أجبرت "الإدارة الذاتية" - العاملة في مناطق سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) شمال شرقي سوريا - موظفيها، على المشاركة في مظاهرة بمدينة القامشلي شمالي الحسكة، تطالب بإطلاق سراح زعيم "حزب العمال الكردستاني - PKK" عبد الله أوجلان، المعتقل في تركيا منذ العام 1999.
واستقدمت "الإدارة الذاتية" مئات الموظفين من مؤسساتها في نحو 15 مدينة وبلدة بمحافظة الحسكة ومناطق في دير الزور إلى مدينة القامشلي، للمشاركة في المظاهرة والتجمّع الذي يُطالب بإطلاق سراح "أوجلان".
وقالت مصادر محلية لـ موقع تلفزيون سوريا، إنّ "قسد" أجبرت أيضاً الأهالي على التظاهر ومشاركة موظفي "الإدارة الذاتية" والتجمّع في أحد الملاعب بمدينة القامشلي، للمطالبة بالإفراج عن "أوجلان".
"تهديد بخصم الرواتب والمحاسبة والفصل"
وهدّدت "الإدارة الذاتية" موظفيها بخصم الرواتب والتعرّض للمحاسبة والفصل، في حال عدم المشاركة بالتجمّع، كما نقلت موظفين آخرين من أماكن عملهم إلى مكان التجمّع في الملعب.
وقال مدرّس من مدينة الحسكة لـ موقع تلفزيون سوريا، إنّ "المعلمين في مدارس الإدارة الذاتية أُجبروا على المشاركة في المظاهرة تحت التهديد بخصم الرواتب أو التعرّض للمحاسبة والتضييق في العمل، من خلال نقله إلى مدرسة بعيدة عن موقع سكنه".
وأشار المدرّس - فضل عدم الكشف عن اسمه - إلى أنه "خلال السنوات الماضية تعرّض كثير من الموظفين للفصل أو خصم الراتب لعدم مشاركتهم في المظاهرات والنشاطات المؤيدة للإدارة الذاتية وحزب العمال الكردستاني".
بدورها، قالت موظفة في مؤسسة خدمية بمدينة القامشلي لـ موقع تلفزيون سوريا، إنّه "بعد وصولها برفقة موظفات وموظفين آخرين إلى الملعب، أغلق عناصر الحرس الأبواب ومنعوا المشاركين من الخروج منه".
وترى الموظفة أنّ "هذا الإجراء جاء لمنع المشاركين من الانسحاب، كما يحدث باستمرار لكونهم مجبرين على الوصول إلى موقع المظاهرة وتسجيل أسمائهم ضمن قوائم توثّق مشاركتهم، خشية التعرّض للمحاسبة".
فرض إغلاق للأسواق وتهديد بقطع الخدمات عن المتغيبين
فرضت "الإدارة الذاتية" أيضاً، إغلاقا كاملا في الأسواق والمحال التجارية بمدينة القامشلي، في حين دعت عبر مكبّرات الصوت أهالي المدينة للمشاركة في المظاهرة.
وقال حسام عبيد (اسم مستعار) يعمل في سوق القامشلي، إنّ "اللجان المشرفة على المهن والاتحادات طالبت جميع أصحاب المحال بإغلاقها والمشاركة في المظاهرة"، مضيفاً أنّهم "يعانون أساساً من ارتفاع الإيجارات وضعف حركة البيع، وأن مثل هذه القرارات لها آثار سلبية على الوضع الاقتصادي والمعيشي في المنطقة".
وأشار "عبيد" إلى أنّ "أصحاب المحال التجارية التزموا بقرار الإغلاق، خوفاً من تعرضهم للمحاسبة أو التضييق من قبل الجهات الأمنية التابعة للإدارة الذاتية"
كذلك، دعا رؤساء "كومينات" (لجان الأحياء) التابعة لـ"الإدارة الذاتية"، سكّان الأحياء في القامشلي للمشاركة بالمظاهرة عبر التجمّع في الأحياء والتوجّه ضمن مجموعات إلى موقع المظاهرة في الملعب.
وأفاد أحد السكّان في حي زيتونية بمدينة القامشلي، بأنّ "مختار الحي أرسل رسالة صوتية ضمن مجموعة تضم سكّان الحي، يخبرهم بأن كل شخص يتغيّب عن المظاهرة لن يحصل على الغاز والمازوت والخبز".
وتداول ناشطون عبر تطبيق "واتساب"، تسجيلات صوتية حصل موقع تلفزيون سوريا على نسخ منها لعدد من رؤساء "الكومينات"، يهدّدون الأهالي بحرمانهم من مستحقات الغاز والخبز، في حال عدم المشاركة بالمظاهرة المطالبة بإطلاق سراح "أوجلان".
هيمنة لـ "العمال الكردستاني"
تُقدّم "قسد" نفسها على أنّها تمثل كل مكوّنات المنطقة وتتكون من مجموعة أحزاب سياسية متحالفة، منها الكردية والعربية والمسيحية، إلا أنّ هيمنة "حزب العمال الكردستاني - PKK" وجناحه السوري "حزب الاتحاد الديمقراطية - PYD" واضحة، حيث يهيمن الأخيران على جميع المؤسسات المدنية والعسكرية ولا يمكن لأي مسؤول اتخاذ أي قرار مهما كان بسيطاً من دون العودة لكوادرهما.
وفي تصريحات سابقة لـ مظلوم عبدي - القائد العام لـ"قسد" - ضمن تقرير لمجموعة الأزمات الدولية (Crisis Group)، في تشرين الأول 2020، اعترف بوجود كوادر من "العمال الكردستاني" في صفوف قواته.
وبحسب مصادر لـ موقع تلفزيون سوريا، فإنّ "العمال الكردستاني" زاد عدد كوادره وشدّد قبضته على المنطقة، بعدما أحس بالخطر مع ازدياد نفوذ "عبدي" والضغط الأميركي لإضعاف هيمنة كوادر الحزب على المؤسسات الأمنية والعسكرية والمدنيّة في شمال شرقي سوريا.