شهدت مناطق شمال غربي سوريا تصعيداً عسكرياً من قبل قوات النظام السوري وحليفها الروسي منذ يوم الـخامس من تشرين الأول الجاري، أسفر عن مقتل عشرات المدنيين بينهم نساء وأطفال، بالإضافة إلى تدمير واسع في البنى التحتية.
وأصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان اليوم الخميس تقريراً بعنوان: "قوات الحلف السوري الروسي ارتكبت انتهاكات تشكل جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب خلال هجمات غير مشروعة على شمال غرب سوريا"، أشارت فيه إلى مقتل قرابة 45 مدنياً بينهم 13 طفلاً و9 سيدات (أنثى بالغة)، و3 من العاملين في المجال الإنساني. وذلك في الفترة ما بين 5- 12 تشرين الأول الجاري.
كما وثق التقرير ما لا يقل عن 51 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنية، منها 49 حادثة، كانت 42 منها في إدلب، و7 في حلب على يد قوات النظام السوري وحادثتين في محافظة إدلب على يد القوات الروسية. من بين هذه الهجمات سجل التقرير 13 حادثة اعتداء على مدارس، و8 على منشآت طبية، و5 على مراكز وآليات تابعة للدفاع المدني السوري، و8 على مساجد، و6 على تجمعات/ مخيمات المشردين قسرياً.
قصف عشوائي بذخائر محرمة دولياً
وبحسب التقرير الذي جاء في 23 صفحة، فقد اتخذت الهجمات العسكرية طابعاً عشوائياً، وقصفاً متعمداً في بعض الأحيان، واستخدمت فيها قوات النظام والروس مختلف الذخائر بما فيها الذخائر العنقودية. وتركزت تلك الهجمات على مدينة إدلب ومناطق في ريفها الغربي والجنوبي والشرقي والشمالي إضافةً إلى مناطق في ريف محافظة حلب الغربي.
وأوضح أن دعم القوات الروسية لحليفها السوري في حملة التصعيد، تمثّلت في شنّ غارات جوية عديدة تركزت على مناطق في ريف محافظة إدلب الغربي.
وسجل التقرير عودة استخدام قوات النظام السوري للذخائر العنقودية في هجماتها بعد مرور نحو 11 شهراً على آخر هجوم، ووثق ما لا يقل عن هجوم واحد بذخائر عنقودية على يد قوات النظام السوري، استهدفت به محافظة إدلب وأسفر عن مقتل مدنيّ وإصابة ما لا يقل عن 8 آخرين بجراح. كما سجل ما لا يقل عن 3 هجمات بأسلحة حارقة على مناطق مدنية وبعيدة عن خطوط الجبهات، جميعها على يد قوات النظام السوري.
توثيق الأضرار التي لحقت بمركز صحة النساء والأسرة التابع للدفاع المدني السوري، في مدينة سرمين جنوبي #إدلب، جراء القصف الصاروخي من قوات النظام الذي طال المركز، صباح اليوم الأحد 8 تشرين الأول دون وقوع إصابات بين المتطوعين والمتطوعات.#الخوذ_البيضاء#العدوان_الروسي#الأسد_يقصف_إدلب… pic.twitter.com/orZn0z1pAw
— الدفاع المدني السوري (@SyriaCivilDefe) October 8, 2023
خرق قرارات مجلس الأمن
ووفق التقرير، فقد خرقت قوات الحلف السوري الروسي، بشكلٍ لا يقبل التَّشكيك، قراري مجلس الأمن 2139 و2254 القاضيَين بوقف الهجمات العشوائية، وخرقت عدداً واسعاً من قواعد القانون الدولي الإنساني العرفي، وأيضاً انتهكت عبر جريمة القتل العمد المادتين السابعة والثامنة من قانون روما الأساسي؛ ما يُشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. كما أكد أن عمليات القصف على مخيمات النازحين والتجمعات المدنية تسببت في نشر حالة من الإرهاب والخوف بين المشردين وفاقمت بشكل صارخ من أوضاعهم الإنسانية الكارثية التي تعاني أصلاً من تدهور من ناحية الاستجابة الإنسانية الأولية.
أوضح التقرير أن عمليات القصف تسبَّبت بصورة عرضية في حدوث خسائر طالت أرواح المدنيين أو إلحاق إصابات بهم أو في إلحاق الضرَّر الكبير بالأعيان المدنيَّة. وهناك مؤشرات قوية جداً تحمل على الاعتقاد بأنَّ الضَّرر كان مفرطاً جداً إذا ما قورن بالفائدة العسكرية المرجوة، كما أن الهجمات لم تميز بين المدنيين والعسكريين في أغلب الحالات، ويبدو أن بعض الهجمات تعمدت استهداف مراكز حيوية ومناطق مدنية.
واختتم التقرير بتوجيه توصيات إلى مجلس الأمن طالب فيها بإصدار قرار يقضي بتثبيت وقف إطلاق النار في إدلب، ويتضمَّن إجراءات عقابية لجميع منتهكي وقف إطلاق النار. كما أوصى بإحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحاسبة جميع المتورطين، بمن فيهم النظام الروسي بعد أن ثبت تورطه في ارتكاب جرائم حرب.
كما طالب التقرير الجمعية العامة للأمم المتحدة بتحميل النِّظام السوري والروسي المسؤولية عن هذه الهجمات التي تسببت في مقتل العديد من المدنيين، والضغط على مجلس الأمن للتحرك لحماية المدنيين السوريين، ومنع إفلات روسيا من العقاب كونها دولة دائمة العضوية في مجلس الأمن، إضافة إلى العديد من التوصيات.