" لتصديرهم كواجهة مجتمعية ممثلة لفئة الشباب خلال الفترة المقبلة.
وقال المصدر إن التعليمات نصت على تكليف الأشخاص المنتدبين لحضور الندوات الاجتماعية والظهور الإعلامي المستمر على كافة وسائل الإعلام التابعة للنظام السوري والموالية له، لاسيما في القضايا المجتمعية والمعيشية.
وأضاف أن عدد أعضاء كوادر الميليشيا المكلّفين بالتعليمات الجديدة يبلغ 24 شخصاً، من مختلف المحافظات السورية، موضحاً أن "القيادة القطرية" قضت بإخضاع مجموعات من كوادر ميليشيا "كتائب البعث" لدورات إعداد في جميع المحافظات السورية، وانتداب اثنين من كل محافظة لحضور الدورة النهائية.
وأشار إلى أن العناصر المنتدبين للظهور الإعلامي والمجتمعي خضعوا لدورة أطلق عليها اسم "دورة إعداد القادة" في المدرسة المركزية التابعة لحزب البعث في مدينة التل بريف دمشق مطلع الشهر الجاري، مبيّناً أن دورة الإعداد شملت تدريبات على الظهور الإعلامي وتوجيهات سياسية للتعاطي مع القضايا المجتمعية إعلامياً.
خطة لإعادة تفعيل الجناح السياسي في حزب البعث
ورأى الكاتب والسياسي "فراس علاوي" أن سياسة تصدير ميليشيا "كتائب البعث" إلى واجهة المشهد السوري هي سياسة "مداورة" يتبعها النظام السوري ويحاول من خلالها إعادة تلميع صورة الميليشيات والجهات التي كشفت أدوارها.
وأضاف في حديثه لموقع تلفزيون سوريا أن ذكر اسم "البعث" هو عودة قوية لحزب البعث بالنسبة للنظام، وإحياء دوره في استراتيجيته المستقبلية، لافتاً إلى أن "نظام الأسد له تراتبية محدّدة بالولاءات وينحاز إلى فئات معينة عند تراجع ولاء فئة كانت تقاتل بجانبه"، في إشارة منه لتصدير ميليشيا كتائب البعث محلياً كمنافس مباشر للميليشيات التي شكّلها رجال الأعمال والمتنفذين في سوريا.
وعن أسباب تعليمات تصدير الميليشيا إعلامياً، اعتبر "علاوي" أن الانخراط بوسائل الإعلام يأتي في إطار إعادة تعويم فكرة البعث، موضحاً أن الجهاز الأمني التابع لنظام الأسد لا يخدم مصالحه بالكامل، رغم بشاعة الأفعال التي ارتكبها خلال السنوات الماضية، ولا بد من وجود ميليشيا رديفة تنفّذ الأعمال التي لا يريد النظام ارتكابها عبر جهازه الأمني.
ما علاقة الحزب الشيوعي الصيني؟
وأكّد المصدر لموقع تلفزيون سوريا أن دورة إعداد القادة المذكورة جرت بإشراف خمسة مدربين من أعضاء قيادة فروع حزب البعث في سوريا كانوا قد خضعوا لدورة إعداد "افتراضية" لدى "الحزب الشيوعي الصيني" قبل أيام على انطلاق الدورة التدريبية في المدرسة المركزية بريف دمشق.
ولفت المصدر إلى أن الدورة التي خضع لها المدربون تضمنت تدريبات مماثلة للتدريبات التي قُدّمت لكوادر ميليشيا "كتائب البعث" المنتدبين لتصديرهم إعلامياً.
عضو "الحزب الشيوعي السوري" فؤاد إيليا قال لموقع تلفزيون سوريا، إن النظام لجأ للحزب الشيوعي الصيني في تقديم تلك التدريبات، لكون الأخير له تجربة تاريخية في تصدير الميليشيات المسلحة سياسياً ودولياً، معتبراً أن العملية مرتبطة بالحكومة الصينية بالكامل وليس بالحزب الشيوعي الصيني ككيان منفصل، في حين رأى عضو الحزب ذاته محمود وهب أن اعتماد النظام السوري على "الشيوعي الصيني" جاء بسبب انشغال الروس بالحرب الأوكرانية.
ومن جهته، قال الكاتب والسياسي "فراس علاوي" إن صعود "الشيوعي الصيني" في الفترة الراهنة واقترابه من الأنظمة الشمولية، دعم فكرة الأسد في التوجه نحو الصين، مؤكّداً أن هذا الطرح ليس جديدا، وأن هناك علاقات وزيارات سابقة للقيادة القومية والقيادة القطرية لحزب البعث إلى الصين.
وبيّن أن العلاقة بين الحزب الشيوعي الصيني وحزب البعث قديمة جداً، موضحاً أن النظام استلهم من تجربة "الشيوعي الصيني" في سياسته المتعلقة بالعلاقات الحزبية والكثير من القوانين التي أقرها سابقاً.
وأوضح أن لجوء النظام للحزب الشيوعي الصيني في سياسته بدأ في فترة حكم "حافظ الأسد" الذي كان يعتمد على الصين ويوغسلافيا في ابتزاز روسيا عند التأخر عن تلبية مطالبه أو الابتعاد عن دعمه.
مكاسب سياسية واقتصادية مستقبلية
واعتبر "علاوي" أن أهداف "الشيوعي الصيني" من مساندة النظام هي "أهداف سياسية" تتمثل بالحفاظ على دوره في المنطقة وكسب "أتباع" ومنطقة نفوذ جديدة حال وجود أي تغيير لمصلحة النظام مستقبلاً، مبيّناً أن الصين تحاول إنشاء محور شبيه بمحور الاتحاد السوفييتي سابقاً يربط العديد من الدول بالحزب الشيوعي الصيني.
وأشار إلى أن "الشيوعي الصيني" لا يزال يعيش في مرحلة "التجربة الشيوعية" التي تنص على أن يكون هو "الحزب الشامل"، وله فروع في دول أخرى وأذرع تخدم سياسته المستقبلية، في حين اعتبر عضو "الحزب الشيوعي السوري" "فؤاد إيليا" أن الصين تطمع بالحضور في سوريا، لكن في سياق بعيد عن التدخل العسكري، على خلاف التدخل الروسي والإيراني.
وبحسب إيليا فإن للصين نظرة بعيدة تسعى من خلالها إلى الحصول على حصص من عملية إعادة الإعمال في سوريا.