فر مئات الآلاف من السوريين إلى السودان منذ اندلاع الحرب في عام 2011، تجددت مأساتهم مع اندلاع القتال بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع.
يعيش في السودان نحو الـ 250 ألف سوري بحسب آخر إحصائية لعام 2019، استخرج بعضهم وثائق رسمية وجوزات سفر سودانية محاولين الحصول على فرص أفضل للعيش، يقيمون فيها كعمال وأصحاب أعمال صغيرة، طلاب، أو مستثمرين.
وبعد مرور شهر كامل على الحرب والاقتتال الداخلي في السودان ما يزال مصير عشرات الآلاف منهم معلقاً بانتظار إجلائهم أو اللجوء إلى مخيمات تؤوي المدنيين.
يعاني السوريون هناك من المأساة نفسها التي جعلتهم يفرون من وطنهم الأم، ولم يتوقعوا أن يتحوّل البلد الذي قصدوه من أجل محاولة العيش بأمان إلى نسخة طبق الأصل عن تلك التي تركوها.
في غضون ذلك، يواجه لاجئون سوريون عالقون في السودان عبر وسائل التواصل الاجتماعي نداءات استغاثة من أجل مساعدتهم وإجلائهم من مناطق النزاع، لاسيما أن مناطق تمركز في السودان تحولت إلى مناطق قتال وخاصة في العاصمة الخرطوم.
محاولات الإجلاء
يواجه آلاف السوريين المقيمين في السودان، معظمهم في الخرطوم، مستقبلاً مجهولاً بعدما أجبرتهم الاشتباكات الدائرة في البلاد على النزوح إلى ولايات أخرى أو مراكز إيواء المدنيين في مناطق النزاع.
قبل أسبوعين، أجلت السعودية مئات السوريين من الراغبين بالمغادرة من مدينة بورتسودانم، كما أجلت الأردن والجزائر عشرات السوريين بحسب ما أعلنت وزارة خارجية النظام السوري.
يتوجه عدد كبير من السوريين إلى مدينة بورتسودان الساحلية في انتظار إجلائهم إلى مدينة جدة السعودية، بعيدا عن الاشتباكات، ويذهبون إلى مستقبل مجهول حيث لايعلمون ماذا بعد جدة؟ ولا يعلمون أن كانوا يستطيعون الدخول إلى دولة أخرى أو العودة إلى سوريا.
في حين، تأخر رد النظام السوري عدة أيام لطلبات الاستغاثة وطلب الإجلاء، ومن ثم أعلن إجلاء مئات السوريين العالقين في السودان، وأشارت خارجية النظام إلى أنها على تواصل مع دول صديقة من أجل المساعدة في عملية الإجلاء.
وعملت سفارة النظام في الخرطوم على تسجيل قوائم بأسماء الراغبين بالإجلاء بالتعاون مع عدد من أبناء الجالية السورية، وفق بيان رسمي كانت قد نشرته.
كما عبرت شركة" أجنحة الشام للطيران" عن استعداها لتسيير رحلات إجلاء من مدينة بورتسودان وفق القوائم المسجلة في السفارة السورية.
وشهد مطار دمشق الدولي، قبل أسبوعين، وصول 191 شخصا بينهم 21 طفلا ممن تم إجلاؤهم من أبناء الجالية السورية.
كما يتم تسجيل الأسماء من قبل رب الأسرة عند مندوبي السفارات السعودية والسورية، وهناك العديد من السوريين الذين وصلوا إلى جدة.
خوف من القادم ومصير مجهول
يواجه أغلب السوريين في السودان مشكلات في العودة إلى سوريا، لكون جزء منهم متخلفين عن الخدمة العسكرية الإلزامية أو الاحتياطية، فضلاً عن المطلوبين من الأجهزة الأمنية والمنشقين عن النظام.
كما أن هناك العديد من السوريين الراغبين بالسفر إلى مصر أو ليبيا بعد وصولهم إلى جدة، وتصل كلفة استخراج تأشيرة إلى مصر 1700دولار أميركي للتأشيرة المستعجلة، و1300 دولار للتأشيرة العادية بحسب المكاتب السياحية ومن شروط قبولها أن يكون جواز السفر السوري ساري المفعول.
في حين لا يستطيع السوريون الذين بحوزتهم جوازات سفر منتهية السفر إلا إلى سوريا وتبلغ كلفة تذكرة الطيران نحو 2000 ريال سعودي، أي ما يعادل 533 دولاراً أميركياً.
في حين، تزداد صعوبات من لا يملكون تذاكر السفر ولا يستطيعون العودة إلى سوريا، يبقى مصيرهم معلقاً ومرتبطاً بوتيرة الحرب التي يبدو أن وتيرتها تتصاعد.
موت يلاحق السوريين
بعد يوم تدخل الحرب في السودان شهرها الثاني بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، في ظل استمرار الاشتباكات بين الطرفين على الرغم من سريان تمديد الهدنة.
وبحسب بيانات نقابة الأطباء في السودان التي أعلنت ارتفاع أعداد الضحايا إلى 550 قتيلاً و4 آلاف مصاب بحسب آخر تصريح.
من بين ضحايا الحرب في السودان 15 سورياً، وفقاً للقائم بالأعمال في سفارة النظام في الخرطوم، بشر شعار، وذلك في ظل صعوبة الحصول على إحصائيات دقيقة.
ونشرت مجموعة "الجالية السورية في السودان" على الفيسبوك، أن المهندس السوري عمر عراطة قتل في السودان على يد جماعات مسلحة، أرادت الاعتداء على عائلته، في أثناء محاولته الخروج من العاصمة الخرطوم نحو بورتسودان تمهيدا لمغادرة السودان.
وبحسب المجموعة، فإن اللاجئ السوري قتل يوم 24 من نيسان/أبريل الماضي، برصاص مجموعة مسلحة عندما كان مع زوجته وأولاده، ومجموعة من السوريين ضمن أربع سيارات في مدينة عطبرة شمالي الخرطوم.
مفقودون في السودان
انتشرت العديد من المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي بعد اندلاع الحرب السودانية، نشرتها عائلات سورية فقدت التواصل مع ذويها.
مها العامري سورية مقيمة في مصر، نشرت على مجموعة الجالية السورية في مصر والجالية السورية في السودان منشورا كتبت فيه أنها تبحث عن أخيها المفقود في الخرطوم منذ عدة أيام حيث فقدت التواصل معه تماما.
وتقول مها لموقع" تلفزيون سوريا" يبلغ أخي 26 عاما وكان قد سافر للسودان محاولا الحصول على فرصة جديدة للعيش، ومنذ عدة أيام لم أستطع التواصل معه وهاتفه مغلق ولايوجد هناك من أتواصل معه من أجل الاطمئنان عليه.
أما فهد أبو بكر، نشر على مجموعة الجالية السورية في السودان منشورا يتضمن اسم أخته وزوجها وأطفالها الذين فقدوا في السودان منذ عدة أيام ولا يستطيع التواصل معهم.