icon
التغطية الحية

اللاجئون السوريون في كندا على قائمة انتظار طويلة قبل التسجيل في المدارس

2022.10.19 | 09:33 دمشق

عائلة العبود السورية اللاجئة في كندا تنتظر دور أطفالها حتى يتم تسجيلهم في المدارس
عائلة العبود السورية اللاجئة في كندا تنتظر دور أطفالها حتى يتم تسجيلهم في المدارس
CBC - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

بالنسبة للقادمين الجدد من السوريين من أمثال روى الحمدو الخليل وخالد العبود، فإن تسجيل أطفالهم الأربعة في مدارس كالغاري بأقصى سرعة ممكنة شيء ضروري وأساسي بالنسبة لنجاح كامل الأسرة المؤلفة من سبعة أفراد، بينهم شقيقة الزوج التي أتت من حلب إلى كندا عبر تركيا في أيار من عام 2022.

أقامت الأسرة في بداية الأمر في فندق تديره الجمعية الكاثوليكية للهجرة في كالغاري التي تعمل على إيواء اللاجئين الذين تأتي بهم الحكومة الفيدرالية إلى كندا، إلا أن بعض الأسر قد تقيم لمدة أشهر في فندق ريثما تستكمل أوراقها ومعاملاتها لتؤسس حياتها الجديدة في كندا، ويشمل ذلك العثور على مكان للسكن، بعدما أصبح ذلك الأمر أصعب من ذي قبل بسبب ارتفاع إيجارات البيوت خلال العام الماضي.

وهذا ما جعل المئات من الأطفال ينتظرون لأسابيع، ولأشهر في كثير من الحالات، قبل أن يتم استقبالهم في صف دراسي.

وحول ذلك تقول روى: "عندما وصلنا كانت الأمور صعبة للغاية لأننا لم نكن نتحدث الإنكليزية، ولم نكن نعرف أي شيء عن النظام هنا".

يخبرنا الأبوان بأن تسجيل أولادهم في المدارس أهم أولوية بالنسبة لهم بعد وصولهم إلى تلك المدينة، حيث تقول روى: "هذا بلدنا الجديد، ولهذا نريد لهم أن يتعلموا وأن يتلقوا تعليماً يمكنهم من التطور في الحياة".

الأم روى الخليل

أما الأب خالد العبود فيخبرنا بأن: "الدوام في المدرسة لن يساعد أطفالي فحسب، بل يساعدنا نحن أيضاً".

إذ يرغب خالد بأن يعثر على عمل كميكانيكي وهي مهنة صعبة وشاقة، ولكنه بحاجة ماسة لتعلم اللغة الإنكليزية حتى يبدأ بالعمل، ولهذا يقول عن أطفاله: "بوسعهم أن يذهبوا إلى المدرسة ويتعلموا ثم يمكنهم أن يعلمونا في الوقت ذاته وأن يساعدونا على تعلم اللغة الإنكليزية أيضاً، وهذا ما يجعل ارتيادهم للمدرسة مسألة بغاية الأهمية".

إلا أن الأمور استغرقت نحو شهر قبل أن يتم تسجيل ابنهم الأصغر في المدرسة، ومع ذلك يعتبرون أنفسهم محظوظين، لأن ابنتهم الكبرى التي أصبح عمرها اليوم 18 عاماً، لم تقبل في أي ثانوية محلية.

وبعد مرور خمسة أشهر من الانتظار، تمت إحالتها لبرنامج تقدمه وكالة التوطين ويركز على تطوير مهارات اللغة والحياة لدى اللاجئين البالغين.

تخبرنا سامية جمال إحدى مؤسسي جمعية دعم المهاجرين في كاليغاري والتي تتعاون مع تلك الأسرة بأنهم انتظروا أكثر من غيرهم حتى يتم تسجيل أولادهم ضمن النظام التعليمي، وتعلق على ذلك بقولها: "مكث هؤلاء الأطفال اللاجئون مع ذويهم في الفنادق بلا مدرسة أو عمل أو تمويل، وإن أشد ما يضعف الروح المعنوية أن تتحول الأسابيع لشهور"، إذ ترى سامية بأنه لا ينبغي على الأطفال أن ينتظروا حتى يصبح لديهم عنوان دائم قبل أن يتم تسجيلهم في المدارس، ولهذا تقول: "يجب أن يكونوا في الصف لا في غرفة فندق، لذا لابد من وضع خطة طويلة الأمد وأخرى عاجلة قصيرة الأمد، وذلك لأن أحد الأسباب المهمة التي دفعت هؤلاء الناس للقدوم إلى هنا ضمان مستقبل زاهر لأولادهم".

زيادة عدد المسجلين يمثل تحدياً لمجلس التعليم

يخبرنا مجلس التعليم بكالغاري بأنه يبذل قصارى جهده لتأمين مقاعد للطلاب الذين وفدوا إلى البلد منذ فترة قريبة، لكنه يعترف بوجود حالات تأخير، إذ تقول جوان بيتمان مشرفة عملية التحسن في المدارس: "تعرضنا لزيادة بنسبة التسجيل والتي أصبحت هائلة وغير مسبوقة خلال هذا الخريف مقارنة بما شهدناه خلال السنوات الماضية بل حتى قبل تفشي الجائحة".

ولهذا يحتاج المجلس لمعالجة طلبات التسجيل، وتحديد المدارس المناسبة من حيث الموقع بالنسبة للأسر واستكمال عملية تقييم الطلاب قبل إدخالهم ضمن المنظومة التعليمية.

وعن ذلك تحدثنا جوان فتقول: "بالتأكيد هنالك حالات تأخير في قدرتنا على تسجيل واستقبال طلاب جديد واستكمال عمليات التقييم بسبب هذه الزيادة الفظيعة، ولهذا تبذل كوادرنا جهوداً كبيرة بطريقة تنم عن تعاون وترحيب كبير لجميع تلك الأسر والعائلات، كما أن ذلك أصبح بمنزلة تحد بالنسبة لنا، ولهذا نقر بأن ذلك يمكن أن يخلق حالة إحباط".

مجلس التعليم في كالغاري

تخبرنا جوان بأنهم استقبلوا أكثر من 400 طالب لاجئ منذ شهر تموز، ولا يشمل هذا العدد القادمين الجدد من أوكرانيا وغيرهم ممن أتوا ضمن موجات مختلفة، ولذلك أجاز مجلس التعليم في كالغاري لأكثر من 60 لاجئا جديدا يتلقى مساعدة من قبل الحكومة دخول المنظومة التعليمية، إلا أنه ذكر بأن تلك الفئة ماتزال لديها مشكلات خارج منظومة المدارس، إلا أن تأمين مقعد للوافدين الجديد في كل المدارس يمثل مشكلة أخرى بالنسبة لمجلس التعليم، ولهذا تقول جوان: "إن ذلك قد تسبب بظهور مشكلات محددة تتصل بتوفير أماكن ولذلك قمنا بتوزيع الطلاب بشكل عادل على مدارس مختلفة، وسنواصل مراقبة الوضع لنقوم بالتغييرات اللازمة حال ظهورها، إلا أن ما استجد خلال هذا العام هو ظهور بعض الحالات الجديدة التي لم نتوقعها وذلك فيما يتصل بنسبة الزيادة في التسجيل".

العثور على سكن

من الأسباب الرئيسية لفترات الانتظار الطويلة بالنسبة لدوام الأطفال في المدارس هو معاناة الأهالي في العثور على مسكن بوسعهم دفع تكاليف إيجاره ضمن حي يشتمل على مدرسة قريبة، ويعود ذلك لارتفاع إيجارات البيوت والتسابق عليها.

إذ يقول تشارلي وانغ وهو نائب مدير خدمات الزبائن في مركز كالغاري للوافدين الجدد: "كان لدينا خلال هذا الصيف عائلات تتعامل مع وضع السكن غير المستقر، وتعالج مشكلة العثور على مسكن قادرين على تحمل تكاليفه على المدى البعيد، وذلك لأنهم لا يدرون أين سينتهي بهم المطاف، ولهذا لم يقوموا بتسيير الأوراق اللازمة للتسجيل في المدارس، وبالنسبة للأطفال الذين أتوا خلال فصل الربيع، فقد تعين على البعض منهم أن ينتظروا حتى يأتي فصل الخريف الدراسي، ما يعني أشهراً من التأخير".

يخبرنا تشارلي بأن تلك الأسر التي تعرضت لصدمات وتقلقل وضعها مرات كثيرة باتت راغبة بالتأكد من الموعد المناسب لتسجيل الأطفال في المدارس على المدى البعيد، ما يعني بأن أولادهم بقوا ينتظرون فترة طويلة قبل أن يتم تسجيلهم في المدرسة، ويتابع بالقول: "أصبح العثور على مسكن يمكن للمرء تحمل تكاليفه وإيجاره مشكلة كبيرة، وهذا يتطلب مستوى أعلى من التدخل أو إدخال تعديلات على المنظومة، ولكن بوسعنا أن نساعد من خلال المناصرة والتأييد، لاسيما مع وزير الإسكان لينظر في الطريقة المناسبة التي يمكننا من خلالها مساعدة تلك العائلات".

إلا أن الوافدين الجدد ليسوا بمفردهم، وذلك لأن وكالات التوطين في المدينة تساعدهم في البحث عن أماكن جديدة للمدارس والمجالس التعليمية والمعاملات التي تلزمهم ويجب عليهم أن يفهموها.

مركز الوافدين الجدد

يقدم مركز الوافدين الجدد تعليماً وورشات عمل تقوم بشرح الفروقات بين مجالس المدارس المختلفة وطريقة عمل المنظومة التعليمية في كالغاري، وذلك لأن السنوات والساعات الدراسية تختلف كثيراً عن غيرها في بعض البلدان، وهذا ما يجب أن يطلع عليه الأهالي أيضاً.

يخبرنا تشارلي بأنهم يعالجون مشكلات مثل العنصرية والتمييز وطريقة استقبال الأطفال في المنظومة التعليمية، إلى جانب تقديم التعليم لبعض الأهالي الذين يفضلون تعليم الصبيان على تعليم البنات لأسباب ثقافية مختلفة.

يذكر أن مجالس المدارس العامة والكاثوليكية في كالغاري تدير مراكز استقبال للاجئين خاصة بها.

فترات انتظار متفاوتة

يصل اللاجئون إلى كندا بموجب تأشيرات مختلفة وضمن موجات مختلفة أيضاً، ما يعني اختلاف فترات معالجة أوراقهم، وفترات انتظارهم للقبول في المنظومة التعليمية.

وحول ذلك يخبرنا فرانك كاتوني وهو المدير التنفيذي لمؤسسة جسر كالغاري للشباب، وهي منظمة تتعاون مع مجالس المدارس على إدماج اليافعين من الوافدين الجدد: "كنا نعاني من ثلاثة أمور كبيرة، وهي ظهور كوفيد، واللاجئين القادمين من أفغانستان والآن بسبب الحرب في أوكرانيا، وهذا ما شكل حالة ضغط كبيرة على المنظومة بأكملها".

إذ بحسب ما ذكرته الجمعية الكاثوليكية للهجرة في كالغاري فإن 5400 لاجئ أفغاني وصلوا إلى كالغاري خلال الفترة الواقعة ما بين أيلول 2021 وآب 2022، فيما يخطط الثلث منهم للإقامة في هذه المدينة. كما وصل نحو 1500 لاجئ بتمويل من قبل الحكومة من دول أخرى، بينها سوريا، وذلك خلال العام الفائت.

وهنالك أيضاً أكثر من عشرة آلاف أوكراني انتقلوا للعيش في كالغاري وما حولها منذ الغزو الروسي لبلدهم.

ولهذا يخبرنا فرانك بأن الأوكرانيين الهاربين من الحرب أتوا إلى كالغاري بصفتهم مقيمين بصورة مؤقتة، لا كلاجئين، ويمكن لذلك أن يؤثر على طريقة دخولهم لتلك المنظومة وعلى الأموال المخصصة لدعمهم، ويعقب على ذلك بقوله: "هنالك مجال دوماً لتحسين أي منظومة، ولكن هل بوسعك أن تجعل عملية الانتقال والتحول تتم بصورة أسرع؟ هنالك أمور بوسعك القيام بها دوماً، إلا أن واقع الأمر يبين بأننا نواجه حالة لم يسبق لنا أن واجهناها من قبل".

فيما ذكر المجلس التعليمي في كالغاري بأنه زاد من عدد الصفوف المخصصة للأطفال اللاجئين في الصفوف التي تبدأ من الصف الرابع وحتى الصف الثاني الثانوي ضمن بيئة تراعي مسألة الصدمة. كما يقوم هذا المجلس بإرسال الأطفال لمدارس أخرى عندما تمتلئ المدارس القريبة من بيوتهم بالطلاب، إلى جانب زيادة الكادر التدريسي إن أمكن، ويحاول هذا المجلس أيضاً أن يقلل عدد مرات تواصل الأهالي مع المجلس ومتابعتهم لسير العملية وذلك بهدف تقليل حالة السخط والإحباط لديهم.

المصدر: CBC