يقدم شبان وشابات من سوريا لقادة العالم والمانحين، لقطات عن حياتهم بعد 12 عاماً من الحرب والزلزال المدمر الأخير الذي وقع يوم 6 من شباط الماضي، من خلال معرض للصور، على هامش مؤتمر لجمع التبرعات في بروكسل.
ووفقاً لمنظمة (Save the Children) "أنقذوا الأطفال"، الداعمة لهذه الفعالية، سيتم افتتاح معرض "الزلازل ودمار الصراع من منظور أطفال سوريا"، اليوم الإثينن، داخل البرلمان الأوروبي، حيث سيتم عرض سلسلة من الصور التقطها الأطفال والشباب في سوريا لتسليط الضوء على الدمار الواسع الذي تعاني منه البلاد، بهدف زيادة التمويل.
الزلزال زاد من معاناة السوريين
إحدى الصور التي التقطتها بانا، البالغة من العمر 17 عاماً، تظهر منزلاً تسبب الزلزال بدماره في شمال غربي سوريا، وقالت: "رسالتي في هذه الصورة هي إخبار الناس أننا هنا، ونحن على قيد الحياة، ولدينا الحق مثل أي شخص آخر في أن نعيش حياتنا بشكل طبيعي".
تسبب الزلزال وما تلاه من توابع في مقتل نحو 6000 شخص وإصابة 12000 آخرين في جميع أنحاء سوريا، ومن بين 8.8 ملايين سوري تضرروا، كان هناك 3.7 ملايين شخص من الأطفال والنساء الحوامل.
وحذرت منظمة "أنقذوا الأطفال" الشهر الماضي من أن الأثر الاقتصادي للزلزال يهدد بدفع 665 ألف سوري آخرين إلى الجوع، حيث يلوح في الأفق تزايد أعداد الأطفال المصابين بسوء التغذية والتقزم.
ووفقاً للمنظمة المعنية بحماية الأطفال، تعيش لينا، البالغة من العمر 17 عاماً، في إدلب شمال غربي سوريا، داخل مخيم منذ أن دمر الزلزال منزلها، حيث التقطت صورة لأطلال منزلها قائلة: "النباتات والمساحات الخضراء كانت تنمو في منزلنا، وضع الناس الأمل والسعادة في منازلهم، إلا أنه ضاع فجأة في ثانية".
توقفت لينا عن الذهاب إلى المدرسة نتيجة الزلزال، لكنها تأمل أن تتمكن من العودة إليها قريباً.
الصراع في سوريا حرم الأطفال من التعليم
حتى قبل الزلزال، تسببت الأعوام الـ 12 من الحرب، في خسائر فادحة لسوريا وأطفالها. فعندما كانت يارا تبلغ من العمر 14 عاماً، فرت هي وعائلتها من الرقة، واضطرت إلى ترك المدرسة، والآن هي في 19 من عمرها، إلا أنها عادت مؤخراً والتقطت صورة للدمار.
قالت يارا: "الاضطرار إلى رؤية المباني المدمرة بعد خمس سنوات يذكرني باليوم الذي بدأ فيه قصف الرقة، أتذكر أنني كنت على سطح منزلنا أشاهد المنازل والمباني تتعرض للقصف والشعور بالرعب يتملكني، آمل أن تتعافى مدينتي وتعود إلى ما كانت عليه سابقاً قبل أن أجبر على الفرار منها عندما كنت طفلة صغيرة".
وفاء 19 عاماً، عادت بدورها مؤخراً إلى الرقة بعد النزوح، حيث وقالت: "كان الأثر المدمر للنزاع واضحاً في كل مكان، المنازل والمدارس مدمرة. أحب التقاط الصور مع الناس والحياة لأن ذلك يمنحني الأمل في أن كل شيء سيكون على ما يرام مرة أخرى.
أتمنى أن تنتهي الحرب في سوريا وأن نعود إلى حياتنا الطبيعية وإلى مدارسنا وأن يعود كل طفل حرم من التعليم إلى المدرسة".
"أنقذوا الأطفال" تحذر من مخاطر الصراع على أطفال سوريا
في مؤتمر هذا الأسبوع (مؤتمر بروكسل للمانحين)، تدعو منظمة "أنقذوا الأطفال" المانحين إلى ضخ تمويل عاجل لمزيد من المبادرات طويلة الأجل التي يمكن أن تعالج الوضع الإنساني المتدهور، خصوصاً أن الآثار الاقتصادية للزلزال و12 عاماً من الصراع عرَّض الأطفال لخطر أكبر. حيث بالإضافة إلى زيادة الجوع، يواجه الأطفال مخاطر متعددة ومتفاقمة، بما في ذلك زواج الأطفال والعنف الجنسي والاختطاف والتجنيد من قبل الجماعات المسلحة.
وتدعو منظمة "أنقذوا الأطفال" الجهات المانحة إلى زيادة الأموال التي لا تركز فقط على صمود 6.8 ملايين نازح داخل سوريا ولكن أيضاً أكثر من 5 ملايين لاجئ لا يزالون في البلدان المجاورة مثل لبنان، حيث أدى عدم الاستقرار الاقتصادي إلى وصول 99 في المئة من الأسر السورية هناك لمرحلة لا يملكون ما يكفي من المال لشراء الطعام خلال العام الماضي.
من جهتها قالت رشا محرز، مديرة الاستجابة السورية في منظمة "أنقذوا الأطفال": "تمثل الصور الـ 14 في هذا المعرض، والتي تم التقاطها من جميع أنحاء سوريا، محاولة لرفع أصوات هؤلاء الأطفال والسماح لهم بالتواصل مباشرة مع قادة العالم وإيصال مدى اليأس الذي يعانون منه، من المستحيل ببساطة رؤية هذه الصور وقراءة كلمات هؤلاء الأطفال، وعدم تحركهم لاتخاذ إجراء".
الخوف من تلاشي الأمل لدى السوريين
وأضافت: "لقد عاش الشباب من سوريا في ظل الحرب لمدة 12 عاماً، إنه لأمر مدهش معرفة مدى مرونتهم، ومقدار ما تغلبوا عليه من مصاعب، إلا أنني أخشى أن يضمحل الأمل لديهم. لا يمكننا الاستمرار في توقع قدرة الأطفال وأسرهم على الصمود في مواجهة الوضع المتدهور، بدون الأدوات اللازمة لإعالة أنفسهم".
وأشارت إلى أنه "خلال الأيام القليلة المقبلة، يجب على القادة والمانحين سماع نداءات هؤلاء الأطفال والشباب. لسوء الحظ، عاما بعد عام، خذلتهم الدول الغنية مرارا وتكرارا. ولكن مع تسليط الزلزال الضوء مرة أخرى على الوضع الرهيب الذي عانى منه الأطفال لفترة طويلة جداً، نأمل أن يتحرك المانحون للعمل، ليس فقط لمداواة جروح الحرب ولكن للاستثمار بشكل صحيح في الخدمات والبرامج لإعادة بناء البلد وحياة الأطفال".
ومن المقرر أن يعقد مؤتمر بروكسل السابع لدعم مستقبل سوريا والمنطقة يومي 14 و15 حزيران الجاري، حيث سيضم اليوم الأول جلسة حوارية في البرلمان الأوروبي لمنظمات المجتمع المدني، فيما يتضمن اليوم الثاني اجتماعاً وزارياً للدول المانحة والمنظمات الدولية. وفق ما أعلنت المفوضية الأوروبية.
وسبق أن أكد قال فريق "منسقو استجابة سوريا" أن عمليات تمويل الاستجابة الإنسانية في سوريا خلال خطة عام 2023 تشهد عجزا هائلاً بسبب عدم تقديم المبالغ اللازمة لتمويل القطاعات الإنسانية، تجاوزت 89 في المئة من التمويل اللازم.
ويأتي عجز تمويل الاستجابة الإنسانية في سوريا بالتزامن مع مجموعة من الأزمات والكوارث التي ضربت المنطقة وعلى رأسها عمليات تهجير السكان إلى الشمال السوري وجائحة كورونا والكوليرا وزلزال شباط المدمر.