تعدّ محافظة السويداء إلى جانب درعا أبرز المناطق الخاضعة لسيطرة نظام الأسد اشتعالاً، إذ تشهد على الدوام خروج مظاهرات مناهضة له بين حين وآخر، كما أن سيطرة النظام عليهما ليست بالصورة الكاملة، على المستويات العسكرية والأمنية والحكومية.
وبينما تركز مطالب المحتجين وتظاهراتهم على الواقع المعيشي المتردي والفلتان الأمني، والاعتقالات العشوائية؛ تتطور في بعض الأوقات لتصل إلى المطالبة بإسقاط نظام الأسد، وتشكيل حكومة جديدة.
وعلى إثر التوترات الأمنية المتتالية في السويداء، تعقد بعض الفصائل المحلية وفعاليات اجتماعية ودينية اجتماعات متكررة لبحث التطورات الأخيرة على ساحة المحافظة.
وقد أكد وجهاء المدينة رفضهم الاستعاضة عن العصابات الأمنية، بعصابات حكومية، ونيتهم التصدي بالقوة لأي ممارسات عنيفة وغير قانونية، كما شددوا على ضرورة إعادة تفعيل الضابطة العدلية، وحماية القضاء، وتأمين متطلباته، وكفّ يد الأجهزة الأمنية في الشؤون المدنية، والسماح للقضاء بالعمل من دون تدخل من أحد، وهو أحد السبل لضبط الشارع، بالإضافة إلى إقالة مديري المؤسسات الخدمية من مياه وكهرباء ومحروقات ومحاسبتهم قضائياً.
وتعتبر هذه المطالب مرفوضة تماماً من قبل نظام الأسد، الذي يسعى لإطفاء غضب أهالي المدينة عن طريق العنف، والأسلوب الأمني.
محافظ جديد يطالب بقتل المدنيين!
وخلال الأسبوع الماضي، سربت وسائل إعلام محلية تسجيلاً صوتياً قالت إنه لمحافظ السويداء الجديد، يطالب فيه القوات الأمنية التابعة للنظام بقتل المدنيين في الشوارع لإعادة فرض هيبة "الدولة" على حد زعمه.
يشار إلى أن المحافظ الجديد، وهو من عائلة مخلوف وأحد أقرباء بشار الأسد، طلب من رئيس فرع أمن الدولة بأنه يريد مشاهدة جثث المدنيين على الأرض في مدينة السويداء، لفرض هيبة النظام مهما تطلب الأمر من ثمن.
وكان رئيس النظام قد عيّن نمير حبيب مخلوف محافظاً للسويداء بدلاً من همام صادق دبيات، وهو ما اعتبره كثير من أهالي السويداء تأكيداً على رغبة النظام في اللجوء إلى الحلول الأمنية والعسكرية في المحافظة.
توتر أمني واشتباكات مسلحة
وأكّدت مصادر محلية في السويداء أنّ التوتر الأمني الذي حدث خلال الأيام الماضية في المحافظة، والذي تمثّل بالهجوم على مؤسسات السويداء، وخصوصاً المشفى الوطني فيها، نفّذته عصابات تتبع لفرع المخابرات العسكرية، مشيرةً المصادر إلى أنّ من أطلق القذائف التي انفجرت في سماء المحافظة وأرعبت المدنيين هو راجي فلحوط متزعم إحدى تلك العـصابات.
وفي الـ23 من تشرين الثاني الماضي، اندلعت اشتباكات بالأسلحة النارية بين أجهزة النظام الأمنية ومجموعات محلية مسلحة في مدينة السويداء على إثر اقتحام عناصر النظام المشفى الوطني وتوقيف عدد من الأشخاص.
وقال موقع "السويداء 24" إن الأحداث بدأت، بعدما وصل عناصر من حفظ النظام إلى المشفى، تزامناً مع إسعاف شابين مقتولين في ظروف غامضة في منطقة ظهر الجبل، حيث نشب شجار بين عناصر الأمن ومجموعة تابعة لآل مزهر على مدخل المشفى، إذ اعتقل عناصر الأمن شاباً من آل أبو دهن، وشاباً آخر من آل مزهر.
ما دور القوات الروسية في السويداء؟
ويرى ناشطون أن الوضع في السويداء حساس جداً، حيث إن القوات الروسية بكل عتادها وقوتها لم تستطع ضبط الوضع الأمني والتعامل مع المعارضة في المدينة، فقد رفض الأهالي أكثر من مرة، دخول دورية عسكرية للقوات الروسية إلى المنطقة بحجة توزيع "معونات ومساعدات إنسانية".
وفي ريف المحافظة أيضاً، تمكن أهالي بلدة القريّا جنوبي السويداء من طرد دورية روسية، احتجاحاً على الدور الروسي إزاء الأحداث التي تشهدها المحافظة.
ويخشى مواطنون في المحافظة أن تتدخل روسيا مجدداً عبر قوات المرتزقة الروس "فاغنر" على غرار ما فعلت في الغوطة الشرقية.
وأكّد عدد من أهالي السويداء أنّ العديد من المجموعات الخارجة عن القانون والتي سلّحتها مخابرات الأسد من أجل الضغط على الأهالي من جهة والوقوف إلى جانبه ضد قوات الكرامة والفصائل الرافضة للنظام من جهة أخرى، تنشط بشكل واضح في المحافظة.
ورغم تبعية تلك المجموعات لأجهزة المخابرات، فإن محاولات ضبطها أخيراً أدت إلى مواجهات بين تلك المجموعات وقوات الأسد.