أعلنت وزارة الداخلية التابعة للنظام السوري، خلال شهري حزيران وتموز الحالي، عن إلقاء القبض على عشرات الأشخاص بتهمة سرقة الدراجات النارية والهوائية في العاصمة دمشق.
وبالرغم من إعلانات الوزارة المتكررة عن ضبوط لشبكات وأشخاص يمتهنون السرقة، فإن الواقع يشير إلى ما هو أسوأ، فقد تحول هذا النوع من السرقات إلى ظاهرة، ومعظم من لديهم دراجات نارية أو كهربائية على علم بحجم الخطر الذي يحيط بدراجاتهم نتيجة كثرة اللصوص.
سرقة دراجات العاملين بالتوصيل
"عدنان.ر" يعمل في توصيل الطلبات لدى أحد المطاعم في مساكن برزة، يقول لموقع تلفزيون سوريا إنه ركن دراجته قرب أحد الأبنية ليقوم بتوصيل طلب، ورغم تأكّده من أنه أُقفل بإحكام، إلّا أنه عاد ولم يجده، مشيراً إلى أن عملية السرقة تمت خلال 3 دقائق فقط عبر قطع الجنزير.
يبلغ ثمن دراجة عدنان نحو 2.5 مليون ليرة، وكانت خسارته هذه "ضربة موجعة من ناحيتين" على حد تعبيره، لكونه لم يسدد كامل سعرها، إضافةً إلى أنه خسر مصدر رزقه.
ويضيف أن سرقة الدراجات النارية أو الكهربائية الخاصة بالعاملين في توصيل الطلبات باتت كثيرة مؤخراً، حيث تعرض اثنان من أصدقائه الذين يعملون بذات المهنة للسرقة خلال شهرين فقط.
تيم من سكان مساكن برزة أيضاً، ركن دراجته في مدخل منزله وربطه مع عداد المياه بجنزير، وقد اعتاد على هذا الإجراء منذ سنة ونصف تقريباً، لكنه استيقظ منذ أيام ولم يجد دراجته التي يصل ثمنها وفقاً لحديثه إلى نحو 10 ملايين ليرة.
رقابة غائبة
وبحسب أحد "ضبوط" داخلية النظام التي كشفت عنها خلال الشهر الحالي، فإن أحد اللصوص المقبوض عليهم كان بحوزته مقصات تُستعمل للفك والخلع، كما أن آخر أوقف في أثناء تجوله ضمن العاصمة بدارجة تبيّن أنها مسروقة، ما يشير إلى أن التجول بالدراجات المسروقة أمر سهل في ظل غياب شبه تام للرقابة.
وتنتشر في دمشق الدراجات النارية غير المرخصة (المهرّبة) بشكل كبير، وبحسب أصحاب دراجات، فإن هذا النوع لا يحمل أي أوراق ثبوتية رسمية، وبالتالي فإن البحث عنها صعب جداً، حيث يمكن تغيير ملامحها بسهولة من ناحية اللون وأمور أخرى بالإكسسوارات وطمس رقمها على الهيكل.
ويؤكد أصحاب درجات نارية أن سرقة الدراجات المرخصة أيضاً سهلة، إذ يتم خلع النمر وخلع رقم الهيكل وتغيير ملامحها، ومن ثم تُباع بأسعار رخيصة على أنها مهربة، بعد نقلها إلى أماكن بعيدة عن مكان السرقة.
عمليات السرقة تجري عبر شبكات أو بشكل فردي، وفقاً لمن التقاهم موقع تلفزيون سوريا، إذ تتم السرقة غالباً بالاستعانة بسيارة، ويمكن أن تتم هذه السرقات ظهراً لأي دراجة مركونة في الشارع، حيث يتم تحميل الدراجة بواسطة شخصين في سيارة بيك آب خلال دقائق فقط ثم تختفي، أو تتم السرقة ليلاً عبر شخص واحد لديه خبرة في تشغيل الدراجات بعد تعطيل جهاز الإنذار وفك جنازيرها.
أين تذهب الدراجات المسروقة؟
بعد السرقة، إما يتم فك الدراجات وبيعها في محال القطع أو عبر الإنترنت، إذ تعج مجموعات الفيس بوك الخاصة بالدراجات النارية بعرض قطع التبديل المستعملة للبيع، أو يتم بيعها خارج المحافظة وخاصةً في الأرياف.
في إعلان "الداخلية" المذكور آنفا، اعترف المقبوض عليه في شارع بغداد بسرقة العديد من الدراجات النارية والكهربائية والهوائية من عدة أحياء ضمن مدينة دمشق وريفها بالاشتراك مع ستة أشخاص آخرين اعترفوا بإقدامهم على بيع المسروقات للمدعوَين (أنس ، ح) و(عبدالله، ج) في جرمانا.
جرمانا نفسها تغص بلصوص الدراجات النارية، وفقاً لمعتز وهو صاحب محل ألبسة هناك، إذ سُرقت له دراجتان خلال عامين، مشيراً إلى أن اقتناء دراجة نارية بات أمراً مقلقاً ومؤذياً للأعصاب، خاصةً إن كنت لا تستطيع ركنه في مكان مغلق.
أسعارها بالملايين
وتتراوح أسعار الدراجات النارية المهربة المستعملة بين مليونين و20 مليون ليرة تبعاً لنوعها وموديلها وسنة تصنيعها وغيرها من التفاصيل، ما يجعل من سرقتها مغرية أمام اللصوص.
ورغم أن الدراجات النارية ممنوعة من دخول المدينة حتى لو كانت مرخصة، بالمقابل يُمنع اقتناء دراجات مهربة نهائياً، فإن وزارة الداخلية تعجز عن مكافحة هذه الظاهرة نتيجة اعتماد عناصر جيش النظام والأمن عليها في تنقلاتهم، حتى باتت وسيلة تنقلهم الرئيسية.