ضمن فعاليات إحياء اليوم العالمي للغة العربية، نظّم منتدى "حرمون" الثقافي بالتعاون مع كلية الآداب في جامعة إسطنبول، أمس السبت، احتفالية أدبية خاصة حملت عنوان "العربية.. أدب وعلم وثقافة" للكشف عن جوانب مهمة في اللغة العربية أسهمت في تميّزها واحتلالها مقاماً رفيعاً بين لغات العالم القديمة والحية على حدٍّ سواء.
وشارك في الاحتفالية التي تضمنت ندوتين أدباءُ وأكاديميون سوريون وأتراك تناولوا مختلف العلوم والفنون المتصلة باللغة العربية، مبرزين ما فيها من خصائص وجماليات في الشكل والمضمون، والسمات الخاصة المرتبطة بالعربية، تعبيرياً وقواعدياً ودلالياً وجمالياً، بالإضافة إلى مكانتها الدينية والتاريخية والعلمية المتفرّدة نظراً لارتباطها الوثيق بالقرآن الكريم والشريعة الإسلامية من جهة، وبالعلوم والمعارف التي أفرزتها الحضارة العربية والإسلامية خلال مراحل ازدهارها.
المشاركون والموضوعات
"اللغة العربية بين التعبير والتفكير" هو عنوان الموضوع الذي تناوله الباحث في اللغة العربية وآدابها، حسين الجنيد. بينما تطرّق أستاذ الأدب العربي في جامعة إسطنبول الدكتور أحمد عمر، إلى "أهمية علم الدلالة في اللغة العربية"، أما أستاذ النقد الأدبية الدكتور سليمان الحسين، فقد تناول "الخصائص البنيوية والتكوينية للغة العربية". وقدّم الباحث في علوم اللغة العربية، أنس عزّت، مداخلة حول "جماليات علم الصرف في اللغة العربية".
"اللغة العربية وسيلة للتعبير وأداة من أدوات التفكير"
الباحث في اللغة العربية وآدابها، حسين الجنيد، يرى أن اللغة العربية "ليست استثناءً من بين اللغات من كون أول وظيفة من وظائفها تقع في النطاق التواصلي، فكل لغات هذا الوجود لها وظيفة رئيسة لا تخرج عن نطاق ذلك، وأنَّ الإنسانَ فيها مخبوء تحت لسانِه، فإذا تكلّمَ ظهر. كما أنها ليست استثناء حينما تقفز فوق المستوى التواصلي إلى المستوى الفني، فلكل أمة أدب ولكل أمة فن".
لكنّ الاستثناء في اللغة العربية يقع "في خصائصها وفي خصائص حامليها. فكل لغات العالم يحملُها أهلُها، إلا العربية تحملُ أهلَها". بحسب وصفه.
ويضيف موضحاً: "لئن حَرصْنا على تعلم لغات الأرض، لنتقرب بها إلى الناسِ زُلفى.. فإن الناس من أهل الأرض من العجم، حرصوا على تعلم لغتنا ليتقربوا بها إلى الله زلفى. هم علموا قدرها ونحن جهلنا، وهم أمسكوا عراها ونحن ضيّعنا".
ويخلص الباحث إلى أنَّ العربية ليست وسيلة التصوير والتعبير فحسب، بل هي "من أهم وسائل الذكاء والتفكير، فبها تصاغ الأفكار العقلية الذهنية، وبها تتكون العلاقة بين الأفكار ذاتِها من جهة، وبين الإنسان ومحيطه الخارجي من جهة أخرى، وإنّ سلامة الذهنية اللغوية في العقل هي الطريق الأول للبناء الفكري الصحيح".
ويستطرد الجنيد: "الخصائص الموجودة في اللغة العربية تدفع العقل -باللاوعي- باتجاه ميادين تفكير متنوعة ومختلفة عما تدفعه اللغات ذات الاتجاه البنيوي والأسلوبي الواحد، والذي يحافظ فيها الفعل على موقعه ويتشبث به ويمسك حرف الاستفهام فيها مكانه من دون قدرة على أن يتزحزح أو يُحذف".
جمالية اللغة العربية وعراقتها
في اللغة العربية تمتدُّ القرونُ والسنون، وتسمعُ في النسقِ الصوتي أو الصرفيّ صدىً لتراثٍ عريق، وتكادُ تلمسُ عبرَ سياقِ حروفها كيف بُنيَ المجدُ العتيق.
وفي اللغةِ العربية تشعرُ بفروسيتك ومهارتك، ويتسعُ وعاءُ فكرك، لتسهم هذه اللغة بكل خصائصها وطواعيتها في بناء الفكر الجمالي الإنساني، عبر أدقِّ تفاصيلِ نحوها وصرفها وبلاغتها وأدبها الذي ارتقى بأدوات اللغة منابرَ الجمال وحازَ بها مجالات الخيال وأدهشَ بموسيقاها الحالمينَ من شتّى المشارق والمغارب، يختم الجنيد.