كشف "المركز السوري للإعلام وحرية التعبير" الحيثيات والأدلة التي تم اعتمادها من قبل السلطات الهولندية في اعتقال أحد قيادي "لواء القدس" قبل أسابيع بعد اتهامه بارتكاب "جرائم حرب" في سوريا خلال الأعوام الماضية، مشيراً إلى وجود أربعة ملفات أخرى لـ"مجرمي حرب" لدى الشرطة الهولندية مقدمة منذ نهاية عام 2020.
وكان المركز قد تقدم بالشكوى القانونية ضد السوري الفلسطيني (م) البالغ من العمر 34 عاماً للشرطة الهولندية التي قامت باعتقاله في مدينة كيركراده يوم الثلاثاء 24 أيار الماضي بناء على الشكوى وأحالته إلى قاضي التحقيق بتهم تتعلق بالاشتباه بارتكابه جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في سوريا في السنوات الماضية.
خمسة شهود بينهم ضحاياه
وقال طارق حوكان مدير مشروع التقاضي الاستراتيجي في "المركز السوري للإعلام" في مقابلة مع موقع تلفزيون سوريا، إن ملف الشكوى الذي تقدم به المركز تضمن مجموعة من الأدلة التي تثبت ارتكاب المشتبه به مجموعة من الانتهاكات التي ترتقي إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية".
وأردف أن "من بين تلك الأدلة خمس شهادات لشهود ثلاثة منهم كانوا ضحايا مباشرين لجرائم المشتبه به".
"كما تضمن الملف قوائم لضحايا تم توثيقهم في قواعد بيانات مشروع مركز توثيق الانتهاكات بالإضافة إلى تحقيقات استقصائية أعدها فريق التقاضي في المركز، ومجموعة من الأدلة البصرية والمعلومات من المصادر المفتوحة"، بحسب حوكان.
وأشار طارق حوكان إلى أن "المشتبه به شارك مع الأجهزة الأمنية بإطلاق الرصاص على المتظاهرين السلميين في سوريا، وفي مرحلة لاحقة وبوصفه قائد مجموعة في ميليشيا "لواء القدس" الحليفة لقوات النظام شارك في اعتقال العديد من المواطنين وتسليمهم للأجهزة الأمنية، حيث تعرضوا للتعذيب الشديد، بالإضافة لانتهاكات أخرى كثيرة، لافتاً إلى أنه "بسبب ذلك وجهت الشرطة الهولندية للمشتبه به تهم ارتكابه جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب".
كما يُتهم المشتبه به بحسب مدير المركز السوري للإعلام بأنه "قد شارك في منظمة تهدف إلى ارتكاب جرائم دولية".
ولفت حوكان في تصريحاته لموقع "تلفزيون سوريا" إلى أنه "خلال الأسبوع الماضي استجوب قاضي التحقيق المشتبه به لأول مرة بناء على التهم التي وجهت له من مكتب جرائم الحرب ومن الممكن أن يتم استجوابه مرة أخرى".
كما سيتم وفقاً لحوكان "الاستماع للشهود والضحايا الواردة شهاداتهم في ملف الشكوى الذي تقدم به المركز، ومن الممكن أن يكون للمركز شهادة أيضا في مرحلة لاحقة".
وذكرت مصادر متقاطعة أن المشتبه به هو السوري الفلسطيني مصطفى الداهودي المنحدر من مخيّم "النيرب" للاجئين الفلسطينيين في حلب، وانتسب الداهودي (34 عاماً) إلى "لواء القدس" في عام 2013 وشارك منذ انضمامه إلى تلك الميليشيا في قمع الثورة السوريّة إلى جانب النظام وحلفائه.
صعوبات يواجهها المركز
وعن الصعوبات التي تواجه عمل المركز يقول حوكان إنه "لابد من الصعوبات في أي عمل وخاصة عندما يكون العمل مع هيئات قضائية وقوانين أجنبية (..) ولكن ما يمكن أن أشير إليه في هذا المجال هو قصور بعض القوانين والشروط التي تفرضها قوانين بعض الدول الأوروبية لتفعيل مبدأ الولاية القضائية العالمية، الأمر الذي يحد من توسيع مجال ملاحقة ومحاكمة مرتكبي الجرائم في سوريا. بالإضافة إلى ضعف إمكانات مكاتب جرائم الحرب الأوروبية المادية والبشرية".
وأشار إلى أن "المركز يعمل من خلال مشروع التقاضي الاستراتيجي على ملفات كثيرة في عدة دول أوروبية (..) كألمانيا وفرنسا والنمسا والسويد وهولندا وغيرها".
وعن اتهام بعض اللاجئين للحكومات الأوروبية بالتساهل مع اللاجئين المؤيدين للنظام المتهمين بارتكات جرائم حرب الموجودين بصفة "لاجئين" في الدول الأوروبية، قال حوكان "أعتقد أن هذا الاتهام ليس له ما يبرره.. أولا لأن أي شكوى لابد أن ترفق بأدلة ترجح ارتكاب المشتبه به للجرم حتى تتمكن الشرطة من مباشرة التحقيق"، موضحاً بأن "أي اتهام يبقى في نطاق الأقوال المرسلة لا يمكن التعاطي معه بجدية وحجز حرية شخص ما بناء عليها".
كما لفت إلى أن "الأمر الثاني هو أن الجرائم الدولية هي جرائم ذات طبيعة خاصة والتحقيق فيها يتطلب موارد وإمكانات كبيرة؛ خاصة أننا نتحدث عن جرائم وقعت خارج إقليم الدولة ولا يمكن الوصول إلى موقع الجريمة بالإضافة الى أن الشهود والضحايا غالبا ما يكونوا متوزعين في دول متعددة"، مشيراً إلى وجود "ضعف بإمكانات مكاتب جرائم الحرب المادية والبشرية وكل هذه العوامل تتسبب في تأخر ظهور نتائج التحقيقات".
ملفات أخرى قيد البحث لدى الشرطة
وفيما إذا كان هناك ملفات أخرى لـ"مجرمي حرب" تم تقديمها للسلطات الهولندية، قال إن "ملف المشتبه به (م) الذي تم توقيفه كان واحداً من خمسة ملفات تقدم بها المركز السوري للإعلام وحرية الإعلام للشرطة الهولندية في نهاية عام 2020 ونرى أنه الآن فقط تم توقيفه وتوجيه الاتهام له".
والمركز السوري للإعلام الذي قدم الشكوى ضد المشتبه به، منظمة مرخصة في فرنسا منذ عام 2004 ويتمتع بالصفة الاستشارية في المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة.
ويقول حوكان إنه "منذ تأسيسه باشر المركز نشاطه في سوريا من أجل الدفاع عن الأفراد والجماعات المضطهدين بسبب آرائهم ومعتقداتهم وضمان احترام حقوق الإنسان، ومع انطلاق الثورة بدأ المركز أعمال توثيق الانتهاكات المرتكبة في سوريا من خلال مشروع مركز توثيق الانتهاكات في سوريا التابع للمركز، الأمر الذي دفع النظام إلى اعتقال 13 زميلا من كوادر المركز".
وتابع حوكان أنه "في عام 2016 بعد خروج الزملاء من المعتقل بدأت جهود المركز التي تهدف إلى تمكين الضحايا من الوصول إلى العدالة ومكافحة الإفلات من العقاب. خاصة بعد وصول أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين إلى أوروبا من بينهم الكثير من الشهود والضحايا وأيضا مرتكبي انتهاكات، الأمر الذي سهل إعداد ملفات كثيرة والتقدم بها إلى جهات الادعاء في الدول الأوروبية بالاستناد إلى مبدأ الولاية القضائية العالمية.