شهدت مناطق سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، شمال شرقي سوريا، خلال الأسابيع الأخيرة، تنظيم أنشطة دعائية، مسيرات ووقفات احتجاجية، مناهضة لتركيا والعملية العسكرية العراقية في منطقة سنجار، تحت مسمى "وحدة المصير" بين أجزاء "كردستان"، وتطالب بإطلاق سراح "عبد الله أوجلان" زعيم حزب العمال الكردستاني "PKK".
تقود هذا الحراك على المستوى الشعبي منظمة "الشبيبة الثورية" التي تتبع لحزب الاتحاد الديمقراطي "ب ي د" وتعتبر ذراع "العمال الكردستاني" الطويلة في مناطق سيطرة "قسد".
نظمت المنظمة، خلال الشهر الماضي، عشرات الاعتصامات والوقفات في مدن شمال شرقي سوريا الخاضعة لـ "قسد"، لتحشيد ضد تركيا والعراق.
"الشبيبة الثورية" متهمة بعمليات تجنيد الأطفال والقصر وخطفهم للخدمة في صفوف "قسد"، كما تعد المسؤولة المباشرة عن حرق ومهاجمة مكاتب المجلس الوطني الكردي وأحزابه في شمال شرقي سوريا.
أنشطة مؤيدة لـ "العمال الكردستاني"
يقول الصحفي إبراهيم الحبش، مدير موقع الخابور المهتم بتغطية أخبار المنطقة الشرقية، إن مناطق سيطرة "قسد" شهدت خلال الشهر الجاري نشاطا دعائيا غير مسبوق لصالح حزب العمال الكردستاني " PKK"، تحت إشراف "الشبيبة الثورية".
ويضيف الحبش، في حديثه لموقع "تلفزيون سوريا"، هدف نشاطات "الشبيبة الثورية" حشد الشارع الكردي السوري في صف "العمال الكردستاني" وإسكات إي أصوات معارضة لـ "الإدارة الذاتية"، عبر ربط العملية العسكرية التركية في العراق بالتصعيد على جبهات القتال بين الجيش الوطني السوري و"قسد"، وترديد شعارات مثل "وحدة المصير" في كل "أجزاء كردستان" وغيرها من الشعارات القومية العابرة للحدود.
ويوضح الصحفي إبراهيم الحبش أن تصريحات المسؤولين في "قسد" و"وحدات حماية الشعب" و"الاتحاد الديمقراطي" كلها كانت تنصب في اتجاه "وحدة المصير" مع منطقة سنجار التي انتهت ببسط الجيش العراقي سيطرته الأمنية على المنطقة.
وبحسب وجهة نظر الحبش، فإن هذه الدعاية والتصريحات تدل "بلا شك" على مدى ارتباط "قسد" بـ "العمال الكردستاني"، واستغلالها للحدث للتخلص من خصومها السياسيين.
الترويج القومي.. "مصير مشترك"
خلال احتدام الاشتباكات بين وحدات حماية سنجار المقربة من "العمال الكردستاني" والجيش العراقي، أعلن سيامند علي، الناطق باسم هذه "وحدات الحماية الشعبية" في سوريا، عن "الاستعداد لدفاع عن سنجار في كل لحظة"، بقوله: "نحن مقاتلي وحدات حماية الشعب لا نقبل أن يتعرض سنجار لهجمات جديدة".
وقبل هذا الموقف كان آلدار خليل، عضو هيئة الرئاسة المشتركة لـ “حزب الاتحاد الديمقراطي" (الذراع السياسي للوحدات)، اعتبر في تصريح له في نيسان/أبريل الماضي أن ما وصفه بـ "المخطط التركي" بأنه مخطط لاستهداف الوجود الكردي، موضحاً بأنه "موحد وشامل. إذ سيشمل أولا جبال كردستان ثم سنجار وروج آفا كردستان".
وأشار خليل إلى عمليات "تطويق" تعمل عليها تركيا من أجل حصار المناطق الخاضعة لسيطرة القوات الكردية في شمال شرقي سوريا، أولا من خلال العمليات العسكرية التي تتم حاليا في شمالي العراق (قفل المخلب)، وثانيا بوساطة "الجدار الذي يتم بناؤه حول منطقة شنكال (سنجار)" من الجانب العراقي.
كما دان "حزب الاتحاد الديمقراطي" بداية الشهر الجاري، شن الجيش العراقي هجوما واسعا النطاق على المجتمع اليزيدي في سنجار.
ووصف بيان الحزب الهجوم بأنه "مؤامرة مُخططة ومشتركة باتت واضحة المعالم من قبل الدول الإقليمية وعلى رأسها الاحتلال التركي وحكومة الكاظمي وحزب (الديمقراطي الكردستاني PDK)".
وأهاب البيان بما سماها "القوى الديمقراطية التحررية في كل أرجاء كردستان.. بأن يواجهوا هذه الإبادة لأنها تمثل خطراً كبيراً على وجود وهوية الشعب الكردي الأصيل في المنطقة".
الترويج للـ " PKK"
يرى الصحفي سامر الأحمد، المتابع لمجريات الأحداث في المنطقة، أن الحملات الدعائية المكثفة عبر المهرجانات والوقفات التضامنية وغيرها من الفعاليات في مناطق سيطرة "قسد" له عدة أهداف سياسية.
ويوضح في حديثه لموقع "تلفزيون سوريا"، أن الهدف الأول من هذه الدعاية تصوير حزب "العمال الكردستاني" و"قسد" كمدافع أول عن الشعب الكردي في سوريا والعراق وتركيا.
ويتمثل الهدف الثاني في محاولة ضرب سمعة عائلة "البارزاني" و"الحزب الديمقراطي الكردستاني" في إقليم كردستان العراق.
أما الهدف الثالث، يتعلق بمحاولة "قسد" لربط نفسها أكثر بحزب "العمال الكردستاني" وقطع الطريق على واشنطن التي تمارس ضغوطا للفصل بين الطرفين، عبر إظهار أن الارتباط بينهما هو تاريخي وعقائدي قومي.
وبحسب الصحفي سامر الأحمد، يترافق التصعيد الإعلامي لحزب "الاتحاد الديمقراطي" للترويج للـ "PKK"، مع التصعيد العسكري عبر تكرار استهداف المناطق التي تسيطر عليها فصائل الجيش الوطني السوري في عفرين واعزاز وشرق الفرات.
وكان آخرها استهداف مخفر حدودي تركي في ولاية غازي عنتاب التركية.
ويؤكد الأحمد أن التصعيد الذي وصفه بـ "الخطير" يهدف إلى ضمان غلبة "قسد" وتوسيع حاضنتها الشعبية لضمان عدم إشراك أحزاب "الوطني الكردي" في إدارة مناطق سيطرتها بأي تسوية في المنطقة.