اتهم رئيس حزب "العمال المتحد" المعارض في جمهورية دومينيكا، لينوكس لينتون، حكومة بلاده بأنها "مشبوهة بعلاقاتها مع نظام الأسد"، مشيراً إلى أن هذه العلاقة هي الدافع وراء توقيع اتفاق التعاون الدبلوماسي.
وقال لينتون، في بيان للحزب حول توقيع الاتفاقية مع نظام الأسد، إن حزبه "يرى أن دخول الحكومة في علاقات دبلوماسية مع سوريا هو عمل يائس مدفوع بصلات مشكوك فيها مع النظام الوحشي لبشار الأسد، وتشغيل برنامج بيع الجنسية عن طريق الاستثمار في دومينيكا".
وأعلن نظام الأسد، في 7 آذار الجاري، عن توقيع اتفاق، في مقر وفد النظام في نيويورك، ينص على إقامة العلاقات الدبلوماسية مع كومنولث دومينيكا، وهي جمهورية مستقلة عن بريطانيا.
ووقع الاتفاق مندوب النظام الدائم لدى الأمم المتحدة، بسام صباغ، وعن جمهورية دومينيكا السفيرة لورين بانس روبرتس، المندوبة الدائمة لدومينيكا لدى الأمم المتحدة.
رئيس الوزراء: السفيرة روبرتس تصرفت دون علمنا
وفي 18 آذار الجاري، أكد رئيس وزراء جمهورية دومينيكا، روزفلت سكيريت، على أن السفيرة روبرتس استقالت من منصبها منذ 31 أيار الماضي كمندوبة دائمة لدى الأمم المتحدة، مؤكداً على أنه "ينأى بنفسه وبإدارته عن قرار السفيرة بالتوقيع على العلاقات الدبلوماسية مع النظام السوري".
وفي تصريح آخر له في 6 آذار الجاري، نقله موقع "أخبار دومينيكا"، شدد رئيس الوزراء على أن "وزير الخارجية لم يصدر أي تعليمات أو الوزارة، ولم يبدوا أي اهتمام أو رغبة، في متابعة إقامة علاقات مع النظام السوري في هذا الوقت أو في أي وقت متوقع".
وأعلن سكيريت أنه "تم تعليق أحكام الاتفاقية الموقعة إلى أجل غير مسمى"، مشيراً إلى أن "السفيرة روبرتس تصرفت دون علم وموافقة مجلس الوزراء على النحو المطلوب، عبر الإجراءات المتبعة في إقامة العلاقات الدبلوماسية".
زعيم المعارضة: تعليق الاتفاقية لا يكفي
وحول إعلان رئيس الوزراء، قال زعيم المعارضة إنه "لا نصدق ادعاء رئيس الوزراء بأنه لا يعرف شيئاً عن اتفاقية العلاقات الدبلوماسية مع النظام السوري حتى 14 آذار، رغم أن الاتفاقية موقعة قبل ذلك بأسبوع"، مشيراً إلى أن حزبه أصدر بياناً في نفس اليوم يدعو فيه إلى التراجع عن القرار.
وأضاف لينتون أنه "بدلاً من إلغاء الاتفاقية، اختارت الحكومة تعليقها، وهذا يعني أنها ما تزال سارية المفعول، وسيتم فرضها على النحو الذي تريده الحكومة من قبل مجلس الوزراء".
وأشار إلى أنه "رغم استجواب السفيرة روبرتس من قبل كبار الموظفين والوزراء والمستشارين القانونيين، لا يوجد دليل على أن السفيرة تصرفت بمفردها دون علم وموافقة مجلس الوزراء"، مؤكداً على أن "الدليل واضح على علم رئيس الوزراء بالاتفاقية، وكذب على الأمة لإخفاء تورطه في هذه الفضيحة الدبلوماسية المشينة".
وأوضح لينتون أنه "إذا لم يكن رئيس الوزراء يكذب، فإن مسؤوليته القيادية عن السياسة الخارجية لدومينيكا تعرضت لخطر قاتل من قبل موظفيه"، مشدداً على أن "الاستقالة هي المسار المشرف الوحيد المتاح أمامه".
ممارسات حكومية فاسدة عبر بيع الجنسية الدومينيكية
ووفق زعيم المعارضة فإن "اتفاقية العلاقة الدبلوماسية مع النظام السوري ستساهم فقط في مزيد من العزلة لجمهورية دومينيكا، وإدراجها ضمن القائمة السوداء في المجتمع الدولي"، مشيراً إلى أن الاتفاقية جاءت في "ذروة الإدانة العالمية" لغزو روسيا، حليف الأسد الأساسي لأوكرانيا.
وقال "نحن لا ندعو إلى استقالة هؤلاء رئيس الوزراء وموظفيه المشينين، بل ندعو شعب دومينيكا إلى اتخاذ إجراءات حاسمة للتخلص من هؤلاء القراصنة المعاصرين، الذين يولون أهمية أكبر لإثراء أنفسهم بدلاً من الترويج لمصالح البلاد".
وطالب لينتون حكومة بلاده بـ "الإلغاء الفوري للعلاقات الدبلوماسية مع النظام السوري بشكل قاطع، ونشر إعلان حول ذلك في الأخبار ووسائل التواصل الاجتماعي، وتقديم اعتذار علني لشعب دومينيكا".
ودعا الحكومة إلى وقف فوري لما وصفه بـ"الممارسات الفاسدة المتمثلة بالاحتفاظ بمليارات الدولارات من بيع الجنسية الدومينيكية لشخصيات أجنبية بشكل خاص، ووضع جميع هذه الإيرادات في صندوق جمهورية دومينيكا الموحد".
وأشار زعيم المعارضة إلى أن "هذا الوضع المؤسف لا علاقة له بالمدافعين عن إدارة شفافة وخاضعة للمساءلة وخالية من الفساد في برنامج منح الجنسية في دومينيكا، بل يتعلق بالفجوات التي لا تنتهي في الحكم على إدارة أساءت استخدام البرنامج بشكل فاضح لتحقيق مكاسب خاصة، وترفض استخدامه من أجل المصلحة العامة المتمثلة بالحقيقة والاستقامة والعدالة".
الجنسية عبر الاستثمار في دومينيكا: قانونية وسرية ودون أي قيود
يشار إلى أن كومنولث دومينيكا هو جزيرة في البحر الكاريبي، تبلغ مساحتها نحو 750 كيلومتراً مربعاً، ويبلغ عدد سكانها نحو 74 ألفاً، استقلت عن التاج البريطاني في العام 1978، وأصبحت عضواً في منظمة الأمم المتحدة في العام نفسه، وتعتبر من الوجهات السياحية نظراً لطبيعتها الخلابة، ويطلق عليها اسم "جزيرة الطبيعة" لجمالها الطبيعي غير الملوث.
وفي العام 1993، أسست دومينيكا برنامجاً لمنح الجنسية عبر الاستثمار، حيث يقدم البرنامج للأفراد والعائلات في جميع أرجاء العالم جواز سفر وجنسية ثانية غير قابلة للإلغاء خلال فترة لا تتجاوز ستة أشهر ودون الحاجة لدخول البلاد، في حين يتيح جواز سفر الجزيرة الدخول إلى أكثر من 135دولة في جميع أرجاء العالم بدون تأشيرة، بما فيها المملكة المتحدة ومنطقة البحر الكاريبي ودول الكمنولث.
ووفق القانون المحلي، فإن برنامج منح الجنسية لا يحوي أي قيود على الجنسية المزدوجة، والحصول على جنسية الجزيرة من خلال برنامج استثمار سري ومحصّن قانونياً، أي يستطيع حاملها الاحتفاظ بجنسيته الأصلية دون الإفصاح عن الجنسية الدومينيكية.
كما لا تشترط الإقامة الفعلية في الجزيرة للحصول على الجنسية، ولا متطلبات خاصة باللغة أو العمر أو الخبرة في الأعمال التجارية أو التعليم، كما لا تُشترط مقابلة إلزامية عند الحصول على الجنسية أو ضرائب على الدخل أو الثروة أو الميراث.
وتصل كلفة الحصول على جنسية جمهورية دومينيكا إلى 100 ألف دولار كحد أقصى للفرد الواحد، و175 ألف دولار للعائلة المكونة من أربعة أفراد، ما يعتبر أرخص برنامج جنسية في العالم عن طريق الاستثمار.
ويشير اتفاق العلاقات الدبلوماسية بين نظام الأسد وكومنولث دومينيكا إلى رغبة الجانبين في "إقامة شراكات ثنائية للسعي نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة في العام 2030، وتبادل التجارب والخبرات لما فيه مصلحة البلدين".