icon
التغطية الحية

الصين وسراب الوساطة في أوكرانيا.. هل تسعى بكين لتحقيق السلام أم تعزيز نفوذها؟

2024.09.26 | 15:23 دمشق

آخر تحديث: 26.09.2024 | 17:01 دمشق

الرئيس الصيني شي جين بينغ برفقة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين
الصين وسراب الوساطة في أوكرانيا.. هل تسعى بكين لتحقيق السلام أم تعزيز نفوذها؟
إسطبنول - تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

بعد النجاح الكبير الذي حققته الدبلوماسية الصينية العام الماضي، عندما تمكنت من جمع إيران والمملكة العربية السعودية، الخصمين العرقيين والدينيين، على طاولة المصالحة، سادت توقعات بأن الصين قد تكون القادرة على إنهاء الصراع الروسي الأوكراني. غير أن تلك التوقعات سرعان ما تبددت مع مرور الوقت.

مبادرة "توافق النقاط الست" التي قدمتها بكين بالتعاون مع البرازيل، بدت غير واضحة المعالم وغارقة في الضبابية. وفي بعض الأحيان، اعتُبرت المبادرة مجرد استجابة لرغبة الصين في تلبية تطلعات دول الجنوب العالمي، بدلاً من كونها خطة فعلية لإنهاء الحرب. الانتقادات وُجهت للمبادرة من كلا طرفي النزاع، روسيا وأوكرانيا، ما أضاف مزيداً من التعقيد إلى فرص نجاحها.

الصين والفرصة الأميركية

مع استمرار حالة الجمود في الصراع الأوكراني، رأت الصين فرصة جديدة لتغيير المعادلة. تعمل بكين على استغلال حالة عدم اليقين في الولايات المتحدة، حيث تشهد البلاد فترة انتخابية مشحونة، بهدف تقديم نفسها كوسيط دولي يمكنه إنهاء الحرب. تسعى الصين لمنع الولايات المتحدة من جني ثمار نجاح محتمل في إنهاء الصراع، ما يبرز السعي الدؤوب لبكين في تقديم نفسها كقوة سلام عالمية.

في الوقت الذي قد تبدو فيه أفريقيا أو بعض النزاعات الأخرى أكثر سهولة للتدخل، اختارت الصين التركيز على أوكرانيا. ومع ذلك، تدرك بكين أن النجاح في حل هذا الصراع يتطلب تحالفًا دوليًا واسعًا. أوكرانيا لا تثق في الصين بسبب انحيازها الضمني لروسيا، بينما تشعر روسيا بالقلق من مبادرات الصين التي تذكرها بمبادئ السيادة الوطنية.

الجنوب العالمي: ورقة الصين

تتمثل خطة الصين الاستراتيجية في حشد ما يُسمى بـ"تحالف الأغلبية" من دول الجنوب العالمي. هذا التحالف سيكون القوة التي تفرض شروط السلام على أطراف النزاع في أوكرانيا، تحت راية دعم البرازيل والصين لمبادرة النقاط الست. تحاول بكين الآن تشكيل "مجموعة محورية" من وزراء وممثلين رفيعي المستوى من دول البريكس والدول الموالية لها، لدعم هذه المبادرة وتقديم خطة محددة لتجميد الحرب.

لكن تشكيل "المجموعة المحورية" لا يعني تحقيق تحالف الأغلبية، بل يجب أن تتوسع المجموعة لتشمل دولًا أخرى من أفريقيا، أميركا اللاتينية، وآسيا. هنا، تلعب الصين على وتر العلاقات الاقتصادية مع هذه الدول، حيث تشكل القوة الاقتصادية الصينية العامل الأبرز في إقناع دول الجنوب بدعم مبادراتها.

الصين ليست غافلة عن ضرورة استخدام "دبلوماسية فخ الديون"، وهي الاستراتيجية التي أثبتت نجاحها في السابق، لإقناع دول الجنوب العالمي. تعتمد هذه الدول بشكل متزايد على الاستثمارات والقروض الصينية، مما يجعلها عرضة لتأثير بكين في القرارات السياسية الدولية.

الخطوة التالية: قمة البريكس وقازان

إذا نجحت الصين في حشد دعم 110 دول على الأقل لمبادرتها، فإن المسرحية الدبلوماسية ستبلغ ذروتها في قمة قادة البريكس المقررة في قازان الروسية في أكتوبر. هناك، ستطرح بكين خطتها لإجبار أوكرانيا على التفاوض مع روسيا، نيابة عن "الأغلبية الجنوبية". للحصول على دعم أوروبي، تسعى الصين لاستمالة قادة دول أوروبية يعانون من عدم استقرار داخلي ويرون في التعاون مع الصين فائدة اقتصادية.

التحكيم الصيني يزيح القانون الدولي

ما يبدو كصفقة اقتصادية مع دول الجنوب قد يحمل في طياته مخاطر سياسية طويلة الأمد. تعتمد الصين على نفوذها الاقتصادي لفرض هيمنتها السياسية، وهو ما قد يؤدي في المستقبل إلى تجاوزها لمبادئ السيادة الوطنية، خاصة في أفريقيا، حيث قد تتجاهل الصين حرمة الحدود إذا تعارض ذلك مع مصالحها اللوجستية.

إن دعم الدول الجنوبية للمبادرات الصينية اليوم قد يكون مقدمة لتبعية اقتصادية وسياسية في المستقبل. بينما تسعى بكين إلى تقديم نفسها كوسيط دولي، فإن مصالحها البراغماتية قد تؤدي إلى تقويض النظام العالمي القائم على القانون الدولي، مما يضع العالم أمام تحديات جديدة في التعامل مع صعود الصين كقوة مهيمنة.