icon
التغطية الحية

الكاميرات تجذب الفتيات في إدلب.. التصوير مهنة تحقق طموحهن فنياً ومادياً

2023.07.10 | 08:30 دمشق

الكاميرات تجذب الفتيات في إدلب.. التصوير مهنة تحقق طموحهن فنياً ومادياً
الكاميرات تجذب الفتيات في إدلب.. التصوير مهنة تحقق طموحهن فنياً ومادياً (صورة تعبيرية)
إدلب - عمر حاج حسين
+A
حجم الخط
-A

تترك الصور ومقاطع الفيديو في حفلات الزفاف والتخرج والمناسبات على أشكالها أجمل وأغلى الذكريات على قلوب البشر، إذ تحفظ لحظات الفرح وتحميها من النسيان وخاصّة إذا وثّقت جميع اللقطات المهمّة والعفوية في الحفل.

ونتيجة لما يعيشه الشمال السوري من استقرار على المستوى الأمني، تضاعفت أعداد المناسبات بشكل كبير وخاصة مطلع 2021، ما دفع عدداً من النساء إلى امتهان التصوير بدافع المتعة والحاجة إلى كسب العيش، وسط مصاعب اجتماعية ومالية كبيرة، في ظل كثرة الأفراح في فصل الصيف.

ويقتصر عمل المصورات على التقاط صور عالية الدقة وتصوير الحفلات النسائية والعروسين للاحتفاظ بصور جميلة وفيديوهات يتم إنتاجها بعد أيام، بعد إضافة لمسات المصورات الجميلة على الصور والفيديوهات.

دوافع التصوير

تروي المصوّرة سارة صغير، والتي تدير صفحة "Star Photography" على فيس بوك لـ تلفزيون سوريا، أن دخولها في عالم التصوير بدأ كهواية ترافق مع تشجيع من ذويها وعلى رأسهم أخوها العامل في فريق "سوريانا" والذي كان يعتمد عليها في تصوير بعض الحملات والمشاريع الخدمية، ومن ثم تشجيعها على حضور دورات خاصّة في التصوير الفوتوغرافي بهدف الاحتراف وتنمية الموهبة.

وتقول الشابة "سارة" البالغة من العمر 20 عاماً، إنها اشتهرت قبل دخولها في مجال تصوير الأفراح والمناسبات، في لقطاتها الجميلة في تصوير الأماكن العامة، ما دفع المجتمع المحيط بها لخصّها في تصوير الأعراس والأفراح والتدريبات والمحال التجارية والصالات بهدف الإعلان والترويج لهم.

وعلى الرغم من أنها لم تنه دارستها الجامعية في دراسة الأدب التركي في جامعات الشمال السوري، إلا أن التصوير لم يقف عائقاً أمامها، وفق قولها، إذ تصف سارة عملها في التصوير وتوثيق اللقطات الجميلة كـ"فنان يرسم بريشته أجمل اللوحات".

تتقاضى سارة على تصوير حفل الزفاف في مدينة إدلب، من ساعتين إلى أربع ساعات 400 ليرة تركية (ما يعادل 17 دولارا أميركيا)، وعلى جلسة تصوير مدتها ساعة نحو 200 ليرة تركية (ما يعادل 8 دولارات)، مشيرةً إلى أن أجور التصوير قد تختلف من منطقة إلى أخرى على حسب بعد المكان.

وأكدت على أنها لا تذهب إلا للصالات الشهيرة في الشمال السوري وتتجنب الأماكن الخاصة في المناطق البعيدة على الرغم من مرافقة أخيها في أي مناسبة.

تحمل سارة كاميرا من نوع "Canon  D750" ومسند لها وجهاز إضاءة خاص بالكاميرا، لكن حالتها المادية تمنعها من اقتناء كاميرا ذات دقة أفضل وفق وصفها، إذ أكّدت أنها تسعى لشراء كاميرا من نوع "Canon 5D" وعدسة من عيار "S17-55mmf".

لم تحصر "سارة" خلال حديثها لـ"تلفزيون سوريا" امتهانها للتصوير بشأن تحسين حالتها المعيشية، بل أكّدت أنها تقدم على هذا العمل بهدف حبها للتصوير ولإثبات وجودها كامرأة مؤثرة في المجتمع.

ما أبرز معوقات المهنة؟

بحسب سارة، فإن الوقت المتأخر وعدم توفر المواصلات في المنطقة يشكلان عائقين أساسيين أمام عملها في بعض الأحيان، مشيرةً إلى أن وجود أخيها بجانبيها في إيصالها إلى الحفلات يزرع الأمان بداخلها وتتغاضى عن أمور عدّة.

تحلم سارة اليوم بأن تملك استوديو خاصاً بالتصوير، الأمر الذي يحتاج إلى قرابة 6 آلاف دولار أميركي، وهو ما يشكل عائقاً أمام قدرتها المالية المحدودة، لافتةً إلى أن عملها يقتصر على تواصل الأشخاص على صفحتها الخاصة بالتصوير "Star Photography".

وحوّل ردّها إذا كانت "حكومة الإنقاذ" القائمة في إدلب تمانع فتح استوديو تصوير خاص بالنساء، قالت: "لا أظن أنها تمانع امتهان النساء للتصوير، فهي لم تعترضنا في أثناء العمل، ولذلك فمن المؤكد أنها لن تقف أمام نجاح الفكرة وتطويرها واستمرارها في المنطقة".

ومع انطلاقة الثورة السورية في آذار من عام 2011، وجدت النساء الفرصة لانتزاع حقوقهن، فأخذن دورهن وشاركن بالعمل بشكل محدود في المجال الإنساني والحقوقي والإعلامي، بعد إصرارهن على النضال ضد بعض العادات والتقاليد المجتمعية الذكورية، وأنظمة قمع تهمّش دورهن وتمنع النساء حقوقهن وحرياتهن، كما حدّت من فرص عملهن، ممّا عزّز إقصاءها، وذلك وفقاً لتقرير صادر عن الرابطة الدولية للمرأة من أجل السلام والحرية.

من جانبها، تؤكد روان قهواتي (21 عاماً) والتي تعتبر من الشابات التي تشتهر في مناطق "سرمدا – الدانا – معرة مصرين – إدلب" بلقطاتها الجميلة للمناسبات، أن سر شهرتها في مجال التصوير هو رخص أجورها في التصوير والإنتاج، موضحة أنها تعمل على تصوير المناسبة منذ بدايتها حتى النهاية.

لم تخضع روان لأي دورات تعليمية بخصوص التصوير الفوتوغرافي، مشيرةً إلى أنها دخلت مجال التصوير منذ قرابة أربعة أعوام، وأنها تعمقت ذاتياً في احتراف اللقطات عن طريق الإنترنت، وفق قولها.

وأشارت في حديثها لـ"تلفزيون سوريا" إلى أنها في البداية كانت تقوم باستئجار كاميرات ليوم واحد فقط، من أحد استديوهات التصوير في مدينة معرة مصرين، مقابل مبلغ مالي قدره 150 ليرة تركية (7 دولارات)، بهدف تصوير حفل الزفاف أو المناسبة المدعوّة لتصويرها، لافتةً إلى أنها اليوم تملك كاميرا من نوع "Canon 70D".

توثيق الذكريات الجميلة

تعتبر الشابة سيدرا علوش أن توثيق لحظات الزفاف هي أجمل اللحظات التي يجب أن تُخلد إلى الأبد، ولذلك استعنت في أثناء زفافي بمصورة توثّق الحفل بلقطات جميلة وعالية الدقة.

وتضيف أن كثير من السيدات وأصدقائها تحديداً فقدوا متعة توثيق هذه اللحظات بسبب عدم وجود مصوّرات على دراية بهذه المهنة وانحصارها على الشباب فقط.

وبتصور علوش فإن الإكسسوارات الخاصة بحفلات الزفاف لدى المصورات كـ"باقات الورود والمحابس والعبارات المكتوبة"، هي أكثر الأشياء التي جذبتها لاستدعاء مصوّرة.

لا يختلف الأمر أيضاً عند الشابة "ميس بكور" التي أكّدت أن فرحتها بالتخرج في كلية التربية وهي ترتدي اللباس الخاص بالتخرج، كان لا بد من توثيقها وخاصّة مع أصدقائها ممن جمعتهم مقاعد الدراسة.

ورشات تدريبية

في شمالي سوريا، أوّلت معظم منظمات المجتمع المدني، أهمية كبيرة لدعم النساء المتعلمات أو سواهن بهدف تمكينهن في المجتمع، باعتبارهن فئة مستضعفة اضطرت نتيجة فقدان المعيل لتولي أدوار اجتماعية لم تعتد عليها، فدخلت سوق العمل بما تملكه من إمكانيات، ولذلك سعت المنظمات المدنية إلى استثمار ما تملكه النساء السوريات من إمكانيات وعملت على تطويرها، عبر تنظيم دورات للتصوير والمونتاج والتحرير.

يرى العامل في المركز المدني بالأتارب جميل العفان أن ورشات تعليم التصوير للسيدات التي تعلن عنها، تعتبر من أكثر الورشات نجاحاً بسبب الإقبال المتزايد لدى الفتيات التي لا تتجاوز أعمارهن الـ24 وما دون، إذ يتراوح عدد المتدربات في هذا المجال تحديداً، ما يزيد على 20 شابة في كل ورشة، ومعظمهن يحملن طابع المتعة في التقاط الصور وحضورهن يأتي بهدف تطوير أنفسهن في التصوير.

وبحسب العفان فإن السبب الرئيسي وراء الإقبال على مجال التصوير للسيدات هو البحث عن وظيفة عمل ضمن المنظمات الإنسانية أو الإعلامية أو تصوير الحفلات الخاصة أو العمل في مجالات أخرى.

وتعاني السيدات في الشمال السوري من قلة فرص العمل، وتحاولن منذ سنوات إثبات أنفسهن لتدخلن في مجالات أخرى تختلف عن الصورة النمطية التي يعيشْنَها.