أقر مجلس محافظة اللاذقية التابع للنظام السوري في تعميم، قبل أيام، إجراءات مشددة في إشادة الأبنية والإجراءات القانونية المتعلقة بها.
ونص التعميم على "منع إشادة أي بناء مرخص أصولاً بعد تاريخ 13/8/2023، إلا من خلال مقاول معتمد، وذلك بناء على عقد مقاول مصدّق أصولاً، ومنع إعطاء أي إذن صب إلا بعد التأكد من وجود عقد المقاولة".
وبرّرت المحافظة قرارها بأن آلية العمل الجديدة في إشادة الأبنية تأتي "لتلافي الأخطاء، لا سيما أن معظم الأبنية التي دمّرها الزلزال هي أبنية أُسّست بشكل عشوائي ودون ضوابط أخلاقية ولا فنية ولا عملية".
ورغم إيجابية القرار من الناحية الظاهرية، فإنّه يفتح -بحسب مقاولين في اللاذقية- الباب إلى مزيد من المحسوبيات والرشى وحصر عقود المقاولة ضمن فئة قليلة من المنتفعين، لاسيما مع فرض مزيد من الرسوم.
وقال "أبو ناجي" -مقاول في اللاذقية- لـ موقع تلفزيون سوريا، إنّ مقاولي الإنشاءات في المحافظة تقلّص عددهم بشكل كبير، خلال السنوات الأخيرة، بسبب سياسات النظام الاقتصادية والضريبية الطاردة، واستئثار مؤسسة الإسكان العسكرية بمعظم المشاريع الكبيرة في المحافظة.
وأضاف أن عدد المقاولين المعتمدين أصولاً لدى النقابة لا يتجاوز اليوم 500 مقاول، بعد أن كانوا أكثر من 4000 عام 2011، والسبب هو "سياسة التطفيش التي تتبعها النقابة من فرض رسوم سنوية كبيرة، والتضييق على مقاولين من خلال رفض منحهم إجازات البناء، وتسهيل عمل مقاولين آخرين بسبب دفع الرشى".
وأضاف أن معظم المشاريع الكبيرة من إنشاء مدارس وفتح طرقات ومشاريع صرف صحي وقنوات مائية إضافة إلى جمعيات سكنية، منذ العام 2011، تعود إلى عدد محدود من المقاولين.
وختم "أبو ناجي" قائلاً: "لا مانع لدينا من مراقبة أعمال البناء والالتزام بالمعايير لكن نحتاج إلى الشفافية وتنظيف المؤسسات من الفساد قبل كل شيء لكي تسير الأمور بشكل صحيح، ومراعاة الواقع الاقتصادي للمقاولين وتخفيض الرسوم المفروضة عليهم وإلا فإن القرار سيعني ضربة إضافية للقطاع العقاري المتأزم أصلا منذ سنوات".
زيادة في التكاليف
أثار القرار بعد صدوره، كثيراً من التساؤلات حول ما إذا كان يشمل فقط المشاريع الكبيرة أم يطول حتى الأبنية التي هي بحاجة إلى رخص ترميم بعد الزلزال.
ومع اشتراط حكومة النظام السوري تكليف "مقاول معتمد" لديها بأعمال إنشاء أي مبنى، سترتفع الأعباء المالية، كون المقاول يتقاضى أجراً قدره 10% من كلفة البناء كاملاً، يضاف إلى ذلك ارتفاع تكاليف رخص البناء، حيث تتراوح كلفة ترخيص مبنى مساحته 100 متر مربع من 8 إلى 10 ملايين ليرة سورية، ويختلف على حسب طبيعة المبنى (أرضي أو طابق أول أو ثان).
ويرى عبد المولى عجيل -متعهد بناء يعمل في جبلة- أنّ "القرار سيحصر الرخص بفئة قليلة مسجلة لدى نقابة مقاولي البناء"، مضيفاً أنه من غير الواضح ما هي شروط عقد المقاولة، وكيف سيتم تطبيق القرار.
- اقرأ أيضاً.. نار أسعار العقارات تنعكس جموداً في أسواق اللاذقية
وأكّد "عجيل" في حديث لـ موقع تلفزيون سوريا، أنّ "القرار سينعكس على تكاليف البناء وزيادة الأسعار وسيزيد من الجمود الذي يعاني منه قطاع الإنشاءات بسبب البيروقراطية المعروفة في مؤسسات الحكومة والرشى، كما سيحرم كثيراً من المقاولين من مصدر رزقهم".
هل من حلول بديلة؟
وحول المبررات التي أعلنت عنها محافظة اللاذقية لاعتماد القرار، قال زكريا خالد (37 عاماً) وهو مهندس معماري من اللاذقية، إنّ "المشكلة ليست في آلية منح رخص البناء، لأنّ المهندس يعدّ بداية المخطط والكشف الموضعي الإجمالي للمساحات، ليتم تدقيقها في نقابة المهندسين وتصديقها، وبعد استكمال الأوراق المطلوبة تُنفّذ عبر متعهدين وبإشراف ومتابعة المهندس المعتمد".
وأضاف "خالد" لـ موقع تلفزيون سوريا: "المشكلة الحقيقية في المراقبة والمتابعة خلال مراحل البناء من قبل المهندس في كل مرحلة وضمان عدم وجود تجاوزات، وأيضاً في الأبنية التي تشيد من دون تراخيص خاصة في المناطق الريفية والتي تبنى بدعم وحماية من متنفذين لا تجرؤ البلديات على إيقافهم".
يشار إلى أنّ سوق العقارات في اللاذقية يعاني من حالة ركود، بسبب ارتفاع تكاليف مواد البناء والإكساء، ما أدّى إلى توقف حركة البناء والاستثمار في العقارات بشكل كبير.