icon
التغطية الحية

الطائرات المسيّرة في درعا.. تكتيك عسكري جديد يوسع نفوذ إيران في سوريا

2023.08.04 | 06:47 دمشق

المسيرات الإيرانية
المسيرات الإيرانية
درعا ـ أيمن أبو نقطة
+A
حجم الخط
-A

ملخص:

  • النظام السوري يلجأ إلى الطائرات المسيرة للتخلص من المعارضين والناشطين في محافظة درعا.
  • استهدف النظام منزل ناشط إعلامي بواسطة طائرة مسيرة دون تسجيل إصابات بشرية.
  • الفرقة الرابعة تجري عمليات تدريبية لعناصر النظام على استخدام الطيران المسير.
  • الميليشيات المحلية في الجنوب تعتمد على طائرة مسيرة من نوع "كواد كوبتر" في عمليات تهريب المخدرات إلى الأردن.

لجأ النظام السوري إلى نهج جديد في تتبع بعض الشخصيات المطلوبة له في محافظة درعا، جنوبي سوريا، يتمثل باستخدام تقنيات جديدة كالطائرات المسيّرة ضمن عمليات أمنية محددة.
وازدادت وتيرة عمليات الاستهداف بالطائرات المسيّرة خلال شهر تموز الفائت، وتركزت على مدينة طفس وبلدة اليادودة في الريف الغربي لمحافظة درعا، مستهدفةً شخصيات عملت في السابق ضمن فصائل المعارضة، وآخرين مدنيين غير مرتبطين بأي جهة عسكرية.
منذ مطلع تموز الفائت وحتى الثاني من آب الجاري، سجّلت 6 طلعات بطائرات "درون" المسيّرة من نوع "أبابيل" غربي درعا، جميعها تحلق بعد حلول الظلام، بحسب ما أفاد به مصدر مطّلع لموقع "تلفزيون سوريا".
وفي الأول من آب الجاري استهدفت طائرة مسيّرة منزل الشاب أمجد المزعل في بلدة اليادودة غربي درعا، دون تسجيل إصابات بشرية.
أبو مالك الزعبي (35 عاماً) من مدينة طفس غربي درعا، وهو شاهد على قصف منزل في المدينة في الـ 24 من تموز الفائت، قال لموقع "تلفزيون سوريا" إن طائرة مسيّرة من نوع "أبابيل 2" استهدفت منزل الإعلامي مهند الزعبي بعد منتصف الليل بقذيفة تحتوي على مواد شديدة الانفجار خلّفت دماراً كبيراً في المنزل.
وأضاف أنه لم ينجم عن الاستهداف أية إصابات بشرية، واقتصرت الأضرار على المادية، غير أن القصف تسبب بحالة خوف وهلع نتيجة وجود عدد من الأطفال والنساء داخل المنزل.
وتابع أن هذه الطائرات لا تصدر صوتاً في أثناء تحليقها في المنطقة وأحياناً لا ينبعث منها ضوء وتحلق على ارتفاعات منخفضة لتنفيذ الهدف بدقة عالية.
وفي تصريح سابق قال الإعلامي مهند الزعبي لموقع "تلفزيون سوريا" إن النظام السوري يحاول إسكات صوت الإعلاميين الذين ينقلون الانتهاكات التي تقوم بها قوات النظام وميليشياته المحلية بحق الأهالي في محافظة درعا.
وفي العاشر من تمّوز استهدفت مسيرة تابعة للنظام أيضاً منزل محمد بديوي الزعبي، شقيق القيادي السابق في فصائل المعارضة، خلدون الزعبي، الذي قُتل في عملية اغتيال بتاريخ 25 آب من العام الماضي 2022، في منطقة المفطرة بين بلدة اليادودة وضاحية مدينة درعا، دون وقوع خسائر بشرية.

لماذا الطائرات المسيّرة؟

يقول الناشط الحقوقي، عاصم الزعبي، لموقع "تلفزيون سوريا" إن استخدام النظام السوري للطائرات المسيرة الإيرانية الصنع في ضرب أهداف في محافظة درعا يعتبر تحولاً مهماً وخطيراً للغاية في الأسلوب العسكري والأمني للنظام، فهو بدأ يبتعد قليلا عن الهجوم المباشر والاقتحامات الأرضية لبعض المدن والبلدات، والاستعاضة عنها بالاستهداف عن بعد وهذه نقطة مهمة باتت تشكل عقيدة العديد من الجيوش في العمليات المماثلة.
ويضيف الزعبي أن استخدام النظام لهذه الطائرات أثبت أنه استطاع خلق خلايا نشطة وفعالة للغاية، تعمل في اتجاهين; الأول تنفيذ عمليات الاغتيال للشخصيات التي يريد التخلص منها بأسلوب الاغتيال التقليدي.
أمّا الاتجاه الثاني فهو قيام أفراد هذه الخلايا بزرع أجهزة تحديد الأهداف للطائرات المسيرة، وهي عبارة عن أجهزة صغيرة تصدر ضوءاً خاصاً لتحديد الهدف بمجرد التقاطه من الطائرة لتقوم بالقصف، إضافة إلى أجهزة أخرى للأهداف المتحركة كالسيارات والدراجات النارية من الممكن أن نرى استهدافها خلال المرحلة القادمة، بحسب الزعبي.
وبيّن الزعبي أن النظام يعتمد أيضاً على خرائط GPS من خلال بعض المتعاونين معه في تتبع وتحديد منازل المطلوبين بدقة متناهية، لافتاً إلى أنه يمكن القول عن حرب المسيّرات بأنها الحرب الأكثر شراسة وتأثيراً في الوقت الحالي ويجب التعامل معها على هذا الأساس.
ولفت الزعبي إلى أن "هذا يؤكد مدى اختراق النظام صفوف المعارضين، وبالتالي على من تبقى من المعارضين إعادة تشكيل أنفسهم والنظر إلى كل احتمالات اختراقهم ومحاولة التخلص من هذا الاختراق".

أهداف مشتركة للنظام

أمّا المحلل العسكري والاستراتيجي العميد أسعد الزعبي فيقول لتلفزيون سوريا إن كل محاولات النظام الأخيرة في محافظة درعا من استخدام الطائرات المسيّرة والحملات الأمنية تندرج ضمن قضية محاربة المخدرات، ويجد من ذلك فرصة ثمينة لإيصال رسائله للدول العربية بأنه يكافح تجارة المخدرات.
وأوضح أن هناك أهدافا مشتركة للنظام في محاولة التخلص من بعض الشخصيات المطلوبة له بواسطة هذه الطائرات، وتصدير ذلك على أنها محاولات من قِبله للقضاء على تجّار المخدرات.
وأشار الزعبي إلى أن النظام لجأ إلى الطائرات المسيّرة للتخلص من المعارضين عبر تحديد منازلهم من قِبل المتعاونين معه، بسبب عدم وجود طائرات حربية لديه قادرة على تحديد الهدف بدقة.
"في الوقت السابق كانت الطائرات المسيّرة تلقي بقذائف الهاون على الأهداف المحددة وكان تأثيرها محدودا للغاية، أما الآن فتطور الأمر لاستخدام قذائف تحتوي على مادة c4 بشكل عالي بهدف إحداث أضرار ودمار كبير في الموقع المستهدف" بحسب الزعبي.

معسكرات تدريبية على المسيّرات

مصدر قيادي في فصائل المعارضة أفاد لموقع "تلفزيون سوريا" بأن ضباطا من الفرقة الرابعة أشرفوا مؤخراً على عمليات تدريب لعناصر النظام على استخدام الطائرات المسيّرة في مقر الفرقة الخامسة بمدينة إزرع بريف درعا.
وشملت التدريبات عشرات العناصر من جيش النظام والأجهزة الأمنية التابعة له بهدف تأهيل قدراتهم على التعامل مع الطائرات المسيّرة بحسب القيادي.
وأضاف أن التدريبات تركزت على طائرات من نوع "أبابيل 2" و "أبابيل 3"، إيرانية الصنع، ومنها ما هو مصنوع محلياً، إضافة لطائرات مسيّرة من نوع "كواد كوبتر" التي تستخدمها الميليشيات المحلية في تهريب مادتي الكريستال ميث والكوكائين، باهظة الثمن، إلى المملكة الأردنية والدول العربية.
"هناك تعديلات وعمليات تطوير وتحديث مستمرة بطائرة كواد كوبتر تجري في اللواء 12 بمدينة إزرع من قبل مهندسين سوريين متخصصين بذلك بهدف إمكانية زيادة قدرتها على حمل أسلحة ومواد مخدرة" بحسب القيادي.

الأردن يسقط 4 مسيّرات خلال شهرين

بعد مقتل تاجر المخدرات البارز "مرعي رويشد الرمثان" بغارة أردنية في الثامن من أيار الماضي، انخفض مستوى تهريب المخدرات برّاً بشكل كبير من الأراضي السورية باتجاه المملكة الأردنية، بسبب هروب بعض تجار المخدرات من المنطقة الجنوبية إلى العاصمة دمشق ولبنان.
لكن الميليشيات المحلية لجأت بعد ذلك إلى الطائرات المسيّرة في عمليات تهريب المخدرات والأسلحة بسبب تشديد الرقابة على الحدود البرية من قبل الجيش الأردني.
وأعلنت السلطات الأردنية تمكنها من إسقاط 4 طائرات مسيّرة خلال شهري حزيران وتمّوز الماضيين، قادمةً من الأراضي السورية، ثلاثة منها محمّلة بالمخدرات والرابعة محمّلة بقطع من الأسلحة.
وبحسب القيادي فإن المهربين يعتمدون على الطائرة المسيرة في عمليات التهريب لجملة من الأسباب، يكاد يكون أبرزها ثمنها المنخفض الذي لا يتجاوز 1000 دولار، وقدرتها الكبيرة على حمل الأسلحة والمخدرات باهظة الثمن، ولأسباب فنية مثل صغر حجمها، وعملها لساعات طويلة، وسهولة التحكم بها عن بعد.
ويمكن لبعض أنواع المسيّرات أن تحمل 15 كيلوغراماً من المخدرات وقطع مسافة ميل ونصف.

عقيدة عسكرية جديدة تبدو واضحة وغريبة في الوقت نفسه في جيش النظام، وهي عقيدة لم يعهدها من قبل، ما يؤكد مدى السيطرة الإيرانية على المؤسسة العسكرية التابعة للنظام بمختلف مفاصلها، وهذا ما يعطي مؤشراً واضحاً أن فصلاً جديداً من المواجهة مع المعارضين قد بدأ باستخدام تقنيات حديثة وخطيرة.