ملخص:
- شهد المجتمع السوري انخفاضاً في حالات الزواج بسبب الظروف الاقتصادية والتكاليف المرتفعة.
- نحو 60% من الشباب السوري يعزفون عن الزواج لأسباب مادية بحتة.
- البعض يفضل البقاء عازباً لتجنب الأعباء المادية، فيما استطاع آخرون الزواج رغم الصعوبات.
شهدت حالات الزواج في المجتمع السوري انخفاضاً ملحوظاً لأسباب متعددة، منها الظروف الاقتصادية الصعبة والتحديات المالية الكبيرة.
وتشير التقديرات إلى أن نحو 60 بالمئة من الشباب السوري يعزفون عن الزواج لأسباب مادية بحتة، بينما تعود النسبة المتبقية إلى التغيرات الاجتماعية الحديثة التي تمنحهم حرية أكبر في إقامة علاقات بعيدة عن الالتزام التقليدي بالزواج.
تجارب مختلفة
يفضل العديد من الشباب السوريين العزوف عن الزواج بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التي تجعل تأسيس عائلة أمراً شبه مستحيل.
خالد، الذي تجاوز الأربعين، يعتبر أن لقب "العازب" أفضل من تحمل أعباء مادية ثقيلة.
من جهة أخرى، يوضح لؤي (34 عاماً) أنه لا يستطيع حتى التفكير في الزواج، إذ يعيش مع صديقه في غرفة بإحدى ضواحي دمشق بسبب ارتفاع إيجارات المنازل، حيث تتجاوز أجرة المنزل البسيط مليون ليرة سورية، مما يجعل تكاليف الزواج بعيدة المنال.
على النقيض، قرر فراس (35 عاماً) الخروج عن سرب العازفين عن الزواج بعد أن التقى بزميلته لجين، التي وافقت على فكرة التعاون لبناء عائلة رغم الصعوبات، ما دفعهما للاحتفال بخطوبتهما مؤخراً، رغم الانتقادات التي تعرضا لها.
مصطفى، الذي خطب مريم منذ ثلاث سنوات، يرى أن فرصته الوحيدة للزواج هي العمل خارج سوريا، نظراً لارتفاع تكاليف الزواج وأثاث المنزل، معترفاً أن الأوضاع الحالية لا توفر حلاً سوى الرضا بالعيش "على قد الراتب".
منحى حالات الزواج يتجه نحو الانخفاض
قالت الاختصاصية الاجتماعية والنفسية سناء منشأ إنّ "ما يدور من أحاديث بين الشباب وتعليقات على صفحات التواصل الاجتماعي حول الارتياح الذي يشعر به غير المتزوجين لجهة التخلص من المسؤولية وصعوبة تأمين مستلزمات الزواج والأسرة في ظل الظروف الاقتصادية التي نعيشها هو المضحك المبكي لأنه أمر واقعي جداً ويلامس هموم الناس".
وأردفت منشأ في تصريح لموقع "أثر برس" المقرب من النظام: "بنظرة شاقولية لهذا الأمر نجد أنه في الحقيقة الشاب غير المتزوج يتمنى ويفكر بحالة الاستقرار حتى إن بعضهم يحسد المتزوجين، ومهما كانت فكرة ارتفاع تكاليف الزواج لديه تعطي نتائج سلبية، نجد في المقابل فكرة تكوين عائلة وما لها من نتائج إيجابية لتحقيق الأهداف والآمال والأماني، لأننا نتابع طموحاتنا وآمالنا عبر أبنائنا، فالزواج مطلب وهدف سامٍ في المنطق. المتزوجون مستقرون ومتوازنون، تفكيرهم بعوائلهم، بينما الأعزب مهما هرب من فكرة الزواج تبقى الفكرة ملحة لديه دائماً".
وأشارت إلى أن "منحى حالات الزواج في مجتمعنا يتجه نحو الانخفاض، والغلاء المعيشي وارتفاع التكاليف ليسا السبب الأساسي لذلك، ففي حالات حب كثيرة استطاع الشاب والشابة تجاوز العقبات والزواج وتشكيل عائلة بإمكانيات بسيطة".
ووفق منشأ، فإن سبب تأخر الزواج أو حتى العزوف عنه هو نتيجة قدرة الشباب على إقامة علاقات تلبي الحالة الفيزيولوجية وتبتعد عن الالتزام الاجتماعي، وذلك بسبب انفتاح المجتمع الذي لا نستطيع إنكاره، إضافة إلى التشجيع على ذلك وفق ما يعرض عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فأصبح الكثير يقلد المجتمع الأوروبي ويقيم علاقات غير الزواج".
60 بالمئة من الأسباب مادية
وتعتقد المختصة النفسية أن 60 بالمئة من حالات العزوف عن الزواج تعود لأسباب مادية، بالمقابل تجد أن باقي النسبة تعود للحرية التي يعيشها المجتمع والانفتاح الذي ظهر مؤخراً.
وتابعت: "الأعباء المادية للزواج موجودة منذ القدم وتشكل هماً للشباب، حيث كانوا ينتظرون مواسم زراعية للزواج بأرباحها أو تجميع المال لفترة من الوقت، ورغم أن هذه الأعباء والتكاليف تضاعفت في وقتنا الحالي من جراء الظروف الاقتصادية الصعبة، إلا أنها ليست سبباً وحيداً للعزوف عن الزواج، فاليوم توجد أسباب شخصية بسبب الانفتاح الاجتماعي الذي جعل الشباب قادرين على الدخول في مساحات واسعة من العلاقات، ما أدى إلى رفضهم لفكرة الارتباط التقليدي".