icon
التغطية الحية

آلاف السوريين مشردون في "بورتسودان" وتذاكر الإجلاء بمئات الدولارات

2023.05.14 | 06:03 دمشق

آلاف اللاجئين السوريين مشردين في بورتسودان بانتظار إجلائهم عقب اندلاع الاشتباكات في الخرطوم
آلاف اللاجئين السوريين مشردون في بورتسودان بانتظار إجلائهم عقب اندلاع الاشتباكات في الخرطوم ـ خاص تلفزيون سوريا
السودان ـ مريام خليفة
+A
حجم الخط
-A

"أن تكون سورياً فتلك أظنها نقمة لا نعمة"، هكذا قال الشاب السوري "محمد" الذي قاده قدره إلى أرصفة مدينة بورتسودان الساحلية شرقي السودان، باحثا عن ملجأ آمن يقيه ضربات الحرب المُندلعة بالعاصمة الخرطوم، بعد أن هرب عقب الحرب في موطنه، بيد أنه وبني جلدته من السوريين واجهتهم مرة أخرى حرب جديدة في السودان فباتوا كالمستجير بالرمضاء من النار للمرة الثانية على التوالي.

الخرطوم.. قصف وأحياء فارغة

حرب كان السوريون فيها الفئة الأكثر خسارة، أخبرني محمد عنها وعنهم قائلا: "لم أكن أنوي مغادرة الخرطوم فقد قلت إن ما سيحصل على الناس هنا سيحصل عليّ بالإضافة إلى أنني لا أملك مكانا آخر أذهب إليه، تحملت انقطاع الكهرباء لأسبوع كامل وانعدام المياه عطفا على الخوف من القذائف والرصاص الذي لم نكن نعرف وجهته ولا نعرف إن كان سيصينا أم لا، وحينما بدأ الحي الذي نقطنه يفرغ شيئا فشيئا من سكانه، لأن الجميع غادر إما إلى قراهم بالولايات الأكثر أمنا أو إلى أقربائهم، أدركت خطورة الأمر لأنه لم يبق أحد غيرنا".

وأضاف قائلا"سمعت إعلانا عن رحلات إجلاء للسوريين ولأنه لا يلوح في الأفق نهاية للحرب، سجلت اسمي ضمن المغادرين في رحلة الإجلاء عبر الرابط الذي انتشر وحزمت حقائبي واتجهت إلى بورتسودان، دفعت ثمن تذكرة الباص 200 ألف جنيه ويعادل 400 دولار لم أكن أملك غيره، صعدت إلى الباص وجلست على مقعدي ولا أعلم ما المصير القادم الذي سيواجهني".

ويوضح محمد سبب مجيئه إلى السودان "كان يحز في نفسي حضوري إلى السودان لأبحث عن عمل لإعالة أسرتي فكيف سأعود الآن وأنا خالي الوفاض، وصلنا بورتسودان ووجدنا أن أسعار إيجارات البيوت خيالية وفوق المنطق، رأيت الناس قد افترشوا الأرصفة ووضعوا فوق رؤوسهم أغطية تقيهم حر الشمس، بحثت عن مكان فارغ على الرصيف وجلست معهم منتظرا رحلة الإجلاء سمعت من الجالسين على الرصيف أن عمليات الإجلاء ستكون ببواخر إلى جدة يأخذ من يحصل إلى هناك على تأشيرة لمدة شهر يستطيع خلالها التنقل في المملكة وبعدها يختار وجهة سفر أخرى، أحسست أن هناك أملا جديدا، سجلت اسمي مع باقي الأسماء ولكن كانت الأولوية للعائلات وكان علينا الانتظار الذي مانزال نتجرع من كأسه المُر".

رحلات إجلاء مأجورة وتجارة بأسعار التذاكر

أما خالد لم يكن أوفر حظا من غيره، أخبرني قائلا: "عندما تم الإعلان عن رحلات الإجلاء ظننت أخيرا أن القدر ابتسم لنا ولكن بعد مغادرة أول رحلتين انتظرنا على أمل أن تأتي باقي الرحلات لانتشالنا من هذا البؤس الذي نحن فيه ولكن بدأ الكلام يتردد عن رحلات إجلاء مدفوعة القيمة يبلغ سعر تذكرتها 450 $، تواصلت مع أهلي على أمل أن يجدوا حلاً حتى أستطيع الحصول على تذكرة وبالفعل تواصلنا مع أكثر من وكالة سفر وكان الجواب واحدا (الرحلة فتحت نحو خمس دقائق وأغلقت لم نستطع حجز كرسي واحد عليها) حتى الرحلات المدفوعة تحتاج لواسطة للحصول على كرسي". والجدير بالذكر أن سعر التذكرة في سوريا بلغ أكثر من ألف دولار حسب مصادر  من سوريا.

فرح طالبة سورية تقول لموقع تلفزيون سوريا، "لم أستطع الحصول على كرسي في أي رحلة من الرحلات التي تم الإعلان عنها فالرحلتان كانتا على حسب قول مندوب السفارة للعائلات ولأصحاب الحالات الحرجة ولكن ما بال الرحلات المأجورة، الرحلة ما إن يتم الاعلان عنها وبعد أن نتواصل مع مكتب السفر يخبروننا أنها أغلقت، لا أعلم هل يلعبون بنا أم ماذا؟".

وتشير إلى أن الأرقام التي تم الإعلان عنها "فلكية"، بدأ السعر بـ 450 دولارا ووصل حتى ألف دولار في مكاتب أخرى وتابعت"هناك من يقول ادفع لي وسأحصل لك على مقعد بالطائرة، بالله عليكم من أين سيأتي الناس بمبالغ كهذه خاصة أن أغلب السوريين الموجودين في بورتسودان هم من الطبقة المعدمة فهل من بات ليله في الشارع يستطيع دفع 500 دولار سعر التذكرة وهل من يملك أربعة أو خمسة أطفال يستطيع سداد هذا المبلغ الكبير". وتختم فرح (إلنا الله صار حتى الأخ بدو يسمسر على أخوه).

وفي تصريح للقائم بالأعمال التابع للنظام السوري بشر الشعار، ذكر أن رحلات أجنحة الشام هي رحلات إجلاء ولكنها مأجورة ولن تتوقف، كما سيكون هناك رحلة للخطوط السورية أسبوعيا، أما بالحديث عن رحلات الإجلاء المجانية قال الشعار إن السعودية هي من طرحت الفكرة ولكنها لم تبادر حتى الآن بأي إجراء. والجدير بالذكر أنه هناك غياب كامل لسفارة النظام السوري وأعضاؤها في بورتسودان.

الأعداد الموجودة في بورتسودان أكثر من خمسة آلاف شخص، منهم من استطاع الحصول على منزل ولكن أكثرهم افترشوا الطرقات منتظرين حلا يريحهم من المأساة التي حلت بهم فهم لا يستطيعون العودة إلى الخرطوم ولا البقاء هناك ولا توجد دولة تفتح أبوابها لهم، حتى بلادهم.