صُدمت إحدى الفتيات عندما صادفت شخصاً في أحد مخيمات ريف حلب الشمالي، عرض عليها تناول حبّة صغيرة بيضاء اللون، ممارساً شتى أنواع الترغيب لإقناعها بذلك بدعوى أنها تُذهب ألم الرأس وتُنسي الهموم، ليتضح فيما بعد أنها حبة مخدّرة، لكن من حسن حظها أنها تجنبت الوقوع في الفخ، وأصبحت إحدى النساء اللواتي يعملن في مجال التوعية والتحذير من خطورة التعاطي وأثره المدمّر على الفرد والمجتمع.
تسعى شبكات ترويج المخدرات لاستقطاب زبائن جدد من خلال عمليات الإقناع هذه، مستغلة الظروف المعيشية الصعبة والضغوط النفسية بسبب التهجير والنزوح وظروف الحرب بشكل عام، لتحقيق أهدافها.
وصلت المنطقة إلى مرحلة الخطر نظراً لكثرة الضحايا الذين وقعوا في المصيدة وأدمنوا المخدرات، لذلك استشعرت القوى الأمنية والطبية على حد سواء خطورة الموقف، وشرعت بإجراءات وتدابير يؤمل منها الحد من تعاطي المخدرات والحشيش، واعتقال "الرؤوس الكبيرة" المتورطة بالترويج لها.
يفتح موقع تلفزيون سوريا في هذا التقرير ملف انتشار المخدرات في منطقة شمال غربي سوريا الخاضعة لسيطرة "المعارضة السورية"، ويأتي على أنواع المخدرات وطرق تهريبها والعوامل المشجعة على التعاطي وجهود القوى الأمنية لتدارك الأمر، إضافة إلى تسليط الضوء على الآثار المجتمعية للمخدرات، ونصائح المختصين.
إغراق المنطقة بالمخدرات
تعاطي المخدرات أو الاتجار بها وحث أفراد المجتمع على إدمانها ليس بالجديد في سوريا بمختلف مناطق السيطرة ولو بنسبٍ متفاوتة، لكن المراقب لواقع الشمال السوري يستشعر توسع دائرة المتعاطين مع الزمن، بالرغم من الحملات الأمنية المتكررة لاعتقال التجار والمروجين، وضبط معامل متخصصة بصناعة هذه المواد.
قبل عام من الآن ضبط الجيش الوطني السوري شحنة مخدرات تحتوي على 900 ألف حبة ضمن سيارة شحن محملة بالمدافئ المنزلية، وذلك في أثناء تفتيشها على معبر الحمران بريف حلب الشرقي، ووفقاً للمعلومات الأمنية التي حصل عليها تلفزيون سوريا حينذاك، فقد انطلقت الشاحنة من أحد المعامل في مدينة عدرا العمالية بريف دمشق، ثم دخلت إلى مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، استعداداً لإدخالها نحو المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش الوطني، وذلك بإشراف مباشر من "حزب الله" اللبناني.
وتبع هذه المحاولة، محاولات أخرى لإدخال الحبوب، بعضها لاقت نفس المصير، وأخرى نجحت بالدخول والوصول إلى محطتها الأخيرة.
ويرى مختصون أن جهات عدة تستفيد من انتشار المخدرات في الشمال السوري، لذلك تعمل على إيصاله إلى متناول أفراد المجتمع وإغراق المنطقة به، بالتعاون مع شبكات تهريب بعضها مرتبط بفصائل عسكرية، وتجار ينشطون في الشمال السوري.
حملات أمنية تركز على "الرؤوس الكبيرة"
كثفت قوات الجيش الوطني السوري والشرطة من حملاتها الأمنية لاعتقال تجار ومروجي المخدرات، وتم على إثرها ضبط معملين لصنع الحبوب، وتوقيف عشرات المتورطين.
أحدث تلك الحملات أطلقها الفيلق الثالث بالجيش الوطني قبل أسبوع في مدينة اعزاز وريفها شمالي حلب، واعتُقل فيها عشرات المتعاطين، مع ضبط معمل في محيط المدينة.
وقال مصدر أمني لموقع تلفزيون سوريا، إن الفيلق الثالث وبالتعاون مع بقية المكونات المنضوية في غرفة القيادة الموحدة "عزم" إضافة إلى تنسيق الجهود مع إدارة الشرطة العسكرية، عمل جاهداً على مكافحة هذا الوباء (المخدرات) المنتشر في الشمال السوري.
وانتهت بعض الحملات باعتقال تجار مخدرات في مدينتي عفرين ومارع، في حين تركزت الحملة الأخيرة في مدينة اعزاز، وتم إلقاء القبض على 35 شخصاً.
ومن بين المعتقلين في مدينة اعزاز، سمعو أحمد دربالة الملقب بـ"الضبع"، وأحمد بعاج، ويوسف عشاوي الملقب بـ"هامان"، وإسماعيل مجو الملقب بـ"شرارة"، ومصطفى حنظل، كما تم اعتقال باسم يوسف مجدو في مدينة مارع، ووصفه المصدر بـ"الرأس الكبير في ترويج المخدرات".
وتعود ملكية المعمل الذي وجد في منطقة اعزاز لشخص مدني يعمل بمجال المخدرات قبل الثورة.
وتمكن قسم مكافحة المخدرات في مديرية أمن اعزاز، من اعتقال 48 من متعاطي ومروجي المخدرات في اعزاز والمخيمات المحيطة بها، خلال شهر شباط/فبراير الماضي.
وفي 12 آذار الجاري أعلنت "هيئة ثائرون للتحرير" في الجيش الوطني عن إلقاء القبض على عصابة اتجار بالمخدرات بريف عفرين.
وأفاد عضو مجلس قيادة هيئة ثائرون للتحرير الفاروق أبو بكر بأنهم أطلقوا أكثر من 5 حملات أمنية ضد تجار المخدرات، كما توجد قائمة بأسماء مزيد من المطلوبين لاعتقالهم، مؤكداً اعتقال 7 أشخاص "غير عاديين"، حيث إنهم من التجار الكبار الذين يوزعون المواد على شبكات من المروّجين والتجار الصغار.
مصادر المخدرات وطرق التهريب
تستفيد عدة جهات من تفشي المخدرات في شمال غربي سوريا، في مقدمتها الميليشيات الإيرانية، وحزب الله اللبناني، ونظام الأسد، وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، ومجموعات عسكرية في المنطقة، بعضها يعمل تحت غطاء فصائل في الجيش الوطني.
يقول المصدر الأمني إن الحبوب المخدرة تأتي من لبنان عن طريق حزب الله مروراً بمناطق النظام، ومنها إلى "المناطق المحررة"، بخطين أحدهما من مناطق إدلب والآخر في ريف حلب الشمالي.
وأضاف أن "بعض الشخصيات المنتفعة من الثورة والمحسوبة عليها زوراً هي من تقوم بتأمين المخدرات وحمايتها إضافة إلى شخصيات تعمل بالمخدرات ولها باع طويل بهذا المجال من قبل الثورة، وهناك شبكات كبيرة أشبه بالمافيات".
وعن طرق التهريب بالتحديد، اكتفى المصدر بالقول إن المواد تدخل من نقاط متفرقة على خط التماس شرقي حلب، ومن نقطة أخرى في الباسوطة بريف عفرين، في حين ذكر أن الخط الذي يتم خلاله تهريب المخدرات إلى إدلب غير ثابت.
وأكد "الفاروق أبو بكر" أن حزب الله اللبناني مصدر رئيسي للمخدرات القادمة إلى الشمال، ثم إيران، و"قسد"، مشيراً في حديث مع موقع تلفزيون سوريا، إلى أن المواد الجاهزة تأتي من إيران إلى حزب الله وقسد، وبعدها يتم بيع المخدرات للتجار في الشمال السوري، وتهريب قسم منها إلى تركيا.
معامل مخدرات ومزارع حشيش
أكد مركز "جسور" للدراسات، في دراسة نشرها مطلع العام الجاري، وجود معامل لكبس حبوب الكبتاغون في شمال غربي سوريا، تتبع لشبكات استفادت من علاقاتها مع "فصائل المعارضة"، وتستفيد من خطوط التماس مع نظام الأسد للعمل مع شبكات تهريب تابعة لحزب الله اللبناني في ريف حلب، وإدخال أنواع مخدرات جاهزة للبيع، أو مواد أولية.
وتحدثت الدراسة عن مجموعات أخرى تدير مرافق توزيع مادة "الكريستال ميث"، أو "الشبو" أو "الأتش بوز"، مضيفة أن مدن اعزاز ومارع وعفرين تعدّ من أهم نقاط ترويج هذه المادة، بالرغم من الحملات الأمنية المتكررة ضد هذه الشبكات.
وفيما يخص مادة الحشيش، تشير الدراسة إلى زراعة المادة في مدينتي حارم وسلقين بريف إدلب، ومدن عفرين والباب والراعي بريف حلب، موضحة أن المزارع تتعرض لمداهمات متكررة من قبل فصائل المعارضة والأجهزة الأمنية، مع أنّ عمليات الزراعة تتم بموجب غطاء من قيادات عسكرية وأمنية.
خطوط تهريب رئيسية
كشفت الدراسة عن خطوط رئيسية لتهريب المخدرات، الأول عند نقاط التقاء بلدتي نبل والزهراء الخاضعتين لميليشيا مرتبطة بحزب الله، حيث يتم تهريب المخدرات منها إلى عفرين، وبعدها يتم التوزيع ضمن مناطق سيطرة المعارضة أو التصدير خارج سوريا.
ويقع الخط الثاني بين بلدة الراعي بريف حلب الشمالي وتركيا، وهذا لا يعني عدم وجود نقاط أخرى على طول الشريط الحدودي، لكن الاعتماد عليها يرتبط بالظروف الأمنية، بحسب الدراسة.
أما الخط الثالث فيمتد من بلدة دير حافر بريف حلب، إلى منبج الخاضعة لسيطرة قسد، ومنها إلى مدينة الباب، ويعد الخط مركزاً لتوزيع الحبوب المخدرة ومادة الحشيش، إما باتجاه مناطق شمال شرقي سوريا، وصولاً إلى إقليم شمال العراق، أو نحو مناطق سيطرة المعارضة.
وقال معدّ الدراسة الباحث فراس فحام لموقع تلفزيون سوريا، إن شبكات التهريب في الشمال السوري تمتلك كل مقومات الشبكات المنظمة، مثل السلاح، أو العلاقات والنفوذ أو القدرة على التأثير في أجهزة الشرطة العسكرية من خلال المعارف أو روابط القرابة مع بعض قادة الفصائل، وبعضها يعمل تحت غطاء فصائل عسكرية، مثل معمل المخدرات الذي تم كشفه في ريف عفرين قبل فترة.
وأوضح أن شبكات مسلحة تشرف على مزارع الحشيش في ريفي إدلب وحلب، وبعضها منضوية ضمن الفصائل، أو لها علاقات مع بعض القادة، مشيراً إلى أن مناطق النفوذ المتعددة والتنافس على النفوذ يفتح المجال لشبكات التهريب للتنقل بين المناطق والاستفادة من هشاشة السلطة.
حملات توعية
بدأت فرق محلية في ريف حلب الشمالي، حملات توعية من خطر المخدرات، آخرها حملة "ساعدني لأشفى" في مدينة اعزاز وريفها، إضافة إلى نصائح تصدر عن التوجيه المعنوي في الجيش الوطني، ونشاطات دعوية يشرف عليها أعضاء في المجلس الإسلامي السوري.
وأكد عضو المجلس الإسلامي السوري وسام القسوم رصد العديد من المشكلات المجتمعية نتيجة لتعاطي المخدرات، لذلك يتم العمل على نشر التوعية في المجتمع إضافة إلى جهود العديد من الفصائل بملاحقة تجار ومروجي المخدرات وإحالتهم إلى الجهات القضائية.
وأطلقت إدارة التوجيه المعنوي حملة مكثفة للتوعية من خطر المخدرات على الفرد والأسرة والمجتمع، وتمت مخاطبة العاملين في التوجيه المعنوي لتكثيف جهودهم ضمن حملة تشمل وسائل التواصل الاجتماعي وكذلك الدروس الميدانية، وهناك عدة برامج سيتم العمل عليها بهذا الصدد، وفقاً للقسوم.
واستضافت الجامعة الدولية للعلوم والنهضة في مدينة اعزاز قبل أيام ندوة بعنوان "يداً بيد لنبني مجتمعاً خالياً من المخدرات"، حذرت من خطر التعاطي، وشددت على أهمية التعاون والتنسيق بين مختلف السلطات المحلية لمكافحة المخدرات والتوعية للتعافي منها.
افتتاح مركز صحي وتدقيق على الصيادلة
التقى موقع تلفزيون سوريا مع نائب مدير صحة اعزاز وريفها الدكتور محمد نادر الكنو، للاطلاع على نشاطات المديرية في مكافحة المخدرات والتوعية من خطورتها، ودورها في استقبال المدمنين ومساعدتهم على الشفاء.
ووضعت مديرية صحة اعزاز خطة شاملة لمكافحة المخدرات، تشمل افتتاح مركز مختص بمعالجة الإدمان، والتعاقد مع أطباء اختصاصيين لهذا الغرض، مع إطلاق عيادات إرشاد نفسي متنقلة لمتابعة الحالات حتى بعد العلاج.
وأصدرت مديرية الصحة ما يعرف بـ "الراشيتة الخضراء" ووزعتها على الأطباء في المدينة وريفها، ليتم عبرها وصف الأدوية المخدرة والنفسية للمريض، حيث يُمنع بيعها في الصيدليات إلا بوصفة خاصة من الطبيب، وحصراً عبر "الراشيتة الخضراء".
كورس علاجي خاص لكل حالة
وأوضح الكنو أن لكل شخص يتعاطى المخدرات برنامجاً علاجياً خاصاً به، بحسب نوعية المادة التي أدمن عليها، والفترة الزمنية لوقوعه في هذا "الفخ"، لكن بشكل عام يتلقى المريض سيرومات، ويجلس في مصح، في حين تتراوح مدة العلاج بين 3 - 6 أشهر بشكل متواصل، واتباعه الإرشادات الطبية.
ونصح الدكتور بعدم التفكير في أي لحظة بتجريب المهدئات أو المنشطات أو الحبوب التي تسبب الإدمان في المستقبل، واستهلاك الوقت في العمل، لكون البطالة هي سبب رئيسي في اللجوء إلى المخدرات، وكذلك الابتعاد عن صحبة السوء.
وتتفشى المخدرات بشكل أساسي بين فئة الشباب، وربما يتطور الأمر لينتشر في العائلة كاملة، بما فيها النساء والأطفال، ويؤكد الدكتور أنهم على تعاون وتنسيق مع الجهات الأمنية للقضاء على آفة المخدرات، مع التدقيق على مدى التزام الصيدليات في تعليمات مديرية الصحة، حيث تم إغلاق صيدلية قبل شهر، وتوقيف صاحبها وتحويله إلى القضاء، بسبب غيابه عن مكان عمله وتكليف شاب غير مختص بإدارة الصيدلية، وهو بدوره باع كمية من الحبوب الممنوع صرفها إلا بموجب وصفة طبية.
عقوبة المتعاطين والتجار قضائياً
تختلف العقوبة التي يقرّها القضاء على تجار المخدرات أو المتعاطين، بحسب كل حالة، ونسبة الضرر الذي أحدثه الشخص بالنسبة لغيره من أفراد المجتمع، ومنها ما يصل إلى السجن لمدة 15 عاماً مع الأشغال الشاقة.
تحدث وزير العدل في الحكومة السورية المؤقتة حبوش حكمت لاطه عن تفاصيل المحاكمة بدءاً من الاعتقال، حيث يتم إلقاء القبض على الشخص المتعاطي أو المروّج لمادة المخدرات، والتأكد من أن المادة مخدرة، وختمها بالشمع الأحمر وتقديمها إلى القضاء كدليل.
وقال وزير العدل في لقاء مع موقع تلفزيون سوريا، إن القضاء يصدر بعد ذلك مذكرة توقيف قانونية بحسب الجرم المسند إلى الجاني، ويودع في السجن حتى انتهاء محكوميته، علماً بأن الحكم قابل للطعن من قِبل المرجع القضائي الأعلى.
وتتراوح الأحكام بين العقوبات الجنحية والجنائية بحسب جسامة الجرم، وربما يصل إلى الإعدام، لكن لا يتم تطبيقه في مناطق ريف حلب الشمالي، فتصل العقوبة إلى السجن 15 عاماً مع الأشغال الشاقة.
غالبية الأحكام التي صدرت من القضاء بحق مروجي المخدرات نصّت على السجن 3 سنوات، ومنها سنة واحدة، ويتم تطبيق الأمر استناداً إلى مبدأ تفريد العقوبات، فلكل جريمة خصوصيتها وظروفها التي تختلف عن الأخرى، بحسب الوزير.
وجزم وزير العدل بأن نظام الأسد والميليشيات الإيرانية وحزب الله اللبناني، وقسد، يقفون وراء تهريب المخدرات إلى شمال غربي سوريا، بالتعاون مع بعض "ضعاف النفوس"، مستغلين حالة عدم الاستقرار في المنطقة.
أنواع المخدرات
أشار الاختصائصي في طب الأسرة وعضو الأكاديمية الأميركية لأطباء الأسرة الدكتور أكرم خولاني، إلى أن المخدرات تنقسم إلى قسمين بناء على طريقة التحضير، القسم الأول المخدرات الطبيعية، والآخر، المخدرات الصناعية.
وأوضح خولاني لموقع تلفزيون سوريا، أن المخدرات الطبيعية، هي تلك الموجودة في الطبيعة على شكل مادة مخدرة من دون أن يتدخل الإنسان بتصنيعها، مثل الحشيش والمارجوانا التي تستخرج من نباتات القنّب والقات.
أما المخدرات الصناعية أو الصنعية، فلها ثلاثة أنواع:
- التي يتم تصنيعها عن طريق تحويل المخدرات الطبيعية إلى أشكال أكثر تطوراً وتأثيراً على جسم الإنسان والحالة العقلية له، مثل الأفيون الذي يتم تصنيعه من زهرة الخشخاش، إضافة إلى الكوكايين الذي يستخرج من نبات الكوكا.
- المواد الصنعية الكيماوية، منها المورفين المستخرج من نبات الخشخاش، والهيروئين.
- المخدرات الصنعية التخليقية، وتشمل ما تسمى "حبوب الهلوسة"، مثل حمض LSD، ومادة "الفلاكا" المعروفة بالزومبي؛ لأن المدمن عليها يتصرف بشكل غير مألوف. ويدخل ضمن النوع الثالث، الأمفيتامين، والكبتاغون، وبعض الأدوية النفسية والعصبية، وبعض المسكنات مثل الترامادول.
ومن أخطر أنواع المخدرات الأفيون الذي يؤدي إلى شلل في جزء من المخ مسؤول عن الجهاز التنفسي، ويمكن أن يزيد العنف عند المتعاطي، وكذلك الهيروئين الذي يؤثر على خلايا الدماغ ويعطل وظائف في المخ، كما أن الكوكائين يؤثر على القدرات العصبية ويمكن أن يؤدي إلى الوفاة.
أضرار ومخاطر التعاطي
ذكر الدكتور أكرم خولاني أن تعاطي المخدرات يسبب أضراراً نفسية، فيصبح هناك خلل في التفكير السوي، أو التحكم بالعواطف، إلى جانب الخمول وفقدان الحيوية ومشكلات في النوم واضطراب في المزاج، والإيمان بأشياء غير موجودة في الواقع.
وهناك أضرار جسدية كالغيبوبة وضعف عناصر الدم، وإنتانات في الجسم بسبب الحقن، والتهابات في الرئتين نتيجة لاستنشاق المواد، أو نقل الأمراض المعدية كالإيدز، والتهاب الكبد المزمن، ومع الوقت تسبب المخدرات ضعفاً في كامل الجسم وضموراً في العضلات وتليف الكبد والكليتين.
علاج المخدرات
يختلف العلاج بحسب كل حالة، ودرجة الإدمان وطبيعة الشخص المتعاطي، لكن شرط نجاح العلاج هو اعتراف المدمن بوجود مشكلة، ورغبته في الإقلاع عن المواد المخدرة.
ووفقاً للطبيب خولاني، فإن القسم الأول من العلاج هو الدوائي، إذ يتم الاستعاضة عن المادة المخدرة بأدوية أخرى تخفف أعراض إيقاف المادة، ثم يتم إيقاف هذه الأدوية بشكل تدريجي.
ويمكن العلاج نفسياً عبر خضوع المدمن لجلسات نفسية مع اختصاصيين للتغلب على أعراض الانسحاب ومعالجة الوضع النفسي للمتعاطي، إضافة إلى برامج إعادة التأهيل ليخرج المدمن من الأجواء التي كان يعيش فيها.
لا بد من التذكير أن تفشي المخدرات في مختلف المناطق السورية لا ينفصل عن المشهد السوري العام، فهو سلاح من مجموعة أسلحة تم تصويبها على الشباب والأسر السورية لتفكيكها وتدمير مستقبلها، ومن الثابت أننا لن نجد صعوبة في معرفة منبع هذا السمّ ومصنّعه، فالصحف الأجنبية شاهدة قبل وسائل الإعلام المحلية على تورط نظام الأسد وحلفائه بالجرم، فمرة تؤكد مجلة إيكونوميست البريطانية أن سوريا باتت دولة مخدرات، وأن الكبتاغون أصبح نعمة لبشار الأسد تدرّ له الأموال، ومرة تثبت صحيفة نيويورك تايمز أن إمبراطورية المخدرات تزدهر على أنقاض سوريا بإدارة أقارب الأسد، لِذا إن مَن سعى ويسعى لإغراق دول الجوار والدول الغربية بالمخدرات عبر الجو والبر والبحر، لن يوفر جهداً في خنق من بقي في سوريا وحقنهم بالسموم دون عناء ما لم يتم التسلّح بالعلم والمعرفة والإحاطة بالأضرار والمخاطر المترتبة على السقوط في فخ الإدمان.