احتفل فريق ملهم التطوعي يوم أمس السبت بمناسبة مرور الذكرى العاشرة لتأسيسه، مجدداً العهد على مواصلة العمل الإنساني لإغاثة السوريين المهجرين في الشمال السوري وفي دول الجوار، رافعاً شعار: "عقد من الزمن وميثاق من الرحمة".
من هو فريق ملهم التطوعي؟
وفريق ملهم التطوعي هو منظمة خيريّة غير ربحيّة، أُسِّس في عام 2012 في الأردن من قبل مجموعة من الطّلاب الجامعيّين، بهدف مساعدة المهجّرين السّوريين في دول اللجوء والشّمال السّوري.
وبدأ الفريق رحلته من منشور على فيس بوك عام 2012 أعلن فيه وقتئذ عن رغبته في شراء ألعاب لأطفال مخيم الزعتري بمناسبة العيد، لبث الفرح في قلوبهم، لتكون البداية بالعمل الخيري، إلا أن الحال المأساوي الذي يعيشه المخيم وازدياد أعداد المهجرين دفع بالفريق لتوسعة نشاطه وإطلاق الحملات الإغاثية المختلفة.
وفي عام 2015، افتتح فريق ملهم التطوعي موقعه الإلكتروني المخصص لنشر الحالات التي تنتظر التبرع وكفالات الأيتام والحالات المرضية والإنسانية والحملات الموسمية.
واحتوى الموقع الإلكتروني تبويبة حملت اسم "ملف الشفافية" يضاف فيها كل مبلغ مالي يصل إلى الفريق مهما كان صغيراً، وطريقة صرف المبلغ المتبرع به بشكل واضح لجميع الزوار، والذي جمع منذ تأسيسه أكثر من 49 مليون دولار أنفقت على مشاريع الفريق.
ويمتلك الفريق فروعاً مرخصة في خمس دول وهي فرنسا وألمانيا وكندا والسويد وتركيا، مع 570 متطوعاً بينهم أكثر من 450 عضوا متطوعا بشكل كامل ما يمثل نحو 80% من أعضاء الفريق وهم العصب الرئيسي لأعمال "ملهم التطوعي".
مليون دولار في ساعة
وضمن فعاليات المؤتمر المنعقد بمناسبة مرور الذكرى العاشرة لتأسيس فريق ملهم التطوعي، أقيمت حملة جمع تبرعات مباشرة وعبر الموقع الإلكتروني، جمع خلالها أكثر من مليون دولار أميركي في ساعة واحدة.
وتخلل المؤتمر كلمة لمدير "منظمة بذور" من أجل الإنسانية في الداخل الفلسطيني، سليمان حجازي، تحدث فيها عن "التشابه بين الشعبين السوري والفلسطيني والأمل المشترك بالحرية"، مشيراً إلى مشاركتهم الدائمة كمنظمة في الحملات التي ينظمها فريق ملهم.
وأكد حجازي أن مشاركة "منظمة بذور" مع فريق ملهم تعود جذورها إلى عام 2016، عندما دعم فريق ملهم منظمة بذور في إحدى حملاتها في اليونان.
ومنذ 2016، نفذت "منظمة بذور" الفلسطينية مع ملهم التطوعي مئات الحملات من مشاريع إسكان إلى كفالة للأيتام والتكفل ببناء مدارس، إضافة إلى التكفل بدعم الحملات الطبية في الشمال السوري.
وأعلن حجازي في كلمته عن تكفل "منظمة بذور" الفلسطينية بدعم وتمويل بناء بنائين سكنيين خلال الأيام القادمة، حيث يبلغ كلفة كل بناء 50 ألف دولار.
كما وصلت خلال الحملة تبرعات بآلاف الدولارات من الداخل الفلسطيني دعماً لمشاريع "ملهم التطوعي" في بناء الوحدات السكنية المخصصة لنقل المهجرين المقيمين في الخيمة إلى بيوت ملائمة.
وكان فريق "ملهم التطوعي" أعلن في وقت سابق عن انطلاق مشروع سكني أطلق عليه "مجمع طمرة" نسبة إلى مدينة طمرة الفلسطينية في منطقة الجليل الغربي، على أن يضم مدرسة وخدمات لـ 500 عائلة مهجرة، وذلك ضمن حملة حتى آخر خيمة.
100 ألف متبرع منذ التأسيس
واستطاع الفريق طوال السنوات الماضية جمع تبرعات من نحو 100 ألف متبرع توزعت على مختلف المشاريع التي يعمل عليها الفريق بين الإغاثة والصحة والتعليم، حتى إن بعض الحالات حفرت في وجدان أعضاء الفريق فكانت نقطة تحفيز لشحذ الهمم للاستمرار في العمل الخيري، كحالة تلقاها مؤسس فريق "ملهم التطوعي" عاطف نعنوع في أحد أيام عام 2012 عبر اتصال هاتفي من لاجئ سوري في الأردن طلب المساعدة لزوجته التي أصيبت بنزيف دموي حاد في أثناء ولادتها، وكانت كلفة العملية المطلوبة لإنقاذها 2500 دولار أميركي، ولم يكن الفريق مستعداً لرقم كهذا في بدايته.
وبعد جهد، استطاع الفريق تأمين المبلغ، واليوم: يبلغ الطفل إبراهيم 10 سنوات من العمر بعد أن تكفل "ملهم التطوعي" بمصاريف عملية ولادته وساهم في نجاة والدته.
ودأب الفريق على إطلاق حملات مساعدة أشهرها حملة "خيرك دفا"، وهي حملة موسمية لإيصال المساعدات الشتوية ولوازم التدفئة، وحملة "عرسال" لمساعدة اللاجئين السوريين في لبنان والتي حققت انتشاراً واسعاً، رغبة في مساعدة القابعين في المخيمات في ظروف جوية سيئة.
كما أطلق الفريق مئات الحملات الأخرى بعضها كان للاستجابة للمدن السورية المنكوبة والمحاصرة، وغيرها مثل: حملة "أمنيات" الموجهة للأمهات السوريات في عيد الأم، حملة لشراء الأدوات المدرسية للطلاب، وأخرى لكفالة الأيتام، وافتتاح مدرسة وحملة لإيصال الماء وحملة لزكاة المال وإفطار الصائمين.
"من الخيام المهترئة إلى البيوت"
وفي عام 2017، بدأ الفريق العمل على مشروع نقل المهجرين الساكنين في الخيام إلى بيوت مبنية، في لبنة أولى أطلق عليها اسم مشروع قرية "ملهم"، لكن تنفيذه تأجل بسبب عدم الاستقرار الأمني، ليعاود العمل على المشروع عام 2020 بنقل آلاف العائلات إلى أكثر من ألف وحدة سكنية.
وتطورت مشاريع نقل المهجرين من الخيام إلى البيوت خلال سنوات عمل الفريق، إذ بدأ الفريق عام 2021 ببناء البيوت الطابقية ضمن مشروع وقفي لإيواء المهجرين، بأولوية لذوي الإعاقات وعوائل الأيتام.
"حتى آخر خيمة"
وخصصت حملة أطلق عليها اسم "حتى آخر خيمة" لدعم مشروع البيوت الطابقية، والتي كانت بثاً مباشراً متواصلاً لعدة أيام، انطلق من خيمة بلاستيكية شفافة وسط مخيم بريف حلب الشمالي، في وقت كانت الثلوج تغطي أرضه الطينية وتثقل أسقف خيامه القماشية الهشة.
ولم يكن الفريق قد خطط للحملة في وقت سابق، لولا مناشدة سيدة سبعينية تهدمت خيمتها وحوصرت بالثلوج، لتتحول إلى شرارة غيرت حياة 500 عائلة انتقلت من الخيام إلى بيوت تحميهم من برد الشتاء وحر الصيف.
وتجمع أفراد الفريق في الخيمة لجمع التبرعات بشكل مباشر من آلاف المساهمين في دول العالم، وكان الهدف الأولي من الحملة جمع 400 ألف دولار تكفي لنقل 100 عائلة، لكن الإقبال الشديد على التبرع شجع الفريق لتمديد الحملة حتى مليون دولار، ولم تتوقف الحملة حتى جمعت أكثر من مليونين و587 ألف دولار أميركي.
في حين بلغ عدد المتبرعين للحملة قرابة 19 ألفاً و140 متبرعاً، وبلغ عدد العائلات المستفيدة نحو 646 عائلة مهجرة من المدن السورية.
مليون مستفيد في 10 سنوات
كفل الفريق منذ تأسيسه أكثر من 3600 طفل سوري يتيم، وساعد أكثر من 17 ألف حالة طبية وإنسانية وافتتح 7 مراكز طبية تقدم خدماتها لـ 50 ألف مستفيد، وآوى نحو 2500 عائلة مهجرة، كما وصلت مساعدات الفريق خلال عقد من عمره إلى أكثر من مليون إنسان ضمن حملات مختلفة.
ونشط الفريق في عمليات الاستجابة الإنسانية في مخيمات الشمال السوري مثل مخيمات دير بلوط والمحمدية ومخيمات ريف حلب وريف اللاذقية وعرسال اللبنانية وغيرها، بمجموع تجاوز 169 حملة إغاثية.
"ملهم والتعليم"
وعلى صعيد التعليم، يوفّر فريق ملهم منحاً تعليمية لطلبة الجامعات المتفوقين في الشمال السوري ودول اللجوء، إضافة إلى إطلاقه مشاريع تعليمية طويلة الأمد، منها مدارس ومراكز تخدم الأطفال والشباب، بهدف سدّ الفجوات في القطاع التعليمي، مثل مدرسة ملهم في مخيمات عرسال ومعهد ملهم في اعزاز، بالإضافة إلى مشاريع أخرى يتم العمل عليها عند الحاجة، مثل تأهيل مدارس في الشمال السوري وتوزيع القرطاسية على أطفال المخيمات، إضافة إلى كفالة 2100 طالب علم حتى اليوم.
واستطاع الفريق بتبرعات المساهمين تأسيس وبناء وتنفيذ إحدى أكبر مدارس الشمال السوري وهي مدرسة الشيخ فهد الراعي في مدينة اعزاز بريف حلب، والتي تتسع لألف طفل من المهجرين.
وبدأت أعمال بناء المدرسة في منتصف تموز عام 2021، بكلفة إجمالية بلغت نحو 185 ألف دولار أميركي، وذلك بالتعاون مع جمعية أوتاد الخيرية بالإضافة إلى التبرعات الفردية، ليتم افتتاحها في أيار الماضي.
عمل على مدار السنة
ويعمل فريق ملهم التطوعي على مدار السنة من دون توقف للاستجابة الفورية للمخيمات والمناطق المنكوبة في حالات الطوارئ كالحرائق أو الفيضانات أو غيرها من الكوارث، عبر تأمين المساعدات الغذائية وغير الغذائية.
ويسعى فريق ملهم التطوعي في أنشطته الإنسانية بمختلف الأصعدة إلى العمل في إطار مؤسساتي خال من التبعية الحزبية أو السياسية، معززاً بذلك ثقة داعميه في مختلف أرجاء العالم، مع رغبة دائمة في تطوير مسار عمله الخيري في شتى المجالات تلبية لاحتياجات المهجرين السوريين في المخيمات ودول الجوار السوري.
من هو ملهم؟
استمد مؤسسو الفريق اسمهم من الشاب السوري ملهم فائز طريفي ابن مدينة جبلة التابعة لمحافظة اللاذقية من مواليد عام 1986، وحاصل على شهادة في إدارة الأعمال من الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا، والنقل البحري.
وكان مُلهم أحد أوائل الشباب المشاركين في الثورة السورية منذ انطلاقتها، حيث تعرض للاعتقال على يد قوات النظام عام 2011، وأطلق سراحه بعد نحو شهر، واضطر لمغادرة سوريا.
لكن ملهم لم يقدر على البقاء خارج سوريا، فعاد وشارك مجددًا في الثورة السورية؛ وقتل في العاشر من حزيران 2012، خلال المعارك في ريف اللاذقية، ليطلق أصدقاؤه اسم ملهم على فريقهم الإغاثي تخليداً لذكراه.