تشهد أحياء اللاذقية أزمة مياه "خانقة"، إذ تنقطع المياه لفترات طويلة في أحياء محددة مقابل توفرها في أخرى "مدعومة" حسب وصف الأهالي، ما أدى لانتشار ظاهرة صهاريج بيع المياه كما يحدث في لبنان مع فارق دخل المواطن بين البلدين.
وتصل كلفة تعبئة خزان المياه إلى أكثر من 50 ألف ليرة في بعض الأحياء في ظل فشل "مؤسسة المياه" في حل المشكلة التي صرفت عليها مليارات الليرات بذريعة توسيع خطوط الشبكة لكن دون نتيجة.
وكانت حكومة النظام وقعت عام 2021 مع شركة "فود ستروي" الروسية عقد تنفيذ مشروع محطة بحيرة سد 16 تشرين بقيمة 47 مليون دولار، على أمل إنتهاء المشروع قريباً وفق زعم حسين عرنوس رئيس الحكومة في تصريح صحفي عام 2023.
وتتجاهل حكومة النظام أزمة المياه منذ سنوات عدة وسط تذرعها بحجج نقص التغذية الكهربائية وقدم محطات الضخ بينما يعتبر عدد من سكان المدينة أنّ أزمة المياه قديمة وتعود لما قبل عام 2011، ولا علاقة للكهرباء بها حيث كانت متوفرة لساعات طويلة.
حلول غائبة
يروي مضر (42 عاماً ـ طلب عدم ذكر اسمه) وهو من سكان حي سقوبين لموقع تلفزيون سوريا، أنّ مشكلة المياه سنوية في اللاذقية، إذ تتعمد مؤسسة المياه بداية كل صيف خلق أزمة مياه بحجج واهية منها الأعطال أو إصلاح بعض الخطوط أو ضعف في الضخ بسبب الكهرباء".
وقال: "إنّ سكان اللاذقية الغنية بالمياه عطشى اليوم وينتظرون حلولاً لن تأتي"، مشيراً إلى أنّ سبب المشكلة الرئيسية سرقة ميزانية مؤسسة المياه المخصصة للصيانة الدورية للخطوط من قبل المسؤولين عنها".
وأوضح أنّ "مؤسسة المياه" تتغنى دوماً بتنفيذ إصلاحات وتوسعة لخطوط الشبكة لكن تزداد حالة ضخ المياه سوءً، عدا عن تغذية حارات على حساب أخرى".
ويربط الشاب الأربعيني قطع المياه بانتشار ظاهرة بيع المياه بالصهاريج التي طغت على كافة الحلول لدى مؤسسة مياه اللاذقية التي تتغاضى عن استغلال أصحاب الصهاريج للناس وبيعهم المياه بأسعار مرتفعة.
ويؤكد أن سوريا (اللاذقية تحديداً) أضحت مثل لبنان بموضوع المياه، قائلاً: "ثمن 5 براميل مياه يتراوح بين 50 ألف و75 ألف ليرة حسب صاحب الصهريج ومدى معرفته بمن يعبأ له المياه". مردفاً أنّ خزان المياه سعة 5 براميل لا يكفي لأكثر من يومين وسط تقنين الاستهلاك وحتى الاستحمام.
ليست قصة مضر هي الوحيدة في هذا المضمار، إذ يعاني الكثير من سكان اللاذقية من تفاقم مشكلة المياه مع حلول الصيف سنوياً وسط غياب الحلول من حكومة النظام.
ومنذ أيام، أوقفت "المؤسسة العامة لمياه الشرب في اللاذقية"، التابعة للنظام السوري، ضخ المياه عن أكثر من 26 تجمعاً سكنياً، بشكل مفاجئ بذريعة الصيانة ومن دون سابق إنذار.
سبب الأزمة: سرقات وفساد
تعليقاً على ذلك، قال مصدر في مؤسسة مياه اللاذقية لموقع تلفزيون سوريا (طلب عدم ذكر اسمه)، "إنّ المؤسسة تعاني من غياب الخطط الهادفة لتحسين واقع المياه في المحافظة"، مؤكداً أنّ "كل مدير يأتي على رأس المؤسسة همه الوحيد مصلحته الشخصية على حساب مصلحة سكان المدينة وذلك عبر التعاقد مع متعهدين لنهب وسرقة موارد الصيانة والتوسعة للخطوط".
وبيّن المصدر، أنّ نبع السن وغزارته المائية كافية لسد احتياجات المحافظة من المياه، لكن هذه الغزارة ترمى في البحر نتيجة عدم توسعة خطوط جر المياه والبالغ عددها خمسة خطوط فقط. موضحاً أنه لو تم توسعة الخطوط ومد خط سادس بِقطر 1000 ملم كان وضع المياه أفضل من انتظار محطة 16 تشرين لتدخل الخدمة.
واستنكر المصدر، قيام المؤسسة بإنشاء محطة 16 تشرين وشراء مضخات وعنفات ومكنات ومحطات تصفية للمياه بمليارات الليرات السورية بينما مياه نهر السن نقية وعذبة ولا تحتاج لتصفية لكنها تذهب للبحر.
وأضاف، أن محطة 16 تشرين وبعد صرف المليارات عليها ما تزال خارج الخدمة ومن المتوقع أن تعطي يومياً 80 ألف متر مكعب من المياه.
إلى ذلك، عزا المصدر نقص المياه ومشكلة ضخها إلى منازل السكان في اللاذقية إلى التعديات على خطوط الجر القريبة من حقول المزارعين بهدف سقاية محاصيلهم وبعلم موظفي المؤسسة الذين يتقاضون الرشى لغض النظر، وكذلك مشكلة الكهرباء التي تعاني المؤسسة منها جراء عدم التنسيق مع مؤسسة الكهرباء خلال ساعات التقنين الكهربائي.
ويعد نبع السن المصدر الرئيسي للمياه في اللاذقية حيث يؤمن نحو 80 % من حاجتها بكمية تتراوح بين 300 و 320 ألف متر مكعب يومياً، فيما يؤمن الباقي من آبار وينابيع محلية بكمية تتراوح بين 70 و80 ألف متر مكعب يومياً، وفق جريدة "الثورة" الحكومية.