icon
التغطية الحية

الملايين مقابل لا شيء.. تأهيل محطات الكهرباء لن يوقف التقنين في سوريا

2021.11.29 | 05:53 دمشق

ror_5660-660x330.jpg
محطة الديرعلي لتوليد الكهرباء بريف دمشق
دمشق - تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

تنتج سوريا 25 في المئة فقط من حاجتها للكهرباء بحسب تصريح مدير الإنتاج في المؤسسة العامة لتوليد الكهرباء التابعة للنظام نجوان خوري في تموز الماضي، أي بحدود 2000 ميغاواط، وهذا ما أكده عماد خميس أيضاً عندما كان وزيراً للكهرباء في 2016، بأن الحاجة لإلغاء التقنين في كل المحافظات، هي 6000 ميغاواط في حين أن المتوفر بين 1600- 2000 ميغا واط.

حاجة سوريا من الكهرباء ارتفعت مع بداية العام، وهذا ما أكده رئيس مجلس الوزراء التابع للنظام حسين عرنوس أمام أعضاء مجلس الشعب، بأن هناك نقصا كبيرا في تأمين احتياج محطات التوليد الكهربائية العاملة على الغاز الطبيعي وانخفاض القدرة على توليد الكهرباء مضيفا أن احتياج البلاد من الكهرباء يصل إلى نحو 7000 ميغاواط، نتيجة لاتساع المناطق التي تم إيصال الكهرباء لها في محافظات (دير الزور، الرقة، ريف حماة الشمالي، ريف إدلب، ريف درعا، ريف حلب، وزيادة أعداد المعامل والورشات الصناعية التي عادت للعمل) على حد تعبير.

لا علاقة للتقنين

ولم تشر وزارة الكهرباء سابقاً، إلى أن تحسين الواقع الكهربائي مرتبط بزيادة محطات التحويل أو التوليد، بل أكدت مراراً أنها لو حصلت على الغاز الكافي لأنتجت الكهرباء، فقد أشار عرنوس بداية العام أن كميات الغاز التي تصل إلى محطات التوليد بحدود 8 ملايين متر مكعب في حين أن الحاجة تصل إلى 19 مليون متر مكعب.

حديث عرنوس يؤكد أن دخول محطات توليد جديدة، يعني حاجة جديدة للغاز، ولا يعني بالضرورة زيادة إنتاج الكهرباء وتقليل ساعات التقنين، وهذا ما أكده مهندس في محطة الرستين باللاذقية مفضلاً عدم ذكر اسمه، بأن المحطة الجديدة التي تعمل عليها شركة إيرانية ليس لها علاقة بإلغاء التقنين المرتبط أساساً بالغاز فقط.

تأخير وتخبط

وفي آذار 2019، صدّقت حكومة النظام على عقد مبرم بين وزارة الكهرباء وبين شركة "مبنا غروب"، الإيرانية لإنشاء محطة كهرباء جديدة في اللاذقية "محطة الرستين الحرارية" بالقرب من سد 16 تشرين، ونص العقد على قيام الشركة بتصميم وتصنيع وتوريد وتأمين واختبار وتنفيذ الأعمال المدنية والتركيب للمحطة، والإشراف على التشغيل والصيانة خلال فترة ضمان والوضع بالخدمة للتجهيزات والآلات والمعدات اللازمة.

وتعود المحطة لعام 2018، حينما أكد وزير الطاقة الإيراني رضا أردكانيان أن طهران توصلت إلى اتفاق مع النظام لبناء محطة كهرباء قيمتها 400 مليون يورو (460 مليون دولار) في مدينة اللاذقية على الساحل السوري، مؤكداً أن مذكرة التفاهم وُقعت.

المحطة باستطاعة 540 – 525 ميغاواط فقط (تختلف بحسب التصريحات)، وهي عبارة عن عنفتين غازيتين ومرجلين وعنفة بخارية واحدة تعمل على الغاز، وتضمن العقد مد خط أنابيب غاز من محطة بانياس لغاية موقع المحطة (تعمل على الغاز المحلي)، وبحسب وزير الكهرباء حينئذ محمد خربوطلي، فإن المشروع سينفذ على مراحل لمدة أقصاها ثلاثة أعوام، وتمول عبر خط الائتمان كلياً أو جزئياً.

من المفترض أن ينتهي العمل على المحطة هذا العام تبعاً لتصريح خربوطلي في 2019، إلا أن صحيفة الثورة نقلت على لسان وزارة الكهرباء في آب الماضي، أن المشروع يقسم إلى 4 أقسام، وسيتم الانتهاء من القسم الأول في 21 أيار 2022، على أن توضع المجموعة الغازية الأولى في الخدمة في أيلول من العام المقبل، تليها المجموعة الثانية في تشرين الثاني وينتهي المشروع بوضع المجموعة البخارية في الخدمة في حزيران 2023.

تكذيب الأرقام

في تموز الماضي، بلغت نسبة التنفيذ في مد الخط نحو 30% وبلغت نسبة التنفيذ في العنفة الأولى 13.14% والثانية27.11% بحسب وزارة الكهرباء، لكن في آب الماضي أي بعد شهر فقط، أكد المهندس محمد السعد مدير إنشاء محطات التوليد في المؤسسة العامة لتوليد الكهرباء، أن طول خط الغاز المدود 10 كيلومترات فقط أي أقل بكثير من 30%، وتوقع وصول الدفعة الثانية من الأنابيب بطول 30 كيلومتراً في أيلول لتمديدها لغاية منطقة البصة تليها الدفعة الأخيرة بطول 20 كيلومتراً وصولاً إلى المحطة والمجموعتين الغازيتين الأولى والثانية والمجموعة البخارية، مؤكداً أن نسبة التنفيذ الإجمالية للمشروع بشقيه التصنيعي والتنفيذي بلغت نحو 50%، في حين أكد الزامل بنفس الشهر أن التنفيذ بلغ 80% لصحيفة الوطن الموالية.

 

 

عاد وزير الكهرباء في آب الماضي ليؤكد، أن المجموعة الأولى واستطاعتها 185 ميغاواط ستوضع في الخدمة نهاية العام الجاري على أن تنتهي أعمال تنفيذ المحطة بالكامل في شهر تشرين الثاني من عام 2022، مشيراً إلى وجود عقبات كبيرة تواجه المشروع، لكن بنفس الشهر شكك مدير مشروع محطة الرستين نزير دنورة بانتهاء دخول المشروع في الخدمة هذا العام قائلاً إن "دخول المجموعة الأولى في الخدمة يعتمد على استكمال وصول التجهيزات من جهة، وتنفيذ خط الغاز المغذي لها من جهة ثانية، موضحاً أنه تم تنفيذ 10 كم منه فقط".

وفي أيلول الماضي بحسب المصدر الخاص، تم تركيب المحولات الرئيسية للعنفات الغازية الأولى والثانية على قواعدها، ووضع العنفة الغازية الأولى على قواعدها الأساسية وتجهيز قاعدة المولدة لها وإجراء المعايرات الأخيرة من أجل تركيبها مباشرة عند وصولها إلى الموقع، مع استكمال المباني الملحقة والصالات والمستودعات والخزانات الأرضية، مع بدء أعمال صب قاعدة العنفة والمولدة للمجموعة الغازية الثانية.

وحتى الـ19 من الشهر الجاري، كان العمل مستمرا على مد خط الغاز، حيث اطلع وزير النفط والثروة المعدنية في حكومة النظام بسام طعمة على عمليات مد الخط الذي من المفترض أن يصل طوله إلى 60 - 62 كيلو متراً وبقطر 24 إنشاً بحسب مصدر في المحطة، وهذا ما أكده محمد السعد في تصريح لوكالة أنباء النظام "سانا" في آب الماضي في حين تؤكد الوزارة على موقعها الرسمي أنه بطول 75 كيلو مترا.

صراع صيني روسي إيراني

وعلى الصعيد ذاته وبمشروع آخر متعثر لكن في حلب هذه المرة، لم ينته العمل حتى الآن رغم السعي فيه منذ عام 2017 بعد سيطرة النظام على المحطة الحرارية في حلب ويعود التعثر في المشروع لتجاذب شركات روسية وصينية وإيرانية عليه، ففي كانون الثاني 2017 أعلن وزير الكهرباء زهير خربوطلي أنه تم توقيع مذكرة تفاهم مع شركة صينية لتركيب 6 مجموعات توليد في المحطة الحرارية بحلب، ثم فجأة في نيسان قال مجلس الوزراء إن "وزارة الكهرباء تقوم بدراسة عرض فني مقدم من إحدى الشركات الروسية لتوريد وتركيب 10 مجموعات توليد بخارية باستطاعة 250 ميغا واط تعمل على مادتي الغاز والمازوت لتركيبها ضمن المحطة الحرارية في حلب".

لم تنته القصة هنا، ففي كانون الأول 2017، كشفت وزارة الكهرباء عن توقيع مشاريع خلال 2017 مع روسيا وإيران بقيمة تريليوني ليرة سورية، منها 600 ميغاواط لإعادة تشغيل محطة توليد حلب مع روسيا، واتفاق مع شركة "مبنا غروب" الإيرانية لتوريد 5 مجموعات توليد عاملة على الغاز والمازوت لمحطة حلب أيضاً باستطاعة إجمالية 125 ميغاواط.

وعادت التناقضات مرة أخرى حين قال مصدر مسؤول نهاية 2017 إن هناك توقعات بعودة عمل المحطة الحرارية في حلب مع بداية 2018، باتفاق مع الجانب الإيراني، لكن مع بداية 2018 وقعت وزارة الكهرباء عقوداً مع روسيا لإنشاء وتوسيع محطات كهربائية في مناطق مختلفة، منها إعادة تأهيل وصيانة وتشغيل المجموعات 2 ـ 3 ـ 4 في محطة توليد حلب الحرارية، باستطاعة إجمالية قدرها 2300 ميغا واط بقيمة 1.8 مليار يورو.

لكن ذلك لم يكتمل، ففي تشرين الثاني 2019، عادت وزارة الكهرباء لتعلن عن أن إحدى الشركات الإيرانية ستزور سوريا للتعاقد لتأهيل محطة كهرباء حلب قريباً، وفي كانون الثاني 2020 أعلن وزير الكهرباء محمد زهير خربوطلي أنه تم إلغاء مذكرة التفاهم مع الشركة الإيرانية لإعادة تأهيل محطة حلب الحرارية رغم عدم الإعلان مسبقاً عن توقيعها، معللاً ذلك بأنها طلبت فتح اعتماد وحجز المبلغ كاملاً لديها وقيمته 64 مليار ليرة سورية قبل البدء بالعمل.

من جديد وفي تشرين الثاني 2020، عادت الوزارة لتعلن عن أنه سيتم توقيع عقد إعادة تأهيل محطة توليد حلب خلال الشهر الجاري، وبكلفة 124 مليون يورو، و"بقدرات وطنية وبعض مساعدة من الأصدقاء"، ثم في كانون الثاني من 2021، وقعت الحكومة عقداً يقضي بإعادة تأهيل المجموعتين الأولى والخامسة في محطة توليد حلب الحرارية، من دون تحديد الجهة.

ووصلت الشحنة الأولى من التجهيزات الأساسية اللازمة لإعادة تأهيل المحطة في آب الماضي أي بعد 8 أشهر من توقيع العقد، حيث تمت المباشرة بتركيبها استكمالاً لعمليات إعادة التأهيل التي تجري في المحطة، ورغم ذلك، أكد المدير العام لمحطات التوليد بالوزارة المهندس محمود رمضان الشهر الماضي، أن العمل بدأ في المحطة منذ شباط أي قبل ورود التجهيزات بـ6 أشهر، كاشفاً بعد مدة من الإخفاء، أن الشركة إيرانية من دون أن يسميها.

وقال رمضان لوكالة سانا، إن المباشرة بإعادة تأهيل المجموعتين الأولى والخامسة يمتد لـ23 شهراً على مرحلتين، المرحلة الأولى لتأهيل المجموعة البخارية الخامسة بحيث توضع بالخدمة نهاية العام الحالي لرفد الشبكة باستطاعة إضافية بحدود 200 ميغاواط أما المرحلة الثانية فهي للمجموعة البخارية الأولى ومن المقرر وضعها بالخدمة خلال النصف الثاني من عام 2022 وترفد الشبكة باستطاعة إضافية بحدود 200 ميغاواط.

أي أن استطاعة المشروع كله نحو 400 ميغاواط، علماً أن كلفته نحو 123 مليون يورو.

نصف مليار يورو مقابل 18% من حاجة سوريا للكهرباء

وبجمع طاقة مشروع محطة حلب مع مشروع محطة الرستين، 400 ميغاواط + 540 ميغاواط، يكون المجموع 940 ميغاواط، أي أن ما سيتم إنفاقه لإيران من 123 مليون يورو في حلب + 400 مليون يورو في الرستين بمجموع 523 مليون يورو، سيولد أقل من 1000 ميغاواط بنسبة تصل لنحو 18% من حاجة سورية للكهرباء فقط (7000 ميغاواط الحاجة الكلية – 2000 ميغا واط توليد حالي = 5000 ميغاواط فجوة لتأمين كهرباء 24 ساعة)، وقد لا توفر المحطتان حتى 1% من حاجة سوريا للكهرباء لأن مشكلة الطاقة هي توفر الغاز وليس المحطات بحسب تأكيدات الوزارة السابقة.

وبعد كل هذا التسويف والغموض بالمشروعين، شدد مجلس الوزراء منذ أيام، على ضرورة مضاعفة الجهود والإسراع بإنجاز تأهيل وصيانة محطات توليد الكهرباء المتعاقد عليها ووضعها في الخدمة "بما ينعكس إيجاباً على الطاقة المولدة مع التركيز على استكمال تنفيذ إعادة تأهيل محطة حلب الحرارية وإنجاز محطة الرستين باللاذقية بالتوازي مع متابعة تنفيذ عقود الطاقات المتجددة"، وفقاً لما جاء في جلسة المجلس.