يتقاضى متنفذون في مهاجع سجون النظام السوري بالتعاون مع عناصر شرطة، مبالغ شهرية من السجين لقاء نومه على سرير. وتتراوح هذه المبالغ بين 14 و20 ألف ليرة شهرياً. ما خلق معاناة إضافية لهم ولذويهم في ظل تأزم الوضع الاقتصادي والمعيشي في مناطق سيطرة النظام.
إتاوات للنوم على سرير في سجون النظام
ويشتكي ذوو الموقوفين في سجون النظام من ارتفاع أسعار الأسرَّة في سجن عدرا، مما دفع كثيرين منهم للنوم على الأرض من دون سرير نتيجة عدم قدرتهم على دفع تلك الإتاوات الشهرية.
وقال، سليم، 44 عاماً، وهو أخ سجين في سجن عدرا لموقع تلفزيون سوريا: "أخي موقوف بتهمة التعامل بغير الليرة السورية منذ سنتين"، مضيفاً أنه منذ لحظة دخوله السجن وحتى اليوم يضطر للنوم على الأرض نتيجة عدم قدرته وذويه على دفع 20 ألف ليرة شهرياً.
وأكد، الرجل الأربعيني، أنَّ من يقوم بتقاضي تلك المبالغ هو سجين قديم (محكوم لمدة طويلة) بالاتفاق مع عناصر شرطة يقومون بالتغطية عليه وتسهيل تزعمه لمهجع السجناء وتحكمه بهم.
وأوضح في حديثه، أنَّ دفع تلك المبالغ عُرف في السجون السورية، لكن مع تدهور الوضع الاقتصادي بدأت عناصر الشرطة باستغلال حاجة السجين ليس فقط للأسرَّة، وإنما في كل ما يخص حياة هؤلاء المساجين.
الشرطة تتاجر في السجون
كذلك، يعاني ذوو السجناء من صعوبة تأمين زيارات لأبنائهم المعتقلين في سجون النظام المدنية، ومن ارتفاع تكاليف المواصلات ذهاباً وإياباً، مما دفع البعض منهم لاقتصار تلك الزيارات لمرة واحدة كل شهر أو ثلاثة أشهر.
هذا ما حدث مع سعاد، وهي أم لسجين في عذرا وتقول: إنها "قصرت زيارة ابنها الموقوف بتهمة بيع مواد مدعومة كل ثلاثة أشهر من جراء عدم قدرتها على دفع أجور المواصلات، ومحاولة توفير البعض منها مصروف لابنها داخل السجن حيث لا طعام ولا نوم عدا عن سوء المعاملة".
وأوضحت أن مصروف ابنها داخل السجن يثقل كاهلها بسبب شرائه للدخان الوطني بسعر مرتفع، مشيرةً إلى أنَّ سعر باكيت الحمراء يتراوح بين 15 و18 ألف ليرة سورية، بينما سعرها في السوق يتراوح بين الـ 5500 و6000 ليرة.
ولا يقتصر موضوع معاناة السجناء على متطلبات الطعام والشراب، بل يتعداه إلى الاتصالات من كوات الاتصال مع ذويهم، إذ تبلغ قيمة المكالمة للدقيقة الواحدة 150 ليرة سورية، وتباع بطاقات هاتفية من قبل عناصر شرطية قيمتها نحو 5000 ليرة سورية تكفي لاتصال لمدة نصف ساعة على فترات متقطعة، وفقاً لعدد من ذوي السجناء التقاهم موقع تلفزيون سوريا.
ظروف احتجاز غير إنسانية
عدا عن كل ذلك، يعاني المساجين من ظروف احتجاز غير إنسانية مثل الاكتظاظ وقلة الطعام وسوء المعاملة في معظم سجون النظام السوري.
بدورها، قالت مصادر من جمعية رعاية المساجين وأسرهم باللاذقية لموقع تلفزيون سوريا: "إنَّ الوضع الصحي وقلة توفر الخدمات الطبية في سجون النظام يشكل معضلة كبيرة للسجناء وذويهم خصوصاً النساء منهم".
وأوضحت أنَّ إدارة السجون لا تولي أهمية للوضع الصحي للسجناء وكذلك جودة الطعام ما ينعكس سلباً عليهم. مشيرةً إلى أنها تعمل على توفير الرعاية الصحية والنفسية للسجناء والتي لا يوليها النظام أي اهتمام.
كما استنكرت الجمعية، توجه النظام السوري لافتتاح مراكز ثقافية في سجونه، وترويجه لتلك المراكز على أنها تندرج في إطار اهتمامه بالسجون.
ويوجد في كل محافظة من المحافظات السورية 14 سجنا مركزيا، فضلاً عن وجود سجون أخرى في المدن الرئيسية كدمشق وحلب وحمص، وكذلك مراكز احتجاز سرّية في السجون وأقبية الفروع الأمنية، والتي تخضع لإدارة أجهزة النظام الأمنية.
ويعدّ سجن دمشق المركزي "عدرا" أحد أهم وأكبر سجون النظام الموجودة في سوريا، ويتبعُ اسمياً لوزارة الداخلية، إلا أنه يضم الآلاف من معتقلي الرأي والسياسة وخصوصاً المشاركين في تظاهرات الثورة السورية والناشطين والإعلاميين الذين يتم تحويلهم من فروع الأمن والمخابرات ليتم إيداعهم داخل السجن، دون أن يصدر بحق العديد منهم أحكاماً قضائية أو تجري لهم جلسات محاكمة علنية.
ويحتوي السجن على أربعة عشر جناحاً موزعة حسب أنواع الجرائم، ويشار إلى أن الجناح الثاني كان مخصصاً للسجناء السياسيين قبل 2011، وكان يطلق عليه بين السجناء مسمى (مهجع المثقفين)، بينما أضحت اليوم جميع الأجنحة تضم معتقلين سياسيين من مختلف التوجهات.