انضم الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) إلى الحملة الدولية لحظر الألغام الأرضية تحالف الذخائر العنقودية وذلك في إطار الجهود التي يبذلها من خلال عمله في إزالة مخلفات الحرب في سوريا ولتسليط الضوء على الإرث الثقيل الطويل الأمد الذي تركته مخلفات الحرب على السوريين وضرورة مكافحة هذه المخلفات وحماية المدنيين من أثرها القاتل.
وفي حوار خاص مع موقع تلفزيون سوريا، قال رائد الصالح، مدير الدفاع المدني السوري إن انضمام المنظمة يهدف بالدرجة الأولى إلى تسليط الضوء على الكارثة الإنسانية الطويلة الأمد المتعلقة بالذخائر غير المنفجرة التي خلفتها الحرب التي يشنها النظام السوري وحليفته روسيا على الشعب السوري.
وأضاف "الصالح" أن الحملة تصدر تقارير سنوية حيادية ومستقلة تستعرض فيها الخطوات التي قامت بها الدول المصادِقة على اتفاقية حظر الألغام واتفاقية حظر الذخائر العنقودية، وكذلك عن الدول التي ما زالت تستخدم الألغام والذخائر العنقودية، إضافة إلى إحصاءات بعدد الضحايا وتوزعهم في دول العالم.
التشبيك مع مؤسسات دولية لحماية المدنيين
وفي سؤال وجهه معد المادة لـ "الصالح" حول أهمية انضمام الدفاع المدني إلى الحملة الدولية لحظر الألغام الأرضية قال الصالح إن الانضمام للحملة سيسهم بشكل أكبر في التشبيك مع المنظمات المنضوية فيها، حيث تضم الحملة شبكة من المنظمات غير الحكومية الوطنية والدولية والتي تضم خبرات متعددة في مجالات حقوق الإنسان والتنمية واللاجئين والإغاثة الطبية والإنسانية، وخاصة أن سوريا هي أكثر بلد سجل ضحايا بمخلفات الذخائر العنقودية في العالم.
24 ألف ذخيرة غير منفجرة
أسهم الدفاع المدني السوري خلال السنوات السابقة في التقارير السنوية للمرصد، من خلال توفير البيانات عن سوريا والمتعلقة بعمليات المسح غير التقني وتحديد المناطق الملوثة بالذخائر العنقودية وعمليات التخلص النهائي منها، ورغم كل الجهود التي تبذلها فرق الدفاع المدني في سوريا وإتلافها أكثر من 24 ألف قذيفة غير منفجرة من مخلفات القصف والتي تمثل كل واحدة منها روحاً تمَّ إنقاذها، ما يزال هناك آلاف من تلك الذخائر والألغام في الحقول وبين المنازل تهدد حياة المدنيين وخاصة الأطفال، وتحتاج إلى جهود كبيرة وجبارة بحسب "الصالح".
وفي وقت سابق أصدر "التحالف الدولي للقضاء على الذخائر العنقودية" تقريره السنوي الـ 13 لرصد استخدام الأسلحة العنقودية في العالم، مشيراً إلى أن سوريا هي من الأسوأ في العالم من حيث حصيلة ضحايا الذخائر العنقودية، وربع الضحايا حول العالم كان في سوريا.
في حين ما تزال دول كثيرة تعاني من مخلفات الحرب منذ الحرب العالمية الثانية حتى الآن وتقع على عاتق الدفاع المدني بحسب "الصالح" مهمة تعريف العالم بهذا الأثر القاتل الذي تعمدت روسيا والنظام السوري تركه، وسيسهم بتركيز الجهود أكثر على مساعدة السوريين في التخلص من هذا الإرث الثقيل.
ضحايا مخلفات الحرب في سوريا
وثقت فرق الدفاع المدني في سوريا منذ بداية العام الحالي وحتى يوم أمس السبت 1 من تشرين الأول 2022، مقتل 23 شخصاً بينهم 10 أطفال وإصابة 25 آخرين بينهم 16 طفلاً، وامرأة في 24 انفجاراً لمخلفات الحرب في شمال غربي سوريا.
وأشار مدير الدفاع المدني إلى أن الملايين من المدنيين يعيشون في سوريا بمناطق موبوءة بالألغام والذخائر غير المنفجرة نتيجة سنوات من قصف النظام وروسيا، وتشكل تهديداً كبيراً على حياة السكان، وموتاً موقوتاً طويل الأمد، وتؤثر بشكل مباشر على استقرار المدنيين والتعليم والزراعة.
وتنتشر مخلفات الحرب في عموم مناطق سوريا التي باتت ساحة حرب لتجريب واختبار الأسلحة الروسية، فحجم الترسانة العسكرية الهائل التي تم قصف المدنيين فيها، كبير جداً وانتشرت مخلفات الحرب في المدن والقرى وفي الأحياء السكنية وفي الأراضي الزراعية.
واستجابت فرق الدفاع المدني السوري خلال عام 2020 لأكثر من 60 انفجاراً لمخلفات الحرب في شمال غربي سوريا أدت إلى مقتل 32 شخصاً بينهم 6 أطفال و4 نساء وإصابة 65 آخرين بينهم 7 أطفال و 13 امرأة.
بينما انخفضت انفجارات مخلفات الحرب لنحو النصف عام 2021، حيث وثق الدفاع المدني 32 انفجاراً، أدت إلى مقتل 18 شخصاً بينهم 5 أطفال، وإصابة 32 آخرين بينهم 11 طفلاً.
مطالبات بوقف القصف لتجنب سقوط الضحايا
وحول آلية العمل المثلى لتجنب سقوط الضحايا، قال الصالح في حديث لـ موقع تلفزيون سوريا إن الطريق الأمثل هو معالجة السبب والمشكلة في جذورها، وهو وقف الهجمات القاتلة وعمليات القصف الممنهج لقوات النظام وروسيا التي تخلف الذخائر غير المنفجرة وخاصة الذخائر العنقودية التي قد تصل نسبة القنابل التي لا تنفجر مباشرة بعد ارتطامها بالأرض لنحو 40% بحسب الأمم المتحدة، ما يؤدي إلى نتائج مدمرة لأي شخص يصادفها لاحقاً.
فرق الدفاع المدني السوري وثقت استخدام نظام الأسد وروسيا لأكثر من 11 نوعاً من القنابل العنقودية وجميعها صناعة روسية وتتعامل فرق الدفاع مع الواقع الحالي لحماية المدنيين من خطر مخلفات الحرب القاتل وعملت حتى الآن على إتلاف أكثر من 24 ألف ذخيرة، كما تقوم بتوعية منظمة للمدنيين وتركز على الأطفال والمزارعين وسكان المناطق الموبوءة بمخلفات الحرب.
متطوعات في فريق إزالة الذخائر شمال غربي سوريا
انضمت متطوعات في الخوذ البيضاء للمرة الأولى في شمال غربي سوريا، إلى فرق الذخائر غير المنفجرة (uxo) وذلك في مهمة جديدة يؤدينها في معركتهن للحفاظ على المجتمعات ولإنقاذ الحياة، لتثبت المرأة السورية في كل لحظة أنها بالخطوط الأمامية، في السلم وفي الحرب، وكانت رائدة في التعليم والقيادة وبناء الأجيال، واليوم هي رائدة في حماية المجتمعات وإنقاذ الأرواح.
وقال مدير الخوذ البيضاء إن 12 متدربة متطوعة بالدفاع المدني السوري في شهر حزيران الماضي شاركن في دورة تدريبية مكثفة استمرت 12 يوماً بإشراف مدربين مختصين من فرق (UXO) وتم تدريبهن على المسح غير التقني بهدف توسيع عمليات المسح والتوعية الخاصة بمخلفات الحرب التي تشكل خطراً يهدد حياة المدنيين في مناطق شمال غربي سوريا.
وأشار الصالح إلى أنه تم تدريبهنّ على المسح غير التقني واستخدام معدات المسح كالأجهزة اللوحية، وأجهزة تحديد الموقع والبوصلات لتسهيل عملية البحث والوصول إلى نتائج أكثر دقة في العمل، وسيكون لدى المتطوعات القدرة على القيام بمهام المسح غير التقني وتحديد المناطق الملوثة بمخلفات الحرب، إضافة إلى القدرة على توعية المجتمعات المحلية، وأعطى انضمام المتطوعات لفرق المسح وصولاً أكبر للمجتمعات المحلية وللنساء وللأطفال، وفي المستقبل هناك خطة لتوسيع وجود المتطوعات سواء بدعم فرق المسح غير التقني لزيادة قدراتها، أو حتى بانضمام متطوعات إلى فرق الإزالة.
مخلفات الحرب تتسبب بحالات بتر أطراف
وسبق أن قالت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، إن أطفال سوريا وشعبها "عانوا من مئات حالات بتر الأطراف والإعاقة، بسبب استخدام قوات النظام السوري وروسيا للذخائر العنقودية بشكل كثيف وعلى مناطق واسعة".
وأضافت أن "هذه المخلفات لا تزال منتشرة على نحو كثيف في سوريا، وتشكل عائقاً كبيراً أمام عمليات عودة النازحين، وتحرك عمال الإغاثة والدفاع المدني وآلياتهم، وتشكل خطراً على عملية إعادة الإعمار والتنمية".
وأكدت الشبكة أن الذخائر العنقودية، التي استخدمت طوال السنوات الماضية، سوف تشكل "تهديداً حقيقياً لحياة السوريين، وبشكل خاص أطفالهم"، مشيرة إلى أنه "للتخفيف من فداحة المخاطر فإننا بحاجة إلى مزيد من الدعم اللوجستي لصعوبة توثيق الأماكن التي انتشرت فيها الذخائر العنقودية، بالإضافة إلى زيادة الدعم للمنظمات العاملة في إزالة هذه المخالفات".